شهدت باكستان أمس، الاعتداء الأضخم ضد الأقلية المسيحية، إذ لقي 78 شخصاً حتفهم وأصيب حوالى 120 آخرين بجروح، حين أقدم انتحاريان على تفجير عبوات ناسفة أمام مدخل كنيسة جميع القديسين في مدينة بيشاور، غرب البلاد. ولم تتبنَّ أي جهة على الفور مسؤولية الاعتداء، لكن مراقبين نسبوه إلى حركة «طالبان باكستان» المتحالفة مع «القاعدة»، كونه يأتي غداة تقارير عن استعداد الجيش لشن هجوم على أحد معاقل الحركة، ما يشكل تصعيداً في المواجهة بين الجانبين. وتقع الكنيسة المستهدفة في حيّ كوهاتي جيت في الضواحي الجنوبية لبيشاور عاصمة إقليم خيبر بختون خوا المحاذي للحدود مع أفغانستان حيث تنشط جماعات مسلحة متشددة. ويضم الحيّ ثلاث كنائس أخرى وعدداً من الحسينيات الشيعية. وأعلنت الشرطة في بيشاور أن الانتحاريَين وصلا إلى مجمع الكنيسة حاملين مسدسين وألقيا قنبلة على رجال الأمن المكلفين حراستها، ما أدى إلى مقتل شرطي وجرح آخر. وفجر أحد الانتحاريين عبوة ناسفة فيما همّ المصلون بالخروج من القاعة الرئيسة لتناول طعام توزعه الكنيسة على رعاياها الفقراء بعد كل موعظة أسبوعية. وتبع ذلك انفجار ثان بعد أقل من دقيقة. وعمدت الشرطة إلى جمع أشلاء الانتحاريين وأرسلتها إلى مختبرات خاصة في محاولة للتعرف إلى شخصيتيهما. ويعد الاعتداء على الكنيسة في بيشاور تصعيداً لا سابق له في المنطقة منذ الهجمات التي رافقت الحملة الانتخابية للبرلمان الباكستاني في أيار (مايو) الماضي. ودان رئيس الوزراء الباكستاني نواز شرف الاعتداء بشدة. وعبر في بيان عن تضامنه مع مواطنيه المسيحيين، مؤكداً أن «الإرهابيين لا دين لهم وأن استهداف أبرياء مخالف لتعاليم الإسلام وكل الديانات الأخرى». واعتبر شريف أن «هذه الأعمال الإرهابية الوحشية، تدل على الذهنية العنيفة واللاإنسانية للإرهابيين». وترافق اعتداء بيشاور مع تصاعد الانتقادات للحكومة الإقليمية التي تسعى إلى سحب الجيش من المدن والمناطق السكنية في الإقليم، ووقف العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة. ويأتي الاعتداء غداة اجتماع قائد الجيش الباكستاني الجنرال أشفق برويز كياني مع قائدي فرقتين عسكريتين للمشاة في منطقة سوات (المجاورة) لوضع لمسات أخيرة على خطة لعملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة دير العليا في مالاكند، رداً على اغتيال الحركة المتشددة ضابطاً برتبة لواء الأسبوع الماضي. وفي الوقت ذاته، أبدى الجيش الباكستاني تحفظه عن نية حكومة شريف بدء حوار مع «طالبان باكستان» من أجل التوصل إلى اتفاق سلام معها، إلا أن أحزاباً سياسية مثل الجماعة الإسلامية وجمعية علماء الإسلام وحركة الإنصاف، طالبت بالمضي في نهج الحوار بهدف إحلال الأمن والاستقرار في البلاد. وعقب الاعتداء الدموي، شهدت مدن لاهور وكراتشي وفيصل آباد، تظاهرات احتجاج، تخللها شغب. وأحرق متظاهرون في عدد من الأماكن، سيارات للشرطة ورشقوا أفرادها بالحجارة، تعبيراً عن الاستياء لفشلها في حماية المصلين في كنيسة بيشاور.