على رغم تقديمه للاستقالة، قبل نحو شهرين، احتجاجاً حسبما صرح وزملاؤه في المجلس، على موقف وزارة الثقافة والإعلام تجاه معالجة بعض شؤون الأندية الأدبية، يبدو أنه لا يزال في جعبة الرئيس السابق لنادي الشرقية الأدبي جبير المليحان، المزيد من التحفظات على الوزارة، الأمر الذي يدفعه إلى أن يصف أداءها ب«التخبط». ويسوق الأدلة للبرهنة على ذلك، مطالباً ب«إلغاء وكالة الوزارة للشؤون الثقافية بأكملها»، معتبراً من جهة أخرى، تقديمهم للاستقالة بأنه «تعبير عن موقف ثقافي». وأكد المليحان في حوار ل«الحياة»، أن مجلس إدارته طوال خمسة أعوام، لم يسع إلى أخذ موافقة إمارة المنطقة على الفعاليات التي كان يقيمها في مقره، مؤكداً أيضاً، أن النادي قام برسم فعالياته، وأنشطته، وبرنامج النشر الأدبي، والثقافي، ومجلة دارين بناء على حصيلة الحوار العام الذي أقامه المجلس - بعد تعيينه - مع أدباء ومثقفي المنطقة، معرباً عن أسفه لإيقاف نادي السينما السعودي»، مشبهاً دعم القطاع الخاص المحلي للثقافة ب«العنقاء»، التي لم يرها يوماً، معبراً عن عدم تفاجئه بأسماء تشكيلة المجلس الجديد. فإلى تفاصيل الحوار: { الدمام - شمس علي بعد سنوات من العمل الثقافي في نادي الشرقية الأدبي، ميزت تاريخ هذا النادي، هل يمكن الحديث عن ذلك الانسجام، إذا صح القول، بين أعضاء مجلس الإدارة المستقيل، وعن الرؤى التي كنتم تتطلعون إليها وحققتم الكثير منها؟ - كان من حسن حظي أن كنت مع قامات ثقافية عالية، يملكون التجربة الأدبية، والثقافية، والإعلامية، والإدارية، والأكاديمية المتخصصة، برؤى تتفق لتختلف، وتختلف لتتفق. كانت رؤيتهم الثقافية جداول صبت في نهر مشروع النادي الثقافي، وبرنامجه الأدبي، بلجانه، وفعالياته، وأمسياته، ومطبوعاته. رجالاً ونساء مثلوا طموحاتهم، وطموحات الأدباء والمثقفين. لقد تعلّمنا قيمة تعدد الآراء، واكتسبنا مهارة احترام رأي الأغلبية، حتى صار دستوراً لكل قرارات المجلس. وأحاطنا جمهور النادي ومحبوه بالرأي والمشاركة، ودفع بسقف ما يقدمه النادي بما يتماشى مع طموحات المثقفين. جمع ذلك المجلس نخبة المثقفين في المنطقة، والذين يعبرون أيضاً عن مرئيات ووجهات نظر مختلفة لكنها أيضاً تصب في إنجاز ثقافة جديدة تستوعب الحراك الأدبي والثقافي الحاصل، إلى أي حد كان النادي يستشرف رؤى التغيير؟ وفي الوقت نفسه كيف طبق مجمل مقترحات التغيير التي كان يبشر بها الدكتور عبدالعزيز السبيل؟ - (مجموعة العشرة)، أدباء ومثقفون لكل واحد تجربته في الثقافة والأدب والحياة، وصبت كل هذه التجارب في برنامج النادي، بعد أن شارك فيها معظم مثقفي المنطقة، من خلال الاجتماعات المفتوحة، أو الحوارات المتواصلة، والتي تتم في مبنى النادي قبل وبعد كل أمسية، وفي معظم أيام الأسبوع، حيث لم يتوقف النادي عن الحركة والنشاط طوال أربع سنوات، ولم يمر أسبوع إلا ونفذ فيه أكثر من فعالية. وقد اغتنى النادي، ورفد برنامجه بما تقدمه شرائح الزائرين من