أكد الاتحاد الأوروبي في بيان أمس أن المؤسسات التابعة له توصلت إلى اتفاق على موازنة 2014 بعد مفاوضات شاقة ليلاً. وبموجب اتفاق التسوية، تتضمن الموازنة 135.5 بليون يورو في شكل مدفوعات و142.6 بليون يورو في شكل تعهدات، بحسب البيان. وتواصلت المفاوضات حتى ساعة مبكرة من أمس لحل خلاف في شأن نفقات السنة المقبلة بين هيئات الاتحاد الثلاث، دول الاتحاد ال 28 والبرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية التنفيذية. والحكومات المؤيدة للتقشف أرادت أن تبقي المدفوعات دون 135 بليون يورو، والتي كانت أقل ببليون يورو و1.5 بليون يورو عن تلك التي طالبت بها المفوضية والبرلمان على التوالي. وقال الغيمنتاس ريمكوناس، نائب وزير المال في ليتوانيا الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي: «اتفقنا على تعزيز تمويل أولويات مثل النمو والوظائف والابتكار والمساعدات الإنسانية». وزاد في بيان: «جرت تقوية وكالات الاتحاد الأوروبي المسؤولة عن الهجرة واللجوء وضبط الحدود وكذلك سلطات الإشراف المالي الأوروبية». وموازنة 2014 تقل بأكثر من تسعة في المئة عن مثيلتها العام الماضي، فالإنفاق أقل بنسبة 9.4 في المئة والمدفوعات أقل بنسبة 9.5 في المئة عن موازنة 2013. ويرتقب أن يوافق الوزراء والمشرعون على الموازنة الجديدة يومي 19 و20 تشرين الثاني (نوفمبر). ويمهد اتفاق الموازنة أيضاً الطريق أمام البرلمان الأوروبي لتبني الموازنة الأوروبية الطويلة الأمد البالغة تريليون يورو للأعوام 2014 - 2020. وكان التصويت على موازنة السنوات السبع المعروفة باسم «الإطار المالي المتعدد السنوات» تأجل إلى 19 تشرين الثاني بسبب الخلاف على موازنة 2014. وتعتزم المفوضية الأوروبية دعوة باريس وبرلين إلى تحمل مسؤولياتهما لتحقيق نمو متين في منطقة اليورو، مستفيدة من حقها الجديد في الرقابة على موازنات دول منطقة اليورو للتذكير بالقواعد الضرورية. وقال المفوض الأوروبي المكلف الشؤون الاقتصادية أولي رين الأسبوع الماضي لدى عرضه لآخر التوقعات الاقتصادية للسلطة التنفيذية الأوروبية، أن أول اقتصادين في منطقة اليورو «يمسكان بمفاتيح نمو متين» في المنطقة. وشدد على أن ألمانياوفرنسا «تقدمان خدمة كبيرة لمنطقة اليورو أن اتبعتا التوصيات الصادرة عن المفوضية» في الربيع واضعاً البلدين في خانة واحدة. وهو أمر نادر ما يحصل نظراً إلى التباين الكبير بين الاقتصادين. فبينما تعتبر ألمانيا بمثابة تلميذ جيد في منطقة اليورو، تعد فرنسا بمثابة الابن الضال مع تسجيل نمو هش وصعوبات في إعادة العجز العام إلى نسبة متطابقة مع المعايير الأوروبية. فعوضاً عن التشديد على هذه الاختلافات آثر رين التركيز على «تكامل» الاقتصادين. وهذا التغيير في اللهجة قد يترجم على أرض الواقع. فللمرة الأولى تستعد المفوضية لتذكير ألمانيا بضرورة الانضباط على الصعيد الاقتصادي في إطار إجراء يبحث اختلالات التوازن في الاقتصادات الكلية لبلدان الاتحاد الأوروبي. وصرح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو على الشبكة التلفزيونية الخاصة «أل سي أي» مساء أول من أمس «سنقرر الأربعاء (اليوم) مبدئياً ما سنفعله». وينصب اهتمام بروكسيل على الفوائض التجارية للبلاد التي تفوق ستة في المئة من إجمالي الناتج منذ 2007. وفي هذا السياق تتعرض برلين للانتقادات لاعتمادها على الصادرات وضعف طلبها الداخلي. وكما فعل من قبلها صندوق النقد والدول الأوروبية صوبت اميركا انتقاداتها إلى السياسة الاقتصادية الألمانية مصدر «اختلال التوازن». ودعا رين على مدونته أول من أمس برلين إلى أن «ترفع الأقفال التي تخنق الطلب الداخلي» وذلك للتوصل إلى «نتيجة تكون إيجابية لألمانيا ومنطقة اليورو على حد سواء، بالنسبة إلى مشكلة هي في صلب «مناقشة حامية منذ بعض الوقت». ويتوقع أن تبدأ المفوضية إن لم تحدث مفاجأة، اليوم بحثاً «معمقاً» لاختلالات التوازن الألمانية كما فعلت سابقاً بالنسبة إلى عشر دول بينها فرنسا وإسبانيا. وهو إجراء يمكن أن يؤدي لاحقاً إلى عقوبات، لكن ذلك لم يحدث بعد، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية. وهذه المرحلة قد لا تمر بهدوء في ألمانيا، البلد الذي تعود على فرض إرادته على الآخرين والذي يخوض مفاوضات بين المسيحيين الديموقراطيين بزعامة المستشارة انغيلا مركل والاجتماعيين الديموقراطيين. لكن لا يتوقع أن تبقى فرنسا في منأى عن الانتقادات حتى وان اعتبر باروزو مساء أول من أمس أن مشروع موازنة 2014 «مرض بوجه عام». وللمرة الأولى هذا العام سيكون للمفوضية رأي في شأن موازنات 2014 لجميع دول منطقة اليورو وستستعرض الجهود المبذولة من قبل الدول التي حصلت على مهلة لتخفيض عجزها مثل فرنسا. وفي هذه المناسبة يمكن أن تطلب من البرلمان إعادة النظر في نسختها، وهو سيناريو يحتمل أن يكون «حامياً». وكانت الحكومة الفرنسية حصلت في الربيع على مهلة سنتين حتى 2015 لإعادة عجزها العام إلى ما دون عتبة ثلاثة في المئة. وكان يفترض عليها في المقابل أن تبدأ حزمة إصلاحات. ويواجه البلد ضغوطاً من بروكسيل لاعتماد سياسة تنافسية بهدف حفز سوق العمل وتحقيق نمو قوي. لكن «اليوم بلغت السياسة المالية في فرنسا الحدود المقبولة»، كما رأى باروزو. وأضاف أن «فرنسا تبقى البلد الذي تدفع فيه الشركات الضرائب الاكبر وهي مشكلة بالنسبة إلى النمو والتشغيل»، مشيراً إلى أن باريس «تعتزم القيام بمزيد من الجهود» لتقليص النفقات وزيادة العائدات. وبعد خفض وكالة التصنيف الائتماني «ستاندارد اند بورز» تصنيفها لفرنسا درجة ليصبح «AA» في مقابل «+AA»، كررت المفوضية ثقتها في أن «فرنسا ستقوم بإصلاحاتها لأنها ضرورية».