تُقدم مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية للعالم، مشروعين علميين من أبرز المشاريع البحثية بالمنطقة العربية في مجال الزراعة وعلوم الإنسان (الأحد) المقبل، الأول يتعلق بجينوم نخيل التمر، والثاني بموروث الجينوم البشري للفرد السعودي. واتجهت المدينة إلى تنفيذ مشروع «موروث (جينوم) نخيل التمر» عام 2008، بالتعاون مع الأكاديمية الصينية للعلوم ممثلة في معهد بكين للموروثيات، وجامعة الملك فيصل في الهفوف، لسبر أغوار خريطة الموروث لنخيل التمر للتعرف على خصائص ووظائف مورثات نخيل التمر في شكل علمي دقيق. وعمل هذا المشروع الذي يترأس فريقه العلمي الدكتور إبراهيم المسلّم من جامعة الملك فيصل، والبروفيسور جون يو من معهد بكين للموروثيات، على تتبع وفك الشفرات الوراثية لموروث (تتالي الحمض النووي) في بعض الأصناف الرئيسة لنخيل التمر، وإعداد الخريطة الفيزيائية والوراثية لموروث (جينوم) نخيل التمر، فضلاً عن إعداد أول بنك معلوماتي للنخيل وسوسة النخيل الحمراء. وقال إن المشروع سعى إلى توفير المعلومات الأساسية للتحكم في آفة سوسة النخيل الحمراء، وتغطية النقص المعلوماتي في مجال التنوع الوراثي للنخيل في المملكة، إضافة إلى اكتشاف وتعريف المورثات (الجينات) المحددة للصفات الوراثية للنخيل، وتطويع هذه النتائج لتحسين نوعية الثمار وكميتها، وانتخاب سلالات من النخيل مقاومة للعديد من الأمر. وأشار المسلم إلى أنه أجرى مع الفريق العلمي 12 بحثاً علمياً نشر معظمها في مجلات علمية محكّمة مثل: الطبيعة، والأحياء النباتية الجزيئة، والأحياء الدقيقة البيئية، توصلوا من خلالها إلى إمكان التعرف على عدد من المورثات التي تساعد في إجراء تعديل وراثي للتحكم في سوسة النخيل الحمراء، وتحسين جودة الثمار، منها بحث عن «الموروثيات الكليّة لعصيّات باسيلس ثيورينغينسيس البكتيرية» وتناول موضوع البروتينات السمية لهذا النوع من البكتيريا القادرة على تثبيط أو قتل بعض الآفات القريبة من السوسة الحمراء، علاوة على إيجاد مركبات حيوية تحد من انتشار هذه الآفة. وفي السياق ذاته، قال مدير مركز التميز البحثي في النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل الدكتور محمد الهجهوج، إن معرفة جينوم النخيل يفيد المزارعين في معرفة جنس النخلة من بداية نموها، إذ يستطيع المزارع أن يقوم بزراعة أصناف التمور التي تتناسب مع البيئة ورغبة المنتج وكذلك معرفة نوعية الجنس (ذكراً أم أنثى) من دون انتظارها خمسة أعوام بعد الزراعة حتى تزهر كما كان في الطرق الزراعية التقليدية المعروفة عند الآباء والأجداد إذا لم يتم التأكد من مصدرها. وأفاد بأنه تجري حالياً دراسات عدة لمعرفة أصناف التمور عند زراعتها، وتحديد النوعيات التي يراد أن يزرعها المزارع بما تتوافق مع طبيعة الأرض الزراعية، مبيناً أنه تم تحديد 3300 صنف من نخيل التمر في العالم، منها 400 صنف في المملكة. أما المشروع الثاني الذي ستطلقه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية مساء (الأحد) المقبل، فهو مشروع «الموروث (الجينوم) البشري للفرد السعودي» ويعنى بتحديد تتالي خريطة موروث المواطن السعودي، ومعرفة العلاقة بين بعض الأمراض المستوطنة والخطرة في المملكة مثل: السمنة، والسكري، والسرطان على المستوى الجزيئي، إضافة إلى معرفة بعض أمراض الدماغ المنتشرة بين بعض المواطنين مثل: التوحد، والزهايمر، والفرط الحركي، والحد بإذن الله تعالى من انتشار هذه الأمراض من خلال توفير المعلومات الوراثية للأفراد (بنك المعلومات الوراثية) وتطوير الطب الشخصي. ويعرّف العلماء الجينوم بأنه المادة الوراثية التي يرثها الإنسان جيلاً بعد جيل، ويحدد شكل الإنسان وبُنيته الجسدية، كما يحدد كيف تعمل الخلايا منذ المرحلة الجنينية وحتى البلوغ والوفاة، في حين سيتمكن العلم الحديث بإذن الله تعالى من تقديم مختلف المعلومات التي تخص الإنسان من خلال فك شفرة الجين الخاص به، ليُقدم خدمة للباحثين في مجال الهندسة الوراثية، والتكنولوجيا الحيوية، وتطبيقاتها في الطب، وعلوم البيئة، من أجل العمل على سلامة الإنسان. وكان لمركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية بالشؤون الصحية في وزارة الحرس الوطني، تجربة حديثة كشف من خلالها أخيراً عن تنفيذ مشروع «خريطة الجينوم الوراثية لعدد من المواطنين السعوديين»، بغية التعرف على الصفات والظواهر الوراثية الخاصة بالمجتمع السعودي، وهي أول خريطة ترسم صفات وخصائص العرب الوراثية على مستوى العالمين العربي والإسلامي. وأفاد الفريق البحثي المشرف على المشروع أن خرائط الجينوم التي تم الكشف عن تفاصيلها تختص بتسجيل دقيق لجميع المعلومات الوراثية في الإنسان المعروفة بDNA، مبينين أنه تم الإعلان في الأعوام القليلة الماضية عن بعض خرائط الجينوم الشخصية لبعض الأعراق المختلفة في كل من الولاياتالمتحدة الأميركية والصين. وأوضحوا أن المرحلة الأولى من المشروع انطلقت عام 2010، بعد أن عرضت خطط المشروع على لجنة الأخلاقيات الطبية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، واللجنة العلمية في مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية، وشملت 48 مواطناً، ليتم التوصل إلى وجود أكثر من 1.7 مليون علامة فارقة تدعى SNP بين الأشخاص الذين تمت الدراسة عليهم، وستسهم بإذن الله في تفسير انتشار بعض الأمراض في المملكة والعالم العربي، مثل: داء السكري، والسمنة. وأشار الفريق البحثي إلى أن المشروع بيّن تفاصيل نماذج التحورات والمتغيرات في الجينوم السعودي، سواء كان ذلك على شكل زيادة أم نقصان في المحتوى الوراثي للأشخاص الذين تمت الدراسة عليهم، كما بيّن وجود علامات في خريطة الجينوم العربي تعود إلى أقدم القبائل التي عاشت خلال الفترة ما بين 170-150 ألف عام قبل التاريخ ويرمز لها L0a، وسجلت هذه العلامات في السلسلة الوراثية للميتوكندوريا في المركز الوطني الأميركي للمعلومات.