انتقد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة مطالبات بعض من ينتمون إلى النخب المثقفة، بتدخل الوزارة في تعيين مسؤولي الأندية الأدبية، في ظل وجود الانتخابات التي وصفها ب«الديموقراطية الحقيقية»، موضحاً أن أمله كان في النخب المثقفة بالنجاح في هذه التجربة لتوسيع التجربة الانتخابية بصورة أكبر. واستغرب خوجة من سؤال يطالب فيه بتعيين مسؤولي الأندية الأدبية بدلاً من صعود أشخاص ليس لهم نتاج ثقافي. وقال خلال تكريمه في إثنينية عبدالمقصود خوجة أول من أمس، إن النخب المثقفة كانت تطالب بالانتخابات وعدم تدخل الوزارة في شأن الأندية الأدبية، «ولا بد أن توجد تجربة للانتخابات ونبدأ بخوضها في النخبة الثقافية، فكيف تسقط الانتخابات بين أوساط النخب الثقافية؟ نحن نفكر في الانتخابات بصورة أكبر». وأضاف: «كان الأمل في النخبة المثقفة أن تنجح في تسهيل الانتخابات بالطريقة الصحيحة، ولا أستطيع أن أرفض نتائج انتخابات تمت بصورة ديموقراطية وصحيحة. خضنا تجربة الانتخابات بشجاعة فبدأنا بالتجربة، ونتيجة الانتخابات هي فلسفة الديموقراطية الصحيحة، ولا نتدخل في هذا الموضوع، وتركنا الجمل بما حمل للمثقفين، وتأتيني شكاوى على نتائج الانتخابات كون بعض الأشخاص ليسوا من أهل الثقافة، لكن هؤلاء من انتخبوا وليس لي علاقة. دخلنا تجربة الانتخابات بتحدٍ، والوزارة لا تتدخل على الإطلاق، ولا بد من أن ننتظر نتائج هذه التجربة». وعن المطالب بإقامة معرض للكتاب في مدينة جدة، أوضح وزير الثقافة والإعلام أن معارض الكتاب مخصصة للعواصم العربية مثل معرض بيروت والدوحة والقاهرة، وأن هذه الخطوات متفق عليها دورياً في عواصم الدول العربية، لذا معرض الكتاب في الرياض، وبات من أهم المعارض العربية، وهو حتمي ومكلَّفة به الوزارة، وتوجد فيه تسهيلات حتى في الجوانب الرقابية، مستدركاً: «كون أي مدينة تريد أن تقيم معرض كتاب، فلا يمنع أي مدينة أن تنظم جهات دور النشر معرض كتاب في جدة أو غيرها بالتعاون مع الوزارة سنوياً. في كل مدينة مستعدون أن نقيم معرض كتاب ولا أحد يستطيع منعه». واعتبر خوجة الشتم والتشكيك في مواقع التواصل الاجتماعي حقيقة تواجه الدولة، «أحياناً نقول إننا صدمنا من ثقافة المجتمع، ولكنها تجربة مبتدئة ولا بد من أن نعطيها فرصة، وكل شخص بات يملك وزارة إعلام لوحده على جميع الطبقات، يجب أن نعترف أننا لسنا في المدينة الفاضلة، فمجتمعنا مليء بالمتناقضات، وهذه طبيعة أي مجتمع، وأن الوزارة مسؤولة عن الصحف الإلكترونية وتوجد جهات معنية ببقية الوسائل مثل «تويتر»، وليس للوزارة علاقة بالجرائم المعلوماتية». واعترف خوجة بأن الثقافة مظلومة في تاريخها، لأنها كانت مرتبطة مع جهات تأكل ما يخصص للثقافة ومنها وزارة الإعلام، وأن كل البرامج التي تخصصها للثقافة تذهب للإعلام، ولا يبقى إلا النزر القليل، مؤكداً أنه بعد إنشاء الهيئات الإعلامية تستطيع الوزارة تحقيق الشيء الكثير للقسم الثقافي في الموازنة المقبلة. وأكد عدم وجود حدّ للإبداع، وأنه إذا شعر المبدع لحظة