احتلت سنغافورة مجدداً المرتبة الأولى في تصنيف البنك الدولي الخاص بنشاطات «مزاولة الأعمال» وتشاد المرتبة الأخيرة، في التقرير ال 11 الذي أطلقه البنك في واشنطن أمس، وسط انتقادات الصين ومعارضتها الشديدة لهذا التصنيف. وعرض التقرير بعنوان «مزاولة الأعمال» (دوينغ بيزنس) الإطار التنظيمي المفروض على الشركات الصغيرة والمتوسطة في 189 بلداً، وهو يقوّم تحديداً الشروط التي تسمح لها بإطلاق نشاطاتها والحصول على اعتمادات أو دفع ضرائب. وجمع البنك الدولي معطيات من عشرة آلاف مهني، ليضع تصنيفاً تتصدره الدول الخمس ذاتها التي تصدرت اللائحة العام الماضي، الأولى سنغافورة منذ لائحة 2007، تليها هونغ كونغ ثم نيوزيلندا والولايات المتحدة والدنمارك. وفي لائحتها لهذه السنة، تراجعت فرنسا من المرتبة 34 إلى 38 على مستوى العالم خصوصاً بسبب إجراءات تسجيل الممتلكات العقارية وتراخيص البناء. لكن هذا التصنيف لا يلقى إجماعاً ويثير انتقادات حتى قبل نشره، وتحديداً من الصين «المستاءة» من تصنيفها العام الماضي، مؤكدة أن ذلك يمكن أن «يضر بسمعة البنك» الدولي. وكان نائب ممثل الصين في البنك الدولي بين هان، اعتبر في مداخلة علنية نادرة نهاية عام 2012، أن «التقرير يستخدم وسائل خاطئة ولا يعكس الواقع ولا يولي أهمية لتحسن بيئة الأعمال في الصين». وفي مواجهة هذا الجدل، اضطر رئيس هذه الهيئة المالية الدولية جيم يونغ كيم إلى طلب تحقيق من لجنة محاسبة خارجية أصدرت تقريرها في حزيران (يونيو) الماضي، وأشارت فيه إلى «نقاط ضعف في المنهج» داعية إلى «إلغاء التصنيف». ووافق كيم، الذي واجه بذلك الاختبار السياسي الأول منذ تعيينه صيف 2012، على بعض الترتيبات من بينها وضع اللوائح المقبلة «لمزاولة الأعمال» تحت إشراف كبير اقتصاديي البنك الدولي. لكن لم يتراجع عن التصنيف الذي يشكل برأيه «أحد عوامل نجاحه». ويُستبعد أن تهدّئ لائحة 2014 من غضب الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتي تراجعت من المرتبة 91 إلى المرتبة 96، فضلاً عن دولة ناشئة أخرى هي البرازيل التي تسجل تقدماً، لكنها تبقى في المراتب الدنيا (116)، والهند 134». ورأى مصدر في البنك الدولي في تصريح إلى «وكالة فرانس برس»، أن «التقرير من نوعية سيئة جداً، نصنّف أموراً لا علاقة لها ببعضها، لم نعد في مجال الاقتصاد». ويضع بعض النتائج هايتي أحد أفقر دول العالم في المرتبة السابعة والستين في مجال حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على الكهرباء، بينما تأتي كندا العضو في مجموعة العشرين في المرتبة 145. وفي مؤشر «حماية المستثمرين»، تندرج سيراليون التي خرجت أخيراً من حرب أهلية استمرت عقوداً في المرتبة 22، بينما تحتل سويسرا المرتبة 170. ويدافع البنك عن تقريره، مؤكداً أنه «لا يهدف إلى تحديد مدى جاذبية بلد ما أو حيوية نموه». وأوضح مدير المؤشرات العالمية للبنك الدولي أوغستو لوبيز كلاروس في مؤتمر صحافي، أن «التقرير محدود لأحد جوانب القدرة التنافسية» للدول. ورأى ضرورة أن «يبقى التصنيف لأنه يعطي فكرة عن «أفضل الممارسات» ويدفع الدول إلى إجراء إصلاحات». وأفاد التقرير بأن «238 إجراء لتسهيل عمل الشركات الصغيرة والمتوسطة طُبق في 114 بلداً العام الماضي». وأعلن الباحث في مركز «غلوبل دفيلوبمنت» سكوت موريس، ضرورة «مراجعة النهج»، لكن دافع عن مزايا التصنيف. وقال المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية في تصريح إلى وكالة «فرانس برس»، إنها «فرصة للحصول على معطيات وتحويلها إلى مسألة تلفت انتباه القادة السياسيين». وأوضح أن «الانتقادات التي تستهدف هذه اللائحة ليست جديدة»، مذكراً بأن الحكومة الفرنسية عبّرت منذ عام 2004 عن «دهشتها» عند قراءة التقرير.