قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل «الحياة» إن جهوداً أميركية تُبذل حالياً للتحضير لمؤتمر «جنيف 2» حول سورية، وتحديداً لتشكيل وفد المعارضة الواسع المقرر أن يشارك فيه. وأوضحت المصادر أن الإدارة الأميركية تُجري اتصالات مع أركان المعارضة السورية وأن سفير الولاياتالمتحدة في سورية روبرت فورد يقوم بعمل مستمر وكبير على هذا الصعيد. وكشفت المصادر أن لندن استضافت في الساعات الماضية اجتماعاً بين ممثلي «الدول ال 11» (النواة الأساسية لمجموعة أصدقاء سورية) و «الائتلاف الوطني» المعارض للتحاور حول موضوع «جنيف 2». وأضافت أن روسيا أُبلغت أن قدري جميل، نائب رئيس الوزراء المعزول، غير مقبول كمشارك في إطار وفد المعارضة إلى «جنيف 2»، لكن لا مانع من أن يكون ضمن الوفد الذي يمثّل النظام. وأوضحت المصادر أن روسيا «تريده كممثل من بين ممثلي المعارضة» لكن الولاياتالمتحدة أبلغتها أنه لا يمكن أن ينضم إلى وفد المعارضة. وتابعت المصادر أن الإدارة الأميركية تجري اتصالات مع مختلف الشخصيات المعارضة المعتدلة للاستماع إلى رأيها من أجل التوصل إلى تشكيل الوفد الذي سيكون في مقابل وفد النظام الذي سيتفاوض مع المعارضة في «جنيف 2». وقالت إن شخصيات معارضة مثل هيثم مناع «غير مقبولة» لتكون في إطار وفد المعارضة، ولذلك فإنها لن تكون مدعوة لتحضر مع الوفد المعارض إلى جنيف. وأكدت أن الاتصالات مستمرة مع معارضين مثل ميشيل كيلو وبرهان غليون وعارف دليلة، وأن التمني أن يكون في إطار وفد المعارضة نساء من الناشطات السوريات. وأوضحت المصادر أن الإدارة الأميركية لم تغيّر موقفها من «جنيف 2» الذي تعتبر أن هدفه التوصل إلى عملية انتقالية في سورية من دون الرئيس بشار الأسد. لكن المصادر تابعت أن توصية الإدارة الأميركية إلى أصدقائها في المعارضة السورية هي أن يذهبوا إلى جنيف من دون شروط مسبقة برحيل الأسد، وأن هذه التوصية تقوم على «هدف عملي» هو عدم تقديم مبرر للأسد كي لا يرسل وفداً يمثّل النظام للتفاوض على تشكيل الهيئة الانتقالية التي ينبغي أن تأخذ منه كل سلطاته. واعتبرت المصادر أن الانطباع الذي يقول إن الأسد يكسب المعركة الآن هو انطباع خاطئ، إذ إنه لا يسيطر على جزء كبير من بلده. وتابعت أن الرئيس السوري يعتقد أنه يكسب لأنه تمكّن من البقاء، وأن تقدّم الحركات الجهادية والمتطرفين غيّر الموقف الروسي الذي كان يقول منذ سنة إنه ليس بحاجة إلى بقاء الأسد ولكنه يريد ضمانة أن سورية لن تتحول إلى دولة إسلامية متشددة، بينما ما يحصل الآن على الأرض يصعّب مهمات المعارضة المعتدلة. وقالت إن الإدارة الأميركية وروسيا لديهما مصلحة مشتركة لجهة تشكيل قوة معتدلة تشارك الجيش السوري في منع وقوع سورية في أيدي المتطرفين والارهابيين. وأكدت أن الإدارة الأميركية ما زالت تدعم رئيس هيئة الأركان في «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس وتثق به. وقالت إن واشنطن قامت بتعليق المساعدة العسكرية للمعارضة بعدما احتلت «الجبهة الإسلامية» مستودعاً ل «الجيش الحر» على الحدود السورية مع تركيا، ولكن على رغم ذلك فإن إدارة الرئيس أوباما «مستمرة في دعم إدريس». وعن الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي الذي رأت باريس انه «يهملها» وانه يحصر محادثاته فقط بالروس والأميركيين، فقد وصفته المصادر بأنه مسؤول جدير بالثقة والاحترام وأنه يقوم بعمل جيد في ظروف صعبة جداً، مشيرة إلى أنه يتعرض للانتقاد من النظام والمعارضة و «هو يبذل جهوداً يُثنى عليها». وعن سبب عدم لقاء الإبراهيمي ورئيس الحكومة المعارضة أحمد طعمة عندما كانا في اليوم نفسه في باريس، رأت المصادر أنه في المرحلة الحالية يجب تجنّب الإرباك ضمن المعارضة قبل التوصل إلى تحديد الوفد النهائي الذي سيشارك في مؤتمر السلام. ولفتت إلى أن هناك «المجلس الوطني السوري» و «الائتلاف» و «الحكومة الانتقالية» ومؤتمر جنيف هدفه هيئة انتقالية مع جميع السلطات «فينبغي ألا يتم تعقيد المسار التحضيري لتشكيل وفد المعارضة إلى المؤتمر... وهذا ما يتم عمله حالياً في هذه المرحلة من الآن وحتى 22 كانون الثاني (يناير)»، موعد «جنيف 2». إلى ذلك، قال مصدر عربي مطلع على الملف السوري والمعارضة السورية، إن روسيا تريد إلى طاولة المفاوضات ممثلين للمعارضة مثل قدري جميل وعلي حيدر «لكنهما من النظام»، موضحاً أن «الائتلاف» السوري يريد أن يأتي هو بأعضاء وفد المعارضة لأنه يرى أن من المهم أن يتمثّل بوجهة نظر موحدة خلال المفاوضات. وعن القرار الأميركي بوقف الدعم المسلّح إلى المعارضة، قال المصدر إن اللواء إدريس لم يتلق منذ أربعة شهور أي سلاح من الأميركيين الذين يقولون إنهم يدعمونه، مشيراً إلى أن السلاح الذي كان يتلقاه إدريس كان يأتي من دول عربية. وقال المصدر: «اليوم هناك الفريق المتطرف في المعارضة -«النصرة» و «داعش» (الدولة الاسلامية) و «الجبهة الإسلامية»- لا يريد «جنيف 2»، وعلى الأرض «الجيش الحر» يواجه النظام و «النصرة» و «داعش» و «حزب الله» (اللبناني)». وكشف المصدر أن «الائتلاف» سيطلب من «الدول ال 11» في لندن (يُفترض أن يكون الاجتماع قد عُقد) أن «يكون للائتلاف سيطرة على هيئة الأركان وأن يوقف بعض الدول دعمه للقوى الإسلامية على الأرض».