قال السفير الأميركي في سورية روبير فورد في مقابلة مع «الحياة» إن الولاياتالمتحدة ستتعاون مع الحكومة السورية الموقتة «بنفس الطريقة التي تتعامل فيها» مع الائتلاف الوطني السوري المعارض لكنه تساءل عن توافر الأطر والآليات اللازمة لإنشاء مثل هذه الحكومة. ورأى فورد أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد «يفقد سيطرته تدريجياً على الأرض» وان الأسد سيبقى على اعتقاده بأنه يربح «إلى أن يصل الجيش الحر إلى باب قصره». وعبر عن اعتقاده بأن الحل العسكري سيحسم الوضع بالنهاية لصالح المعارضة خلال فترة لا يمكن التكهن بطولها ولكن بثمن باهظ، مشيراً إلى أن الجانب الأميركي كان يفضل على ذلك الحل السياسي الذي يؤدي إلى تنحي الأسد وإنشاء حكومة انتقالية لتسيير الوضع، معتبراً جبهة النصرة أقلية في صفوف المعارضة. وهنا نص المقابلة: هل بإمكانك توضيح سياسة الولاياتالمتحدة إزاء المعارضة السورية لأن يبدو لنا أنها سياسة مبهمة خصوصاً أن البعض يقول إن الإدارة الأميركية تضغط على بعض الدول العربية كي لا تقدم الدعم إلى المعارضة السورية؟ وأنت كنت أساسياً في الدفع لتشكيل الائتلاف المعارض الذي لم يحصل بعد على الدعم المنشود؟ - أولاً أرجو أن يفهم الجميع أن الائتلاف السوري المعارض هو بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة الممثل الشرعي للشعب السوري. ومن يقول إن الإدارة الأميركية لديها مخطط لتعطيل الدعم للائتلاف يصدق حكايات غريبة ربما تأتي من النظام السوري أو من أشخاص يريدون نسف الائتلاف. نحن نؤيد الائتلاف المعارض وقدمنا الدعم والمساعدة له لإنشاء مركز والمساعدة على تدريب أعضائه وتقديم معدات غير عسكرية له. وقدمنا المساعدة لفريق التنسيق بالتعاون مع نائبة رئيس الائتلاف سهير الأتاسي ونعمل على تقديم الدعم لوحدات تنسيق المساعدات للائتلاف وقد أعلنا مثلاً الأسبوع الماضي عن خطة لإرسال الطحين لمخابز في حلب. لقد عملنا ذلك بالتنسيق مع قوى الائتلاف ووحدة سهير الأتاسي لتنسيق المساعدات تحدثنا مع الائتلاف لمعرفة ما هي الحاجات الملحة لإرسالها لسورية. فمن يقول إن الإدارة الأميركية تشكك بالمعارضة السورية أو لا تساعدها لا يفهم الواقع والحقيقة. لقد سمعت أن الرئيس أوباما لم يشجع الرئيس الفرنسي على دفع المعارضة السورية لتشكيل حكومة انتقالية فكيف تبرر ذلك؟ - المسألة ليست أننا ضد الحكومة الانتقالية ولكنها مسألة بالغة الجدية ونعتقد أنه إذا أعلنت المعارضة السورية عن تشكيل حكومة موقتة سنعمل معها بنفس الطريقة التي نعمل فيها مع الائتلاف المعارض. ولكننا أيضاً قلنا لأصدقائنا في المعارضة أن وحدتهم مهمة جداً والوحدة التي توصلوا إليها في الدوحة في رأينا إنجاز كبير. فنحن لا نريد أن يهدد هذه الوحدة إعلان الحكومة الموقتة. إضافة إلى ذلك فان تأليف حكومة ليس مثل تشكيل ائتلاف معارض فالحكومة تتطلب أمور مختلفة من أطر وآليات بيروقراطية ونظام معد لتقديم الخدمات للناس. وهل هذا متوافر حالياً؟ وهل نحتاج إلى البدء بإنشاء ذلك؟ ونحن سنعمل مع حكومتهم الموقتة عندما سيعلنون عن تشكيلها لكن قرار التشكيل ليس أميركياً بل يعود إلى الائتلاف. ولكن نحن لدينا الآن خبرة من بلدان مثل ليبيا والعراق وننصح الائتلاف القيام بتحركات تدريجية ومضمونة للتقدم في شكل مستمر. ولكن كيف تفسر أن الرئيس السوري استعاد قدراً من الحيوية على صعيد موقعه معتقداً أن الولاياتالمتحدة لن تعمل لإسقاطه ودول عدة لا تساعد الائتلاف؟ - إذا كان هذا تفكير الرئيس الأسد فهو خاطئ جداً. عليه أن يعترف بفقدان قواته تدريجياً وبشكل مستمر. ومنذ أسبوعين فأنه خسر قاعدة تفتناز الجوية وفقد السيطرة على جميع المدن الكبرى في شرق سورية وما زال لديه تواجد صغير في دير الزور وهو يفقد السيطرة على حلب وقواته لم تتمكن من استعادة حمص ويبدو أنها عاجزة عن السيطرة على ريف دمشق. والآن هناك معارك في أماكن مثل ركن الدين ومقر سفارتي كان على مسافة قريبة من ركن الدين وكنت أركض من منزلي إلى حي جوبار والآن هنالك معارك في جوبار. فالرئيس الأسد سيعتقد أنه يربح إلى أن يصل الجيش الحر إلى بوابة قصره. كيف ترى نهاية النظام ومتى في رأيك سيسقط لأن التكهنات بطيلة بقائه عديدة مع التعطيل الروسي ومساعدة روسيا وإيران والجمود الأميركي والقدرات الأوروبية محدودة؟ - دعينا نرى كيف يتطور الوضع وانظري إلى ما كان عليه قبل ستة أشهر وفي تموز (يوليو) كانت المعارك اقتربت من حلب والآن المعارضة تسيطر على ثلثي حلب وقبل ستة أشهر كانت هناك معارك أحياناً قرب ريف دمشق والآن فقد النظام السيطرة على بعض ريف دمشق والحكومة الآن تضع مدرعات لحماية قاسيون ولم يكن ذلك ضرورياً منذ ستة أشهر. وقبل ستة أشهر كان النظام يسيطر على الحدود بين سورية وتركيا الآن فقد السيطرة عليها وكذلك كان النظام يسيطر على أبوكمال والطريق الأساسية للعراق والآن فقدها. فمن هو الرابح والخاسر إذن. ولكن السؤال هو كم سيطول الأمر؟ فليس لدينا الإجابة الدقيقة على هذا السؤال ولكننا نعرف أن هذا النظام سيسقط. عاجلاً أم آجلاً. ونحن نعتقد أن الحل العسكري سيستغرق بعض الوقت وهو سيتحقق ولكن بثمن باهظ. ماذا تعني بالحل العسكري؟ - أن يسيطر الجيش الحر على دمشق وباقي المدن ولكن إذا تم ذلك سيكون بثمن باهظ وبسفك الدماء. ونحن نعتقد أن الحل السياسي الذي يقضي بأن يتنحى بشار الأسد على أن يكون مثلما دعت إليه المعارضة في تموز حكومة انتقالية تفتح الطريق إلى دستور جديد وانتخابات أفضل بكثير من الحل العسكري. هذا يعني تطبيق نص اتفاق جنيف ولكنه دفن بسبب موقف الأسد. - إن عناد بشار الأسد ومجموعته الصغيرة يعطل اتفاق جنيف ولكن بما أن الوضع يسوء أكثر وأكثر كل يوم بالنسبة لهم فما أتمناه هو أن يفكروا بإنقاذ حياة الكثير من السوريين ووقف سفك الدماء ويتنحى الأسد والسماح لحكومة انتقالية أن تتسلم الأمور. هل تتحدثون مع الجانب الروسي لإقناعهم بضرورة ذلك. - طبعاً نتحدث معهم وخلال محادثاتنا مع الروس قلنا