احتل المتظاهرون الأوكرانيون الموالون لأوروبا مبنى وزارة الزراعة، ونصبوا حاجزاً جديداً وسط كييف بعد مفاوضات وصفها قادة المعارضة ليل الخميس - الجمعة بأنها «مخيبة» مع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، رغم دعوة الأخير البرلمان إلى عقد جلسة عاجلة مطلع الأسبوع المقبل لبحث وسائل إنهاء العنف. في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية وجود خطة «تهدف إلى قتل متظاهر ضد الحكومة بالرصاص»، مشيرة إلى وجود مخزن يحتوي كمية كبيرة من الأسلحة في مباني بلدية كييف ودار النقابات التي سيطر عليها المتظاهرون. وتحدثت الداخلية عن وجود نحو 20 مجموعة «متطرفة» تعمل في كييف، وعن اعتقال الشرطة أفراد في هذه المجموعات، ومصادرة أسلحة معهم. ودعت المواطنين إلى الامتناع عن أعمال الشغب التي تهدف إلى إشعال حرب أهلية، محذّرة من معاقبة جميع المسؤولين عن ارتكاب جرائم استناداً إلى القانون. وفي موسكو، صرح يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشؤون الدولية، بعد اجتماع عقده مجلس الأمن الروسي وترأسه بوتين، بأن «بلاده لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأوكرانيا، لكن ذلك لا يعني عدم وجود اتصالات بين مختلف المسؤولين في البلدين». وكتب ألكسندر دانيليوك، احد زعماء حركة الاحتجاج المستمرة منذ اكثر من شهرين، على «فايسبوك»: «أدت المفاوضات مع الرئيس إلى تنازلات متواضعة، وبات واضحاً انه يجب ان ننفذ الهجوم الموعود، لذا هاجم ناشطو حركة قضية مشتركة (سبيلنا سبرافا) مبنى وزارة الزراعة التي تقع في جادة كريشتشاتيك على بعد نحو مئة متر من ساحة الاستقلال (ميدان) التي تشكل مركز الاحتجاج». وفيما دعا قائد ثانٍ للمعارضة هو بطل العالم للملاكمة فيتالي كليتشكو المتظاهرين في كييف الى «توسيع ارض ميدان، طالما لا تصغي السلطة إلينا وتسعى الى خداعنا، خصوصاً انها لم تعدنا إلا بإطلاق جميع الناشطين، ووقف الضغط الذي يتعرضون له»، نصب المتظاهرون حاجزاً جديداً بارتفاع ثلاثة امتار على شارع اينستيتوسكا. وأبدى كليتشكو تخوفه من أن يؤدي الجمود الى مزيد من اراقة الدماء، علماً ان 5 محتجين قتلوا، بينهم اثنان برصاص قناصة في الصدامات الدائرة منذ الأحد الماضي». لكن ارسيني ياتسينيوك، زعيم حزب المعارضة المسجونة يوليا تيموشينكو، قال لعشرات آلاف المتظاهرين في ساحة الاستقلال: «ستكون حركتنا محض سلمية، ولن نتراجع». وفي مدينة لفيف القريبة المحاذية للحدود مع بولندا، معقل القوميين المؤيدين لأوروبا (غرب)، احتل متظاهرون مقر المجلس المحلي، وأجبروا الحاكم أوليغ سالو الذي عينه الرئيس يانوكوفيتش، على الاستقالة، كما نصبوا حواجز من إطارات وأكياس رمل في المدينة. ولاحقاً، اكد حاكم لفيف أن استقالته التي وقعها تحت الضغط غير صالحة، وعاد إلى المبنى، لكنه منع من دخوله. كما احتل آلاف المتظاهرين مباني إدارية في مناطق ناطقة بالأوكرانية تؤيد حركة الاحتجاج، بينها تيرنوبيل وريفني وخميلنيتسكي (غرب) وتشيركاسي (وسط)، حيث طردتهم الشرطة واعتقلت نحو50 منهم. وأعلنت المعارضة فقدان ديميتري بولاتوف (35 سنة)، احد قادة حركة الاحتجاج، منذ الأربعاء الماضي، فيما مسؤول آخر في الحركة سيرغي كوبا فرّ من البلاد. وكان عثر على الناشط يوري فيربيتسكي ميتاً وعلى جثته «آثار تعذيب» في ضواحي كييف، غداة خطفه مع الناشط ايغور لوتسينكو الذي ضرب وترك في غابة، لكنه نجا من الموت. وكان لافتاً، تعيين الرئيس يانوكوفيتش احد المتشددين اندريه كليويف رئيساً للإدارة الرئاسية، خلفاً لسيرغي ليوفوتشكين الذي استقال الأسبوع الماضي بعد صدور قوانين تعزز العقوبات ضد المحتجين. في غضون ذلك، اتصل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن هاتفياً بالرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش لحضه على ايجاد «حل سلمي» للأزمة، وأبلغه ان استمرار العنف سيؤدي الى «تبعات» على العلاقات بين واشنطن وكييف. وأبدى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «قلقه واستياءه» من الوضع، وأعلن استدعاء السفير الأوكراني لدى باريس للتعبير عن «ادانة» فرنسا قمع المتظاهرين في كييف، فيما قال إن «صورة رئيس الوزراء الأوكراني نيكولاي آزاروف لم تكن ايجابية في الأيام الأخيرة، بعدما أمرت حكومته قوات الأمن بإطلاق النار على الحشد، وهو امر غير مقبول اطلاقاً». كذلك، استدعت وزارة الخارجية الألمانية السفير الأوكراني في برلين لمطالبة الحكومة الأوكرانية بوقف استخدام العنف ضد المحتجين. وبث الموقع الإلكتروني لصحيفة «اوكراينسكا برافدا» شريط فيديو أظهر اجبار الشرطة الأوكرانية محتجاً اربعينياً احتجزته على خلع ملابسه والوقوف عارياً والثلج يتساقط عليه، في وقت التقط رجالها صوراً له. واعتذرت الشرطة الأوكرانية لاحقاً في بيان عن «هذا التصرف غير المقبول»، معلنة فتح تحقيق في الحادث.