أعلنت المفوضية الأوروبية أن على دول منطقة اليورو «التركيز على إصلاح أسواق العمل والخدمات، ويمكنها في المقابل إبطاء وتيرة خفض عجز الموازنة»، وذلك في تحول عن التقشف. ويتزامن التغيير في التركيز مع سعي منطقة اليورو، إلى الإفلات من الركود والارتفاع القياسي لمعدل البطالة سنة ثانية. وأمهلت المفوضية فرنساوإسبانيا ثاني ورابع أكبر اقتصادات المنطقة سنتين إضافيتين، لخفض العجز في موازنتهما لما دون السقف الذي حدده الاتحاد الأوروبي وهو 3 في المئة من الناتج المحلي، فيما تكافحان الركود وارتفاع معدل البطالة. وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين، «نوصي بتمديد مدته سنة لبلجيكا وهولندا والبرتغال واثنتين لفرنسا وبولندا وسلوفينيا وإسبانيا». ولفت إلى أن فرنسا تحديداً «تحتاج إلى حل بعض المشاكل الاقتصادية الرئيسة، ومنها عدم كفاءة سوق العمل والأجهزة العامة». وأكد أن «من المهم والضروري، أن تستغل فرنسا هذا الوقت الإضافي للتصدي لمشاكلها الأساسية الخاصة بالتنافسية الاقتصادية». وشدد على ضرورة أن «تخفّض كلفة العمل، خصوصاً من طريق خفض مساهمات الضمان الاجتماعي». ويزيد معدل البطالة في فرنسا على 10 في المئة، مع توقع تجاوزه هذا المستوى. فيما يبلغ في إسبانيا 27 في المئة ويزيد على 50 في المئة بين الشباب، إذ يزيد على مثلي المتوسط في منطقة اليورو وهو 12 في المئة، وله تداعيات اجتماعية عميقة. أما بلجيكا فهي لم تنج من التدقيق حيث فشلت في إصلاح هيكل اقتصادها. وشدد رين، على أن «لا خيار لنا سوى الانتهاء إلى أن بلجيكا لم تتحرك في شكل كاف لتصحيح عجز موازنتها بحلول الموعد النهائي عام 2012». وفي التوصيات المفصلة لفرنسا، أعلنت المفوضية ضرورة أن «تنفّذ باريس إصلاحات في سوق العمل ونظام التقاعد، لاستعادة حيوية الأعمال الضائعة، بينما تخفض الإنفاق العام للتصدي لتضخم موازنتها». كما يجب أن «تبسّط نظامها الضريبي لمساعدة الشركات على المنافسة، وجعل نظام معاشات التقاعد قابلاً للاستمرار بحلول عام 2020». وأوضح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، أن على باريس «استغلال السنتين الإضافيتين للإصلاح، ولعلاج عدم قدرتها على المنافسة»، ملاحظاً «تراجع حصة الشركات الفرنسية في السوق في شكل مثير للقلق في السنوات العشر الأخيرة». وفي ضوء استمرار الزيادة في الدين الحكومي الذي يتجاوز 90 في المئة من الناتج المحلي، يجب على فرنسا «تطبيق موازنة هذه السنة في شكل صارم، والسعي بحزم إلى اتباع جهود التعزيز (المالي) في السنوات المقبلة». لكن باروزو رفض فكرة أن «تخفف قبضتها على اقتصادها»، موضحاً أن «قوتها تمثل مفتاح بقاء دول أخرى». واعتبر أن «من الخطأ الاعتقاد بضرورة أن تخفف ألمانيا حالياً جهودها من أجل التنافسية في سبيل أن تنمو دول الأطراف، بل على العكس نحتاج إلى اقتصاد ألماني قوي في وسط أوروبا. كما على ألمانيا تجنّب أي نوع من الرضا عن النفس». ودعاها إلى «زيادة الأجور بما يتماشى مع الإنتاجية حتى يزيد الطلب الداخلي». وستصبح التوصيات ملزمة، في حال أقرّها قادة الاتحاد الأوروبي في قمة تُعقد في حزيران (يونيو) المقبل، ويُتوقع أن «تؤثر في كيفية وضع الموازنات الوطنية عام 2014 وما بعدها. إلى ذلك، أظهرت بيانات، أن الثقة في اقتصاد منطقة اليورو «تحسنت أكثر من التوقعات في الشهر الجاري، ما يعطي بادرة أمل بالانتعاش في وقت لاحق من السنة. ولفتت المفوضية، إلى أن «الثقة في اقتصاد المنطقة تحسنت 0.8 نقطة إلى 89.4»، في مقابل 89 نقطة كان توقعها اقتصاديون في استطلاع أجرته وكالة «رويترز». وبرز تحسن الثقة في أكبر خمسة اقتصادات في منطقة اليورو، وهي ألمانياوفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا. وكان الارتفاع ملحوظاً في كل القطاعات باستثناء البناء. ولم تستبعد ألمانيا أن يتسارع النمو في الربع الثاني من العام الحالي، كما أن الثقة في الاقتصاد ارتفعت بنسبة 0.6 نقطة، في حين ارتفعت 0.9 نقطة في فرنسا التي تعاني ركوداً. وخفّض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس هذا الشهر إلى مستوى قياسي منخفض. وأكد أن منطقة اليورو «أكثر استقراراً مما كانت عليه قبل سنة»، لكن شدد على أن الظروف الاقتصادية «لا تزال تشكل تحدياً»، ويجب على الحكومات المضي في الإصلاحات.