أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات الأمن بالتأهب وتشديد التدابير المتخذة في كل الأقاليم، خصوصاً مناطق الجنوب، بعدما شهدت مدينة فولغاغراد لليوم الثاني على التوالي هجوماً دموياً نفذه انتحاري داخل باص كهربائي، ما أسفر عن 14 قتيلاً و28 جريحاً على الأقل. وكان هجوم انتحاري آخر تضاربت المعلومات حول هوية منفذه، استهدف مدخلاً لمحطة قطارات أول من امس، ما تسبب في مقتل 17 شخصاً وجرح عشرات آخرين. وحوّل التفجيران فولغاغراد إلى مدينة أشباح، إذ خلت شوارعها أمس من المارة وتجنب من اضطر إلى التنقل استخدام وسائل النقل العام، التي غدت «أهدافاً سهلة» للانتحاريين، كما كتب مدون انتقد إخفاقات أجهزة الأمن. وأوضح الناطق باسم لجنة التحقيق فلاديمير ماركين، أن الانتحاري حمل عبوة زنتها 4 كيلوغرامات من مادة ال «تي أن تي» شديدة الانفجار، واحتوت قطع حديد لزيادة الأضرار. وأشار إلى أن سيناريو الهجوم ونوع المتفجرات يدلان على أن «مخططي التفجيرين وضعتهما جهة واحدة». ولفت الناطق إلى أن منفذي التفجير الثاني تعمدوا اختيار زمانه في ساعة الذروة الأكثر ازدحاماً صباحاً، ومكانه لدى اقتراب الباص من منطقة مكتظة تقع في شارع يربط بين سوق شعبي ومركز تجاري. وامتزجت أجواء الحزن في روسيا مع تصاعد حال الاستياء من أداء أجهزة الأمن التي فشلت في توقع الهجمات، ثم أخفقت في التعامل معها، ما دفع الرئيس بوتين إلى استدعاء رئيس هيئة الأمن الفيديرالي نيكولاي باتروشيف وتكليفه متابعة التحقيقات وتدابير الأمن المتخذة شخصياً، وتقديم تقارير يومية إلى الكرملين. وفي محاولة لتخفيف حملات الانتقاد الغاضبة، دعا باتروشيف المواطنين إلى «تفهم الصعوبات التي تواجهها أجهزة الأمن» التي أعلنت أول من امس أنها حددت هوية الانتحارية الداغستانية التي هاجمت محطة القطارات، معلنة وجود «صديقات» لها يتحضرن لشن هجمات أخرى، قبل أن تقول بعد ساعات إن «منفذ الهجوم رجل روسي الملامح، وتتراجع عن رواية الانتحاريات المرجحات اللواتي نُشرت أسماؤهن». ورأى برلمانيون أن السلطات «تعاملت باستخفاف» مع تهديدات أطلقها زعيم الجماعات الانفصالية في منطقة شمال القوقاز دوكو أوماروف في حزيران (يونيو) الماضي، ودعا فيها أنصاره إلى تنفيذ تفجيرات وزعزعة الوضع مع اقتراب موعد تنظيم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي في شباط (فبراير) المقبل. وكانت سلطات الأمن أكدت ثقتها بالتدابير المتخذة، لكن منطقة القوقاز ومدن مجاورة شهدت تصاعداً متواصلاً في الهجمات منذ التفجير الانتحاري الذي نفِّذ في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وصولاً إلى الهجومين الأخيرين في فولغاغراد، التي اعتبر خبراء استهدافها «مفاجأة قاسية للسلطات كونها تقع داخل العمق الروسي، وليست بعيدة من منطقة القوقاز»، و «رسالة دموية تفيد بأن كل المنطقة المحيطة، وبينها سوتشي، تقع ضمن دائرة ضربات الجماعات المتشددة».