نسب مقال نشر في جريدة «الحياة» في 3 تشرين الثاني(نوفمبر) أقوالاً إلي بصفتي كنت متحدثة في المؤتمر السنوي ل «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» («أوفيد» AFED) حول التنمية المستدامة الذي عقد في الشارقة في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وكان الكاتب، أرسل لي رابطاً إلكترونياً للمقال عند نشره. لكن ضغط العمل وضعف إلمامي باللغة العربية أخّرا قراءتي للمقال واستيعاب محتوى الكلام الذي أشار إليّ فيه. ولسوء الحظ، فقد وجدت أنه أساء تفسير ملاحظاتي، لهذا أودّ التوضيح. يقول المقال إنني عارضت توصيات تقرير «أوفيد» حول «إلغاء الدعم نهائياً» عن أسعار البترول. الحقيقة أن تقرير «أوفيد» لا يتطرق في أي مكان إلى «الإلغاء النهائي» elimination لدعم الطاقة. لكنه يدعو صانعي السياسات إلى «التوقيف التدريجي» phasing out لدعم المحروقات. وأنا لا أعارض هذه التوصية إطلاقاً، خصوصاً عندما نكون واضحين في أنها وسيلة لبلوغ غاية محددة (مثل) سلامة المجتمع وصحة الأجيال الحاضرة والقادمة ورفاهيتها. كان الهدف من ملاحظتي الدعوة إلى الحذر من التركيز على إلغاء غير مشروط للدعم، لأن هذا لا يفيد دائماً في المنطق السياسي للدول المصدرة للنفط والغاز، بخاصة في أنظمة تقوم على «دولة الرعاية». في المقابل، أكدتُ أن على الحكومات أن تعرف الكلفة الحقيقية للطاقة، ليس فقط من حيث كلفة الإنتاج، بل أيضاً التكاليف المتوجبة على استنفاد واستنزاف مورد وطني (احتياطي النفط والغاز مثلاً) والتكاليف على الصحة العامة من حرق الوقود لإنتاج الطاقة (تلوث الهواء والانبعاثات المسببة لتغير المناخ مثلاً). هذا يظهر حجم المبالغ التي يمكن للحكومات توفيرها وتحويلها إلى استثمارات أخرى تقلل من الاعتماد المفرط على الوقود الأحفوري في المدى البعيد، وتأمين تقديمات عامة أخرى مثل تحسين الوضع الصحي وتوفير فرص العمل وحفظ الموارد للأجيال المقبلة. يمكن الإطلاع على بعض أفكاري حول هذا الموضوع في التقرير الذي صدر عن «تشاتهام هاوس» في آب (أغسطس) 2013 بعنوان «توفير النفط والغاز في الخليج». ويعتبر التقرير أن الأسعار المنخفضة للطاقة في منطقة مجلس التعاون الخليجي سبب لتبذير الثروة الهيدروكربونية وعائق رئيسي أمام تحسين الكفاءة. وإذ يشير التقرير إلى أن الأغنياء هم المستفيدون الرئيسيون من سياسات الدعم، يقرّ بأن الزيادات السريعة للأسعار غير مرغوبة سياسياً. وكنقطة بداية، يقترح التقرير: «مشاركة بلدان المنطقة في دراسات لتقدير القيمة الفعلية للثروة الهيدروكربونية وتكاليف حرقها في أنظمة إنتاج الطاقة المحلية»، والعمل على توحيد أسعار الوقود والكهرباء في دول الخليج. ومهما كانت الحجج، فإن كل دول الخليج، إضافة الى دول غرب آسيا وغيرها في المنطقة العربية، تتفق على أن الأسعار المنخفضة للوقود والمحروقات والمياه تؤدي إلى ضعف شامل في الكفاءة، وأن ما ينتج من هذا من زيادة مفرطة في الاستهلاك يقيّد الاقتصادات بمصاريف إضافية. وتتراوح الخسائر بين بلايين الدولارات لإنشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة، إلى الأمراض التنفسية الناجمة عن الانبعاثات من حرق الوقود، وصولاً الى هدر المياه الجوفية الثمينة التي لا تعوّض. * باحثة رئيسية - دائرة الطاقة والبيئة والموارد «المعهد الملكي للشؤون الدولية» («تشاتهام هاوس») - لندن