بروكسيل - أ ف ب - استأنفت المفوضية الأوروبية أمس نقاشاً حول إصدار سندات خزينة أوروبية لفترة محدودة لمواجهة أخطار تفشي أزمة الديون في منطقة اليورو مع مطالبتها في الوقت ذاته بتعزيز حقها في التدخل في موازنات الدول الأعضاء، وهما اقتراحان يثيران منذ الآن جدلاً كبيراً. وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو والمفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين، دراسة جدوى حول سندات الخزينة الأوروبية. وستستخدَم الدراسة نقطة انطلاق لنقاش أوروبي حول آلية لتوزيع الديون يعتبر داعموها أنها الوسيلة الوحيدة الدائمة لتسوية أزمة الديون لكن ألمانيا ترفضها في شدة. وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في برلين أمس إن «هذا الأمر لن ينجح»، معتبرة أن البحث في هذه المسالة غير ممكن قبل تحقيق اندماج أكبر لاقتصادات منطقة اليورو. ثلاثة خيارات وعرضت بروكسيل ثلاثة خيارات يقوم «الأكثر فاعلية بينها»، على حد تعبيرها، على استبدال قروض سندات الخزينة الوطنية التي تصدرها حالياً كل دولة على حدة من الدول ال17 الأعضاء في منطقة اليورو بسندات الخزينة الأوروبية التي تستفيد من ضمانات مشتركة. وسيكون الخيار الثاني والوسطي إصدار سندات خزينة أوروبية تستفيد من ضمانات مشتركة لكنها لا تغطي سوى قسم من احتياجات إعادة تمويل الدول. أما الخيار الثالث وهو الوحيد الذي لا يتطلب تغييراً للمعاهدة الأوروبية، فينص على حلول سندات الخزينة الأوروبية جزئياً محل السندات الوطنية مع تقديم كل دولة ضمانات. ووعد رين بأن يترافق إصدار سندات خزينة أوروبية مع شروط صارمة لضبط الموازنة. ومن أجل ذلك تقترح بروكسيل تحديداً تعزيز معايير ضبط الموازنات في منطقة اليورو في شكل يتجاوز الإجراءات التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي أخيراً، وتنص على فرض عقوبات مالية على الدول المتراخية كثيراً، ويكون أسهل وأسرع مقارنة بما كانت عليه الحال في السابق. وسيطلَب من كل دول منطقة اليورو عرض مشاريعها السنوية للموازنة على المفوضية ومجلس وزراء المال في الدول ال17 الأعضاء في منطقة اليورو، في الخريف الذي يسبق اعتماد الموازنة. يقوم كثير من الدول بذلك لكن الإجراء سيصبح إلزامياً ومنسقاً بين الدول ال17. وستدرَس مشاريع الموازنة الوطنية على المستوى الأوروبي حتى قبل أن تصوت عليها البرلمانات الوطنية، وسيمكن بروكسيل أن تطالب بتعديلها إذا كانت لا تتوافق مع ميثاق الاستقرار والنمو. وتحظر هذه الآلية عجز الموازنة الذي يفوق معدله ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. أما في خصوص الدول التي وضِعت أساساً في إطار إجراء العجز المفرط، فإنها ستخضع لرقابة مشددة. وستتمكن بروكسيل من فرض «قراءات ثانية» على البرلمانات أو تعديلات إذا لزم الأمر. ودرجة الرقابة القصوى، التي تعتبَر أقرب إلى الوصاية، مرتقبة للدول الأكثر هشاشة في منطقة اليورو، أي تلك الخاضعة لبرنامج مساعدة خارجية كما هو الوضع حالياً بالنسبة إلى اليونان والبرتغال وإرلندا أو تلك التي تواجه أخطاراً جدية تهدد استقرارها المالي. وستخضع «لرقابة وثيقة من قبل المفوضية بالتوافق مع البنك المركزي الأوروبي». وسيكون مشروع الرقابة المعززة هذا موضع نقاشات محتدمة في البرلمانات الوطنية، وسبق أن أثار جدلاً في البرلمان الأوروبي إذ ندد النائب التشيخي يان زاهراديل بهذا «الشكل من أشكال ديكتاتورية الموازنة التي تدار من بروكسيل وفرانكفورت وباريس وبرلين»، على رغم أن باروزو أكد أول من أمس أن أجهزته ستتحرك «في شكل يحترم في شكل كامل الصلاحيات الوطنية». وتحض ألمانيا من جهتها على الذهاب أبعد في مجال ضبط الموازنة، معتبرة أن ذلك يتطلب تغييراً للمعاهدة.