بشيء يحده فسينتهي إبداعه، «فالحرية مهمة، فلا شِعر من دون إبداع ولا إبداع من دون حرية»، مبيناً أنه لا توجد قوانين تمنع المرأة السعودية من تولي مناصب قيادية في المؤسسات الصحافية، وأن الأمر متروك برمته لإدارات المؤسسات، وأن الكفاءة عادة هي الفيصل، «لا أفرق بين النساء والرجال.. الكفاءة هي الفيصل». وأوضح أن الوزارة ليست معنية بحماية الصحافيين التابعين للمؤسسات الإعلامية، على رغم رفضها أي تجاوز يصدر ضدهم، محملاً المؤسسات الإعلامية وهيئة الصحافيين مسؤولية حماية الصحافيين، ومتسائلاً عن دور الأخيرة: «أين ذهبت هيئة الصحافيين عن هذا الأمر؟ يجب على هيئة الصحافيين أن تفعِّل دورها ومن واجباتها حماية أي صحافي في السعودية». وتحدث خوجة في أمسية تكريمه التي استمرت إلى منتصف الليل عن مراحل من حياته ونشأته إضافة إلى محطاته الخمس. وقال: «أنجزنا الكثير، ومنه انتخابات الأندية الأدبية ودخول المرأة لأول مرة ناخبة ومنتخبة، وإطلاق عدد من القنوات وتراخيص البث الإذاعي، وإنشاء لائحة النشر الإلكتروني حتى رخص ل700 صحيفة إلكترونية، وإنشاء هيئات للإعلام»، مشيراً إلى عدم وجود تعارض مع الأندية الأدبية وإنشاء رابطة للأدباء. أبومدين: الثقافة باتت رخيصة وفي المداخلات انتقد الرئيس الأسبق للنادي الأدبي في جدة عبدالفتاح أبو مدين حال الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون، واصفاً إياها بالفقيرة التي تعاني الشح في الدعم المادي، منذ عهد الرئاسة العامة للشباب حتى وزارة الإعلام بوزرائها الثلاثة، وهي على الحال نفسه. وقال أبو مدين: «أستأذن معاليه بلفت نظر غير خاف عليه لحالي الأندية الأدبية والثقافية وجمعية الثقافة والفنون، لماذا تكون الثقافة أرخص سلعة في الحياة؟ أرجو أن ينقل خوجة صوتنا إلى خادم الحرمين وولي عهده بأن يتفضّلا بدعم الأندية الثقافية والأدبية، لأن الأندية والجمعيات يعانيان الشح المادي في وطن أنعم الله عليه فأفاض، فلماذا تكون الثقافة أرخص سلعة في الحياة؟». من جهته، انتقد الكاتب عبدالله مناع غياب اهتمام الوزارة ب«المسرح والسينما»، مطالباً الوزير خوجة بمعالجة الإشكالات حول أعمدة الثقافة، وأن يحل الإشكال مع الجهات الدينية لتمسكها برأيها القديم الذي يقضي بتحريم المسرح والسينما. وقال مناع إن السعودية بلد لا تعترف بالمسرح ولا السينما على رغم وجود شباب يقدمون المسرح والسينما، مضيفاً: «نحن لا نقدم المسرح سوى في المناسبات، فحين ندعى للمهرجانات نقدم مسرحيات فقط للقول إن لدينا مسرحاً، وكذلك الحال في السينما، فنحن نعرض أعمالنا في الخارج ولا نعرضها في الداخل». وتابع: «المهرجان السادس للسينما في جدة أغلق، لا بد على الوزير خوجة من أن يعمل شيئاً تجاههما، المسرح غائب ونتحدث عنه ونتطاول في الحديث لأننا نبالغ في أكاذيبنا، ولا بد من حل الإشكال مع الجهات الدينية لأنها لا تزال على رأيها القديم، وثابتة على موقفها في تحريم المسرح والسينما، نحن لسنا في دولة دينية، نحن بحاجة إلى مخاطبة الآخرين بغير اللغة التقليدية».