تعزيز السِّلم الاجتماعي داخل المجتمع شأن بالغ الأهمية؛ لذا كان صدور نظام الحماية من الإيذاء لتحقيق هذا الهدف النبيل. والجميل أن النظام لم يُغفل الجانب الوقائي قبل وقوع المشكلة، إذ درهم وقاية خير من قنطار علاج، ولأن من قواعد الشريعة «الدفع أولى من الرفع»، بمعنى أن دفع الشيء قبل وقوعه أولى من رفعه بعد وقوعه؛ فبالتالي سيحقق النظام فعاليته من حيث معالجة الجانب الوقائي، وهذا ما يظهر جلياً في صدر النظام، وأيضاً ما جاء في آخره بالمادة (15) على وجه التفصيل، وفي أهدافه الوارده في المادة (2) من ناحية نشر الثقافة الحقوقية. بالمقابل، نُلاحظ عدداً من مواطن التطوير التي ينبغي أن تطاول النظام، ولا سيما أن نشأة فكرة «نظام الحماية من الإيذاء» هي نتاج ثلاثة أنظمة: نظام الحماية من الإيذاء، نظام حماية الطفل، نظام الحماية من التحرش؛ لتحقيق المصلحة والغاية المنشودة منها، وهذا ما أوجد قدراً من الجوانب التي يمكن أن تكون محلاً للمعالجة ويجب أن تكون محلاً للملاحظة. ففي حين أوجز النظام في مواطن كان الأحرى فيها التفصيل، وفصّل في مواطن ربما كأن الأولى فيها الإيجاز؛ كما في تحديد المخالفات ودرجاتها، وجهات التنفيذ والتنسيق بينها؛ حتى لا يكون ضعف تعاون الجهات ذات الاختصاص سبباً في إعاقة تطبيقه بشكل فعال. نجد صوراً للإسهاب التي قد تضعف فعالية النظام ما جاء من حديث المنظم عن تعريف الإيذاء فى المادة الأولى: «ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته...». وهذا الإسهاب يجعل هذا النص شاملاً لأشياء ربما تخرج عن فعل الإيذاء، التي قد يستغلها بعض الأطراف لإيراد بلاغ غير صحيح؛ إلا أن المنظم عالجها وتحدث عن المُبلغ حسن النية الذي يُعفى حال خطأ في البلاغ، بمعنى أن المُبلغ سيئ النية تتم معاقبته. باختصار، إن حصر ما يُسهم في فعالية النظام وبيانه على وجه دقيق في اللائحة التنفيذية سيخدم النظام، ولن يسمح لفقدان النظام لقيمته بسبب الإيجاز أو الإسهاب في غير مكانهما. * محام ومستشار قانوني [email protected]