عادت وزارة الاتصال (الإعلام) لتختفي من جديد من الجهاز التنفيذي في الجزائر إثر التغيير الحكومي الطفيف الذي أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم السبت بموجب التعديل الدستوري الذي صوّت عليه البرلمان الجزائري بغرفتيه الأسبوع الماضي، حيث كانت حقيبة الاتصال الوحيدة التي طالها التغيير من بين 34وزارة ووزارة منتدبة أعيد اصحابها إلى مكاتبهم رغم الانتقادات التي طالت بعضهم تتصل بتعثر مصالحهم في تنفيذ برنامج الرئيس بوتفليقة للإنعاش الاقتصادي.وتستفهم الأوساط المراقبة في الجزائرعن الأسباب التي دفعت بوتفليقة إلى التخلي عن عبد الرشيد بوكرزازة وهو الذي تولى قرابة السنة مهمة الناطق الرسمي باسم الحكومة وكان يواجه أسبوعيا كل أطياف المشهد الإعلامي الجزائري وأسئلته الحرجة في المؤتمر الصحفي الذي كان يجمعه بالصحافة المحلية والدولية عقب كل اجتماع لمجلس الحكومة، وفوق كل ذلك يحسب على أتباع عبد العزيز بلخادم، زعيم حزب جبهة التحرير، الذي يتولى بوتفليقة نفسه رئاسته الشرفية وأعلن زعيمه بلخادم قبل ايام فقط بدء خطة خوض سباق الاستحقاقات الرئاسية المزمعة خريف 2009واعلان ترشيح وتأييد الرئيس بوتفليقة باسم حزبه جبهة التحرير رغم عدم كشف هذا الأخير إلى اليوم رسميا رغبته من عدمها في الترشح لعهدة ثالثة.وظلت حقيبة الإتصال والإعلام في الجزائر منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى الحكم العام 1999رهينة التجاذبات السياسية في البلاد، أعيد لها الاعتبار في ثلاثة تعديلات حكومية واختفت أو أدمجت مع وزارات أخرى في أربعة تعديلات أخرى شهدتها الجزائر في فترة التسع سنوات الماضية، وبقيت وزارة الإتصال شاغرة منذ التعديل الحكومي الذي تم في مايو/ أيار 2005قبل أن يعين لها الرئيس بوتفليقة أحد أقرب مستشاريه الهاشمي جيار في 26مايو 2006ويخلفه بعبد الرشيد بوكرزازة العام 2007.ويأتي الاستغناء عن حقيبة الاتصال والاكتفاء بكتابة دولة مكلفة بالاتصال عين على رأسها الشاعر ورئيس اتحاد الكتاب الجزائريين والكتاب العرب سابقا عز الدين ميهوبي، في وقت تشهد الساحة الإعلامية الجزائرية انقساما لافتا بشأن ترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية ثالثة ومعارضة بعض الأوساط صراحة لهذا الترشح واستنكارها لما باتت تسميه "الحالة البورقيبية في الجزائر"، وهي أوساط يعرف عنها تخندقها سابقا مع غريم الرئيس بوتفليقة ومنافسه في انتخابات الرئاسة العام 2004خصمه علي بن فليس، وتشجيع أخرى للمترشح السابق لرئاسيات العام 1999رئيس الحكومة الاسبق الإصلاحي مولود حمروش، الذي يتهم وزير الاتصال المغضوب عليه في التعديل الجديد عبد الرشيد بوكرزازة أنه من "المؤيدين الصامتين" لترشحه، حيث سبق لبوكرزازة أن قاد العام 1999الحملة الانتخابية لمولود حمروش وتخندق إلى جانبه في وجه ما اصطلح على تسميته آنذاك ب "مرشح الإجماع" الرئيس بوتفليقة. و يحسب عز الدين ميهوبي على تيار الديمقراطيين وهو أحد النشطاء الفاعلين في حزب الوزير الأول أحمد أويحيى "التجمع الوطني الديمقراطي" (الأرندي)، ويمتلك ميهوبي تجربة كبيرة في الحقل الإعلامي فلقد تولى رئاسة تحرير أقدم الصحف الجزائرية وأعرقها "الشعب" وله شبكة علاقات واسعة مع عديد مسؤولي الصحف داخل الوطن وخارجه، وكان آخر ما تولاه من مناصب بعد انتهاء عهدته في البرلمان مدير عام الإذاعة الوطنية بقنواتها الخمس، ولا غرو أن يراهن عليه أحمد أويحيى ويلحقه بمصالح وزارته الاولى بالشكل الذي يمكّنه من الاستثمار في شبكة علاقاته وخبرته في التعامل مع الوسط الإعلامي للمرحلة المقبلة ورهانات الاستحاقات الرئاسية وتطويع مكاسبه المهنية لخدمة الجهاز التنفيذي المسؤول بموجب التعديل الدستوري الجديد على تنفيذ برنامج الرئيس بوتفليقة عبر إعداد خطة عمل لتحقيقه واقعا بعد عرضها (أي الخطة) على غرفتي البرلمان في الايام القليلة المقبلة.