أفيد في الجزائر أمس بأن قياديين في حزب جبهة التحرير الوطني يسعون إلى إنشاء «قطب وطني تقدمي» يتشكل من أربعة أحزاب من «الموالاة» (تشارك في الحكومة) لدعم مرشح التيار الوطني ضد المرشح المحتمل ل «قطب الإسلاميين» في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويريد أصحاب المبادرة إما دعم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رابعة - وهذا ما لا يبدو متاحاً الآن بسبب الوضع الصحي لرئيس الجمهورية - أو دعم مرشح مستقل من محيط أحد أحزاب «الموالاة» الأربعة. وأعلن قياديون في جبهة التحرير، حزب الغالبية، نيتهم التقرب من ثلاثة أحزاب أخرى مشاركة في الحكومة تمثّل التيار الوطني والديموقراطي وأحدها يُعتبر إسلامياً حداثياً، وذلك بهدف تشكيل قطب «وطني تقدمي» يُكلّف مهمة واحدة هي دعم مرشح السلطة في الرئاسيات المقبلة. ولم يوضح أصحاب المبادرة إن كان الأمر يتعلق بأمنيات حزبية أم بتوجهات لأطراف على علاقة ب «دائرة النفوذ» في رئاسة الجمهورية والمؤسسة العسكرية. لكن القطب في حال تشكله فعلاً سيكون رباعي التشكيل تقوده جبهة التحرير الوطني وحليفها التقليدي التجمع الوطني الديموقراطي والحركة الشعبية الجزائرية ويتزعمها الوزير عمارة بن يونس، ثم تجمع أمل الجزائر ويرأسه الإسلامي التقدمي عمار غول. وبدا جلياً أن تحرك «الوطنيين» جاء كرد فعل على تكتل الإسلاميين في شكل جيد لإعلان مرشحهم للرئاسيات. وحققت زعامات تمثّل «تيار الإخوان» أسبقية في التشاور بخصوص الرئاسيات المقبلة المقررة رسمياً في ربيع العام المقبل، لكنها يمكن أن تجرى قبل موعدها المحدد في حال أعلن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة انسحابه من الحكم بسبب المرض. وهذا السيناريو الأخير مطروح بقوة، لكنه وفق مصادر «الحياة» يلاقي بعض التحفظات. وسيكون مرشّح «الوطنيين التقدميين» على الأرجح من دائرة جبهة التحرير الوطني، لكنه ربما يكون شخصية مستقلة. وأفيد في هذا الإطار بأن ما يُعرف ب «دائرة بوتفليقة» في حزب الغالبية تحاول جاهدة تحضير رئيس الوزراء (الوزير الأول) عبدالمالك سلال، وهو تكنوقراطي، ليكون البديل الجاهز في حال انسحب الرئيس أو قرر عدم طلب الولاية الرابعة. لكن تياراً آخر مدعوماً من دوائر نافذة يُفضّل بدوره تقديم علي بن فليس رئيس الحكومة السابق مرشحاً عن الوطنيين. ويوجد في قائمة المرشحين أيضاً رئيسا الحكومة السابقان مولود حمروش وأحمد أويحيى. ويقول بعض المصادر إن «الدائرة الضيقة» في الجيش والرئاسة لا تبدو متحمسة لإسمي حمروش وأويحيى، ما يعني ارتفاع حظوظ بن فليس وسلال. وقد حاول بعض القياديين الداعين إلى «القطب التقدمي» تقديم خطة التمديد لبوتفليقة كأولوية، بيد أن مصادر تشير إلى أن أعضاء المكتب السياسي في كواليس جبهة التحرير الوطني يدركون جيداً أن عبدالعزيز بوتفليقة لم يعد من الممكن أن يتقدم مرشحاً للرئاسيات المقبلة بسبب وضعه الصحي (يُعالج منذ أكثر من شهر ونصف الشهر بعد إصابته بجلطة دماغية)، ولذلك فإن التصريحات التي تدعوه إلى الترشح لولاية رابعة لم يعد يُنظر إليها سوى بوصفها مجرد «مجاملات سياسية» لا أكثر. ويمكن اعتبار تخلي بعض أحزاب المعارضة عن المطالبة بإعلان «العجز الصحي» للرئيس بوتفليقة على أنه صدى لاتفاق النخب الحاكمة على «تسيير» مرض الرئيس ربما إلى غاية نهاية ولايته. والاتفاق، في هذا الإطار، يقضي بالتنازل عن نص المادة 88 من الدستور التي تحدد شكل انتقال السلطة في حال وجود عارض صحي لرئيس الجمهورية وهي المادة التي كانت مركز سجال في الأيام الأخيرة.