بعد أن أطلقت وزارة العمل حملاتها التصحيحية والتفتيشية وتطبيق نظامها على المخالفين من أصحاب العمل والعمالة الوافدة في السعودية، ظهرت أحداث ملفتة ومثيرة للجدل من أشكال العنف في رأي الشارع السعودي، وهذا يأتي تباعاً للسلوكيات الإجرامية التي فعلوها من قبل تحت غطاء الفساد، منها فتح بيوت الدعارة وغيرها، وحتى على مستوى الأُسر وأحداث القتل التي حدثت أثناء خدمة الإثيوبيات للمنازل، إضافة إلى حادثة «منفوحة» التي وقعت أخيراً في مدينة الرياض التي تشير إلى تطور هذا الخطر. التساؤل الذي يُطرح، كيف يمكن أن يُفسر هذا؟ ولماذا السعودية تحديداً؟ لا سيما أن كثيراً من المصادر الإعلامية وبخاصة اليمنية تشير وحتى وقتٍ قريب إلى خطر تدفق الأعداد المتزايدة من الوافدين الإثيوبيين في شكل شبه يومي، وبينما الوضع في اليمن لا يشجعهم على البقاء فيأتون إلى السعودية بطريقة غير نظامية، ومن المؤسف أيضاً، أن بعض المواطنين دفعتهم الحاجة إلى المال لتهريبهم داخل المملكة في مقابل مكاسب مالية أو توظيفهم في أعمال أخرى بطريقة غير نظامية، فأسهموا سلباً في تأزيم المشكلة، وهذا ظهر أيضاً في مناطق مختلفة بالأخص التي تفتقد للحيوية، وتعاني قصور التنمية في جنوب المملكة، وذلك في أعمال التخريب وسرقة المنازل، وبالتالي تسبب هذا الأمر في خلق جو مرعب وغير آمن على المواطنين. إضافة إلى أن التكتلات التي يصنعونها كعصابات جعلت من المناطق النائية مستوطنات وبيئة آمنة وخصبة لممارسة النهب والفساد، وقد يأتي تفسير أهدافهم هذه إلى جانب عقائدي كما توضح بعض المصادر على شبكة الإنترنت، والذي تشربونه من تاريخ طويل من كهنتهم ومتدينيهم، ويعني هذا أنهم يهدفون إلى إنشاء وطن للسود في جزيرة العرب، مخترقين بهذا كل الطرق الشرعية في حق الإنسان ونظام البلد. وإن لم يكن هذا، وحتى نكون عادلين في تصوراتنا، إذ يمكن للكثير جراء ما حدث أن يحكم على المجتمع الإثيوبي بكونهم شعباً سيئاً وإجرامياً بالمطلق، ومما لا بد منه أن يوجد التطرف الفكري والعقائدي الذي تعانيه كثير من المجتمعات، وهذه من أسوأ الدوافع التي تعطي الفرد مسوغاً لتشكيل أفكاره وسلوكياته، ولتحقيق أي هدف ولو كان بطريقة غير مشروعه، ولا بد أيضاً من أن يكون هناك اعتقادات أخرى ترفض وجود مثل هذا الأمر، ويراه الأكثرية مسيء جداً لهم، كمجتمع له أعراقه وتاريخه وأخلاقياته، وما ذكره السفير الإثيوبي في لقاء الجمعة الذي تعرضه قناة روتانا خليجية، كان يشير كثيراً إلى الجانب الإيجابي وبطريقة الدفاع عن بلده ومجتمعه، لكنه أخطأ حين اعتد كثيراً بهذا، وهو ما جعله يرفض الاعتذار عن أحداث الشغب التي حدثت، وإن فسر البعض أن هذا يشكل الدعم لما يحدث، إلا أنه يمكن اعتباره أيضاً تخلياً عن المسؤولية، لكن من العيب أن يكون هذا موقفاً مسؤولاً. وبغض النظر عن الدوافع والأسباب التي استعرضناها، فنشيد إلى العمل الكبير الذي قامت به وزارة الداخلية وإمارات المناطق لأجل حملات التصحيح، إضافة إلى الأمل الكبير في تكثيف الرقابة وتطوير الجهاز الأمني بالإمكانات اللازمة، وهذا الذي سيساعد بإذن الله في استئصال هذا المرض الخطر الذي أرعب الحياة الاجتماعية لفترة طويلة، وهدد أمن الناس. [email protected] alshehri_maha@