كان حلم الشعراء الشعبيين قبل نحو 15 عاماً يتوقف عند نشر قصيدة شعبية لهم على صفحة مجلة تعنى بالشعر الشعبي في الخليج، والمستحيل لديهم ظهور في لقاء عبر تلك المجلات، لكن الآية اختلفت منذ أعوام عدة، وأصبح الشعراء الشعبيين يتهربون ويتحرجون من الظهور في هذه المطبوعات، باستثناء لقاءات تتحكم فيها العلاقات الشخصية مع مسؤوليها. المجلات الشعرية حكايتها طويلة في الساحة الشعبية، إذ كانت جواز مرور الشاعر إلى محبي الشعر ومتابعيه، الأمر الذي جعلها تتحكم في بروز عدد من أصحاب الحرف كحامد زيد وسعد علوش ونايف صقر ومساعد الرشيدي وسليمان المانع، بيد أن الوضع الآن اختلف كلياً، وأضحت تلك المؤسسات الإعلامية «صرحاً من خيال فهوى»، لا متابعين لها ولا انتظام في التوزيع، ولا شعراء يرغبون فيها بعد أن كانت الحلم والطموح، باستثناء مجلة «بيت الشعر» الإماراتية التي صدرت قبل عامين. ويعود عزوف الشعراء عن المجلات إلى ظهور مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب» وكذلك قنوات شعبية، ما أفرز مئات الشعراء الشعبيين في الساحة، واختلط الشاعر الحقيقي بالمستشعر، حتى أن المتلقي غير قادر على متابعة الشعر في الوقت الحالي. يقول الشاعر ضيدان المريخي: «الآن تعددت النوافذ والأبواب، وبإمكان المتابع العثور على شاعره المفضل من خلال رابط يقرأ شاعره كيف ما يشاء». وتؤكد الشاعرة رزان العتيبي أن المجلات الشعبية لم تخدم الشاعرات، بل كانت تحاول وأدهن إلا بعض تلك المجلات. ويذكر شاعر آخر (فضل عدم ذكر اسمه) أن المجلات ظلت أعوام عدة تعبث في الساحة، بإظهارها مستشعرين على حساب شعراء معروفين، متسائلاً: «أين شعراء تلك المجلات الآن؟». ويضيف أن المجلات كانت تعتمد على الواسطة في ظهور الشعراء، بينما توقفت الآن، لأنها لم تنصف الشعراء الحقيقيين، «مشكلتها أنها كانت تقصي أسماء معينة من أجل آخرين، لكن الشعر الحقيقي لا يموت». ويعود ظهور أوّل مجلة شعبية في عام 1989، حين أصدر أحد الشعراء الشعبيين الذي كان يعمل محرراً لصفحة شعبية في إحدى الصحف الكويتية، مجلة «الغدير»، وكان شعارها المكتوب على الغلاف: «شهرية تعنى بالإبداع الشعبي». وأحدثت «الغدير» عند صدورها ابتهاجاً في أوساط الشعراء الشعبيين الذين شعروا لأول مرة بامتلاك منبر إعلامي خاص بهم، وكم سعدوا بصفحاتها الملوّنة التي أضفت جمالاً على قصائدهم وصورهم. وسرعان ما اجتذبت فكرة المجلة عدداً من الشعراء الشعبيين، فبدأت المجلات الشعبية بالصدور تباعاً مجلة إثر أخرى: «فواصل»، «المختلف»، «سيوف»، «مشاعر»، «أصداف»، «قطوف»، «النخبة»، «خزامى»، «هاجس»، «العراب». وكانت «الغدير» تبرز الأدب الفصيح، وتضطلع بدور تنويري على مستوى الشعر الشعبي، لكن كل ذلك لم يمنعها من التوقف نهائياً بعد أن أخفقت في توفير الدعم المالي، وكانت نجحت في مواجهة المصاعب مرة أولى، إذ عادت إلى الصدور بعد انقطاع أول بسبب الاحتلال العراقي للكويت.