لمحت موسكو أمس، إلى احتمال وقوف «جهات خارجية» وراء التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مترو الأنفاق في موسكو أول من أمس وأسفرا عن سقوط 39 قتيلاً، فيما حذرت مصادر أمنية من وجود 30 انتحارياً ربما تسلل بعضهم إلى مدن روسية، «ما ينذر بإطلاق سلسلة اعتداءات مماثلة». وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف خلال زيارته كندا: «لا يمكن استبعاد احتمال حصول منفذي التفجيرين على دعم خارجي»، مضيفاً: «نعلم جيداً وجود مناطق تقع على الحدود الأفغانية - الباكستانية لا تخضع لأي سلطة، وتحولت الى معاقل يتحرك فيها الإرهابيون بحرية، وتشكل منطلقاً لتخطيط عملياتهم ليس في أفغانستان فقط بل في بلدان أخرى». وشدد على أن التفجيرين الجديدين يؤكدان مجدداً أهمية التنسيق والتعاون في مكافحة الإرهاب، وعدم الاستخفاف بإجراءاته عبر تتبع اثر التمويل الذي يدعم الإرهاب في العالم. واتهمت أجهزة الأمن الروسية جماعات متشددة في القوقاز بتدبير تفجيري المترو في موسكو، معتبرة أن العملية المزدوجة جاءت «رداً على اغتيال قياديين إرهابيين بارزين بينهم زعيم الانفصاليين في القوقاز سعيد بورياتسكي مطلع الشهر الجاري»، والذي يعتقد بأنه وقف خلف سلسلة تفجيرات دموية استهدف أحدها قطاراً سريعاً يربط موسكو بمدينة سانت بطرسبورغ العام الماضي. وكشفت الأجهزة أن بورياتسكي، واسمه الأصلي الكسندر تيخوميروف، جند حوالى 30 من سكان الشيشان وأنغوشيا لتنفيذ تفجيرات انتحارية، مشيرة الى أن تسعة منهم نفذوا اعتداءات انتحارية أخيراً، مرجحة توجه عدد منهم إلى موسكو للانتقام لمقتل قائدهم، «ما يعني أن التفجيرين في مترو أنفاق موسكو يمكن أن يمهدا لسلسلة تفجيرات تستهدف مدناً أخرى، خصوصاً أن زعيم الحركة الانفصالية في القوقاز دوكو اوماروف هدد قبل شهور بنقل الحرب إلى أنحاء روسيا». وفيما سربت أجهزة الأمن تفاصيل جديدة تشير إلى احتمال تكرار الهجمات الدموية في موسكو ومدن روسية أخرى، خيم الذعر في البلاد، ما حتم دعوة خبراء نفسيين وسائل الإعلام إلى المساعدة في تهدئة الموقف وضبط النفس، وعدم التسرع في نشر معلومات غير مؤكدة. لكن بدا أن وسائل إعلام حصلت على تفاصيل دقيقة بينها اعتقال ثلاثة أشخاص في حوزتهم متفجرات جنوبموسكو، وإخلاء مبانٍ سكنية وسط العاصمة بعد الاشتباه في زرع متفجرات أسفل باص صغير تابع للشرطة. في غضون ذلك، استعد الكرملين بطلب من الرئيس ديمتري ميدفيديف لاقتراح تعديل قانوني آخر يجيز إعدام مدبري الاعتداءات الإرهابية، وهي العقوبة المجمدة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. ولفتت الانتباه دعوات الى ملاحقة أهالي المقاتلين الذين سقطوا خلال الشهور الأخيرة، ما أثار استياء منظمات حقوقية تخوفت من تدهور الأوضاع الإنسانية في القوقاز. وأعلن مدفيديف أن روسيا ستواصل العمل العسكري ضد الإرهاب، مع تأكيد السعي إلى تحسين الوضع المعيشي لمواطني القوقاز، والعمل على تجفيف منابع الإرهاب من خلال حل مشاكل المنطقة. أما رئيس الوزراء فلاديمير بوتين فصرح بأن المتواطئين والمنظمين اختبأوا، «ما يجعل إخراجهم من أوكارهم وحتى من المجاري مسألة شرف بالنسبة الى قوات الأمن». ويشتهر بوتين بلغته المتشددة حيال الإرهابيين. ووعد في أيلول (سبتمبر) 1999 قبل اندلاع الحرب الروسية – الشيشانية الثانية ب «مطاردة الإرهابيين وقتلهم حتى في المراحيض».