أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف خلال زيارة مفاجئة لجمهورية داغستان شمال القوقاز أمس، ضرورة توجيه «ضربات وقائية استباقية للمجرمين الذي نريد ان نعاقبهم»، في وقت قتل متشددان في الجمهورية ذاتها اثر انفجار سيارة مفخخة استقلاها لتنفيذ اعتداء. ويأتي ذلك غداة سقوط 12 قتيلاً بينهم 7 شرطيين في تفجيرين جاءا بعد يومين من العمليتين الانتحاريتين في العاصمة موسكو. وأعلن الرئيس الروسي خلال لقائه قادة عسكريين ومسؤولين محليين في العاصمة الداغستانية محج قلعة، تشديد التدابير المتخذة لمواجهة «النشاط الإرهابي» لتشمل «آليات قاسية وحازمة جداً». وطالب العالم بإظهار حزم اكبر في التعامل مع التهديدات الإرهابية. وحدد مدفيديف خمسة عناصر أساسية لمكافحة الإرهاب في شمال القوقاز، هي: «تعزيز أجهزة الأمن، وتوجيه ضربات قاصمة للإرهابيين والقضاء عليهم وتدمير ملاجئهم، وتقديم المساعدة لمن قرر منهم قطع علاقته بالمجرمين، وتطوير الاقتصاد والتعليم والثقافة، ودعم الأسس الأخلاقية والروحية لدى الناس». واعتبر أن توافر كل هذه العناصر معاً «شرط أساسي» لتحقيق النجاح. وأكد مدفيديف ضرورة إقامة علاقات وثيقة بالزعماء المسلمين المحليين، والعمل على تعزيز موقعهم وهيبتهم لتحسين وسائل مكافحة التشدد. ودعا قطاعات المال والأعمال إلى ضخ استثمارات في منطقة القوقاز، «لأن مفتاح نسف النشاط الإرهابي في القوقاز يتمثل في إيجاد حل شامل للقضية وتسوية المشاكل الاقتصادية والاجتماعية»، علماً أن جماعات لحقوق الإنسان ترى أن سياسيات الرئيس السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين في شمال القوقاز فشلت في التعامل مع الأسباب الجذرية للتمرد الإسلامي. وفي أول إشارة رسمية إلى وجود معتقلين يشتبه بتورطهم في التفجيرات، أعلن رئيس هيئة الأمن الفيدرالية ألكسندر بوتنيكوف أن المحققين حددوا هوية المنفذين، ووصلوا إلى أشخاص شاركوا في تخطيط الهجمات يستجوبونهم حالياً. وأشار إلى انه ثبت ضلوع جماعات مسلحة محددة تنشط في شمال القوقاز في العمليات. وكان زعيم الانفصاليين الشيشان دوكو أوماروف أعلن في شريط مسجل مسؤوليته عن اعتداءي مترو موسكو، وقال إنهما «جاءا رداً على قتل الروس مدنيين في الشيشان الشهر الماضي». ولفت خبراء روس إلى أن الهجمات الدموية الأخيرة، يمكن أن تؤدي إلى انفجار الوضع مجدداً في شمال القوقاز، على رغم تأكيد موسكو عدم امتلاك الجماعات المتشددة الناشطة في المنطقة قدرات كافية لتهديد الاستقرار العام. وربط مراقبون توقيت التصعيد الذي اعتبر «خطوة نحو جر موسكو إلى حرب جديدة» ب «تدخل خارجي» يهدف إلى الضغط على روسيا في ملفات عدة بينها الوضع في أفغانستان الذي «طرحته موسكو بقوة أخيراً على طاولة البحث». ولمحوا أيضاً إلى أن أجهزة الأمن الروسية تدرس حالياً «احتمال وجود إصبع جورجي في التصعيد الأخير»، بعد ظهور مؤشرات إلى ذلك. على صعيد آخر، انتقدت موسكو بعنف التصريحات التي أدلى بها عضوا الكونغرس الأميركي بنجامين كاردين وألسي هاستينغس في شأن تفجيري مترو الأنفاق في موسكو، ووصف الناطق باسم الخارجية أندريه نيستيرينكو هذه التصريحات بأنها «ليست في محلها، وتمس مشاعر ملايين من الروس». وكانت لجنة في الكونغرس الأميركي اعتبرت في بيان أن «مهندسي السياسة الروسية في شمال القوقاز لا يتنقلون في مترو الأنفاق، وأن العمليتين الإرهابيتين اللتين نفذتا سلطتا الضوء على ضرورة وقف العنف والقضاء على الفقر في الشيشان والأقاليم المجاورة». وهاجم الديبلوماسي الروسي ما وصفها بأنها «أقوال وتأملات خرقاء ليست في محلها ولا تستحق التعليق، مضيفاً: «سندع أصحاب هذه التأملات والاستنتاجات يواجهون ضمائرهم، علماً أن أقوالهم تتعارض مع رأي الأسرة الدولية التي ندد ممثلوها بالهجمات، وبينهم الرئيس الأميركي باراك اوباما».