لهم إن الحل السياسي بدلاً من الحل العسكري الطويل الأمد أفضل للاستقرار ولمصالح الروس والأميركيين وللشعب السوري. وقلنا أنه لا يمكن أن يكون هناك أي حل تقبله المعارضة السورية المسلحة والسياسية مع بشار الأسد. إذن لا يمكنه أن يكون في الحكومة الانتقالية وينبغي أن يتنحى ويتيح تشكيل جهاز حكومي جديد وانتقالي عبر المفاوضات (وهذه لغة اتفاقية جنيف) والأخضر الإبراهيمي مستعد لمتابعة ذلك ولكن التعطيل يأتي من إصرار الأسد على أنه الحكومة. هل تبني الإدارة الأميركية سياستها إزاء سورية على المخاوف من الإسلاميين والجهاديين؟ - دعيني أقول لك ما هي ركيزة سياسة الإدارة الأميركية قبل التحدث عن المتطرفين. أرجو أن يفهم القراء الموالين للأسد أننا نريد حلاً سياسياً على أن يتنحى بشار الأسد ويتم تشكيل حكومة انتقالية. في غضون ذلك نعرف أن للمعارضة دوراً كبيراً ونحن نساعدها في المجالس المحلية ونقدم لها الدعم للإغاثة. وسأشارك في مؤتمر المانحين في الكويت وقد خصصنا 220 مليون دولار جزء كبير منه لبرامج إغاثة وقد كيفنا خطتنا للدعم طبقاً لما قالوا لنا إنه الأكثر إلحاحاً. أما بالنسبة للمتطرفين فلا نرى كيف لمجموعة مثل القاعدة أن تقبل بسورية حرة وديموقراطية. والشعب السوري متسامح وفيه تعددية طائفية فالمسيحيون يتعايشون مع الإسلام والدروز ومجتمع سورية غني جداً. وقد دعت جبهة النصرة منذ الآن إلى دولة إسلامية ورفضت الانتخابات. ولكن فرنسا ترى أن جبهة النصرة أقلية. - نعتقد أنها أقلية حالياً في المعارضة السورية أي أن المعتدلين حالياً هم الذين يسيطرون على المعارضة ولكننا نتخوف من أن تستخدم جبهة النصرة العنف لخلق المزيد من الصراعات الطائفية في سورية. من المهم أن يفهم السوريون ما هي جبهة النصرة ومن أين أتت من القاعدة في العراق التي نعرف ما قامت به من قتل للسنة وللشيعة وللأميركيين والعراقيين وشيوخ وأئمة ومدنيين وعسكر أميركيين وعراقيين ولا نريد أن تفعل هذه المجموعة في سورية ما فعلته في العراق. ومعظم السوريين ليسوا مثل هذه المجموعة وبالتأكيد معظم أعضاء المعارضة ليسوا كذلك. سهير أتاسي ورياض سيف ومعاذ الخطيب وجورج صبرا ومصطفى صباغ بعيدون عن جبهة النصرة بقدر ما أنا بعيد عن هذه المجموعة. ومعاذ الخطيب قال في مراكش إنه ضد التكفير. وعلينا أن ندرك ونفهم ما هي هذه المجموعة وما يمكنها أن تقوم به. ولكن ما هي الفترة الزمنية التي تتوقعها لاستمرار نظام بشار فهناك خيبة أمل في المعارضة. - أنا متأكد أن الثورة ستنجح ولكنني لن أعطيك تكهناً لأن الله يعلم. ويجب ألا تكون هناك خيبة أمل في المعارضة لأنهم يربحون. هل تصل الأسلحة إلى المعارضة؟ - في سورية أسلحة كثيرة وهذا أصبح مشكلة والمشكلة الحقيقية تكمن في كيفية إقناع بشار الأسد في بلد فيه أسلحة بكثافة بالتنحي كي تنشأ الحكومة الانتقالية. هل أن جهاد المقدسي موجود في الولاياتالمتحدة؟ - بعد أن قلت ذلك واشنطن حققت في الموضوع وهو غير موجود في الولاياتالمتحدة.