اعتقلت قوة أمنية في الأردن نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين» زكي بني ارشيد عقب مغادرته مقر الجماعة الرئيس في عمان ليل الخميس - الجمعة. وعكس الاعتقال المفاجئ لبني ارشيد الذي يعد عملياً المحرك الرئيس ل «الإخوان» وصاحب التأثير الأقوى داخل التنظيم، التردي الذي وصلت إليه العلاقة بين النظام الأردني والمكوّن السياسي الأكبر في البلاد، علماً أن بني ارشيد يتزعم ما يعرف ب «تيار الصقور» الذي يسيطر منذ سنوات على قيادة الجماعة، والذي يعتبر المناكف الشرس لمطبخ القرار. وكانت قوة من الأمن الأردني اعتقلت بني ارشيد بعد إبلاغه طلب استدعائه من المدعي العام لمحكمة أمن الدولة العسكرية. وتقرر توقيفه 15 يوماً في سجن جويدة قابلة للتجديد. وتزامن اعتقاله مع تفتيش منزل عبد الله الزيتاوي، وهو عضو نقابة المهندسين الأردنيين، ومعتقل حالياً لدى إسرائيل. كما تبعه اعتقال أحد القيادات الشابة للجماعة في نقابة المهندسين ويدعى حمزة شاهين، والناشط الإسلامي خالد الدعوم. وكانت السلطات اعتقلت أخيراً عدداً من المهندسين المنتمين للجماعة، ووجهت اليهم تهم الإرهاب. كما اعتقلت قبل شهرين عضو مجلس شورى الجماعة محمد سعيد بكر، ووجهت إليه تهماً مدرجة ضمن قانون منع الإرهاب، ما رفع عدد معتقلي «الإخوان» حتى يوم أمس إلى 19. وفي حين اعتبرت الحكومة أن اعتقال بني ارشيد شأن قضائي، قالت الجماعة في بيان إن «اعتقاله بمثابة تأزيم للموقف»، وطالبت بالإفراج الفوري عنه. وعزا مصدر قضائي سبب الاعتقال إلى انتقاد بني ارشيد دولة الإمارات وقائمة الإرهاب التي أعلنتها، عبر صفحته في موقع «فايسبوك». وقال محامي الجماعة عبد القادر الخطيب إن المدعي العام العسكري أبلغه أن بني ارشيد «متهم بتعريض مصالح الأردنيين إلى الخطر، وتعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة»، وهي تهم تندرج ضمن قانون منع الإرهاب. في السياق ذاته، قالت مصادر قريبة من الحكم ل»الحياة» إن «اعتقال بني ارشيد جاء كنتيجة طبيعية لتظاهرة سابقة نفذتها جماعة الإخوان تضامناً مع قطاع غزة، وجرى خلالها تنفيذ استعراضات عسكرية». وقال وزير بارز في الحكومة إن «جهات داخل الدولة رفعت إلى الملك عبد الله الثاني تسجيلاً مصوراً لتظاهرة الإخوان المذكورة يظهر فيها شبان يؤدون استعراضات عسكرية، وهو ما أغضب الملك». وأضاف: «تقرر الرد على هذه الاستعراضات من خلال حملة اعتقالات وتحويلات على المحاكم، وفق ما يقتضيه القانون». لكن الجماعة بررت هذه الاستعراضات بأنها «مشاهد مسرحية كانت تسعى إلى تمجيد المقاومة الفلسطينية وحركة حماس». وعلمت «الحياة» أيضاً أن حوارات جرت ضمن حلقات مطبخ القرار الضيقة، أكدت وقوف تيار إخواني متشدد ومجموعة محددة وراء الاستعراضات التي نفذها «الإخوان». لكن هذه الحوارات استبعدت خيار اللجوء إلى حل الجماعة أو اتهامها بالإرهاب، مكتفية بإجراءات عقابية ضد بعض القيادات والعناصر. وكان لافتاً رفض الملك والاستخبارات التوجه إلى الخيارات الأكثر تشدداً، كاللجوء إلى حل الجماعة، فيما سعى تيار سياسي وأمني (محافظ) خلال هذه الحوارات إلى تجريم الجماعة وحلها. وثمة من يرى أن اعتقال بني ارشيد ورفاقه، ربما يعكس سعي النظام إلى ترسيم قواعد اللعبة السياسية من جديد، عوضاً عن وضع خطوط حمر جديدة لتنظيم العلاقة مع «الإخوان»، وهي خطوط تلاشت عقب اندلاع ثورات الربيع العربي.