أفكار وتطلعات تطالب بالجديد دائماً، ولا ترضى بغير التغيير. وكان مجلس الإدارة يرى أن دوره هو ترجمة رؤى المثقفين، وتحويلها إلى فعل ثقافي. وأعتقد - شخصياً - أن نادي المنطقة الشرقية الأدبي، قد استوعب - في أنشطته - معظم الأفكار الطليعية التي طرحها الأدباء، والمثقفون؛ خصوصاً الجيل الشاب منهم. أما الرجل الرائع الدكتور عبدالعزيز السبيل، فقد كان داعماً بشكل كبير لبرامج النادي، ولا أذكر أنه رفض دعم برنامج ثقافي تقدمنا به طالبين الدعم. كان دور وكالة الثقافة ينحصر في تقديم العون، دون أن تتدخل في أنشطة وبرامج النادي، كنا نعمل باستقلال تام. وأعتقد أن هذه الرؤية المتقدمة شملت جميع الأندية. قمتم بما لم يقم به أندية كان يتوقع أن تنهض بدور حيوي من أجل الثقافة الجديدة، لكنها لم تستوعب الدرس وتفيد من منجزكم، هل كان يعنيك الأمر أن تقدموا ما لم تقدمه الأندية الأخرى، بمعنى هل كنتم في حال من المنافسة حتى وإن كانت بين بعضكم البعض؟ - تم رسم فعاليات النادي، وأنشطته، وبرنامج النشر الأدبي، والثقافي، ومجلة دارين بناء على حصيلة الحوار العام الذي أقامه المجلس - بعد تعيينه - مع أدباء ومثقفي المنطقة، رجالاً ونساء. ومضى النادي في التنفيذ، معدلاً، ومطوراً بناء على النقاشات والمقترحات التي يتقدم بها الأدباء خلال تلك الفترة، وبناء على ما يلمسه المجلس من أهمية للموضوعات الثقافية، التي يدور حولها النقاش في المجتمع السعودي، أو حتى الخليجي، والمناسبات الأدبية المهمة التي تمر بشكل دوري على المستوى العربي أو العالمي. صحيح أن المجلس يسعد عند رؤية أنشطة مميزة في أندية أخرى، لكن نادي المنطقة الشرقية الأدبي لم يبخل بتزويد الزملاء الأصدقاء في بعض الأندية بما يطلبونه من برامج أو أنظمة. حيث كان التعاون قائماً بعيداً عن المنافسة. أدخلتم السينما وهي محظور خطير، وقدمتم أفلاماً أوروبية وإيرانية، مثيرة للجدل، بمعنى أنكم لم تقدموا سينما عادية، إنما أيضاً انحزتم إلى نوع من السينما طليعي في ما يقترحه من أفكار ورؤية سينمائية، أيضاً نظمتم أمسيات شعرية غنائية نوعية فعلاً، إضافة إلى تعميق النشر المشترك وأصدرتم كتباً جيدة متنوعة لأسماء مكرسة وأخرى شابة، ... كل ذلك يعني أنه في الإمكان تقديم شيء مختلف، ما تعليقك؟ - لا يمكن أن يكون النادي مؤسسة ثقافية إذا اكتفى بالسائد والمكرر ، وقد عكس نادي الشرقية الأدبي، بقدر ما توافر له من إمكانات، تطلعات جمهوره وأمانيه. ومن الملاحظ وجود حركة شابة ونشطة في المنطقة الشرقية ، وجدة والرياض ومناطق أخرى من المملكة لإنتاج الأفلام القصيرة ، ولذلك تبنى النادي برنامج عرض أفلام ثقافية منتقاة ، تتفحصها أولاً لجنة رباعية، ثم تعرض للجمهور. كانت قاعة الفعاليات تغص بالشباب عند عرض أي فلم ثقافي، وقد أفضت هذه الفعاليات بالتعاون بين نادي الشرقية الأدبي وجمعية الثقافة والفنون بالدمام عن إقامة مسابقة أفلام السعودية الأولى التي رعاها الوزير السابق الأستاذ إياد مدني، والتي كان لها أصداء كبيرة داخل المملكة وخارجها. كما تم بين النادي والجمعية إنشاء (نادي السينما السعودي)، ليهتم بتدريب الشباب الطالع، لكنه أوقف. ويمكن أن تنسحب هذه الرؤية على الأمسيات الأدبية والفنية والموسيقية، وبرنامج النشر، إذ أولى النادي العناية بإبداع الشباب. في تعليق له قال عضو مجلس الإدارة أحمد الملا إن النادي لم يكن يرجع إلى إمارة المنطقة أو هيئة الأمر بالمعروف لإجازة نشاطاته، وهذه من الأمور الفريدة، فمعظم الأندية ترجع إلى هاتين المؤسستين، هل تعتقد أن النادي أي ناد يمكنه أن يحرر نفسه من بعض القيود، طالما أن الآخر، الإمارة أو الهيئة ، لا يفرضها أو عليها؟ - النادي بحسب تعريفه (مؤسسة اعتبارية مستقلة مادياً وإدارياً) و مرجعها (الداعم، وليس الإداري ) هو وزارة الثقافة والإعلام. وباعتبار النادي إحدى مؤسسات المجتمع المدني، فإنه ينفذ برامجه بحسب رؤية مجلس إدارته الذي ينفذ برنامج الجمعية العمومية في حالة وجودها. وما حصل، طوال السنوات الخمس أن النادي لم يستأذن جهة ما إذا أقيمت الفعالية في مقره. أما ان أقيمت في مكان خارج المقر فالجهة التي سننفذ فيها النشاط تشترط علينا الحصول على إذن من إمارة المنطقة الشرقية. هل توقعتم الصدى الذي رافق استقالتكم، وهل توقعتم أيضاً أن تنتفض وزارة الثقافة بسرعة وتتدارك الوضع بخصوص الانتخابات وحث الأندية على سرعة تشكيل الجمعيات العمومية استعداداً للانتخابات، وهل تعتقد أن الانتخابات يمكن أن تنفذ فعلاً؟ - لم يكن يعنينا كثيراً أن تنتفض الوزارة ، باعتبار أن موقفها كان واضحاً لنا خلال سنتنا الخامسة. كنا نعبر عن موقف ثقافي بقناعة تامة. وكنا نتوقع أن يكون لهذا الموقف صدى لدى المثقفين والأدباء المنخرطين في المشهد الثقافي ؛ سواء من هم داخل الأندية أم خارجها. أما انتفاضة الوزارة، وحثها للأندية الأدبية، على تشكيل الجمعيات، فهي خطوة تدل على تخبط وكالة الوزارة للشؤون الثقافية في رؤيتها للموضوع كاملاً. فقبل رمضان جمدت الوكالة اللائحة الأساسية، ولائحة الانتخابات بشكل رسمي، وبعد العيد (تحث) هذه الوكالة الأندية على عقد جمعياتها! والآن: تتجه وزارة الثقافة والإعلام للتمديد لمجالس إدارات الأندية الأدبية لنهاية العام الهجري الحالي، وتكوين لجنة خماسية لإعادة صياغة اللائحة التنظيمية للأندية الأدبية، كما كشف وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة، في لقائه مع رؤساء الأندية الأدبية، على هامش ملتقى نادي القصيم الأدبي السنوي. ما هذه الرؤية؟ ألا يمكن لوزير الثقافة والإعلام وهو الأديب المعروف برؤيته ومواقفه أن ينتشل الثقافة والأندية من هذا التخبط؟ وأن يعالج كل ما يتعلق بالشأن الثقافي بشكل جذري؟ إنني أتقدم إليه باقتراح إلغاء وكالة الوزارة للشؤون الثقافية كاملة، والاكتفاء بمكتب ارتباط متصل بمعاليه مباشرة يشرف على أمور الأندية وجمعية الثقافة والفنون، كما كان الوضع في رعاية الشباب سابقاً.