يشهد لبنان اليوم إضراباً للهيئات الاقتصادية، هو الأول من نوعه، احتجاجاً على استمرار الفراغ الحكومي، بفعل الخلافات بين القوى السياسية حول صيغة الحكومة العتيدة، في وقت علمت «الحياة» من مصادر قيادية في تحالف قوى 14 آذار أنها أبلغت المعنيين بتأليف الحكومة، لا سيما الرئيس المكلف تمام سلام، أنها تؤيد ما طرحه رئيس الجمهورية ميشال سليمان في شأن الحكومة الجامعة التي تضم الأطراف السياسيين جميعاً، لا سيما «حزب الله» على أن يكون «إعلان بعبدا» أساس بيانها الوزاري، وأنها تركت تفاصيل الصيغة الحكومية للرئيسين. وينتظر أن يشل الإضراب ليوم واحد معظم القطاعات الاقتصادية والمالية في البلاد في خطوة ضاغطة على القيادات السياسية لاستعجال تأليف الحكومة، نظراً الى أن استمرار الفراغ الحكومي منذ 5 أشهر والشلل في المؤسسات سبّبا تباطؤاً كبيراً في هذه القطاعات كافة. وكان الرئيس سليمان استقبل أمس سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن في لقاء تحضيري لاجتماع المجموعة الدولية لدعم لبنان الذي سيعقد في نيويورك في 25 الجاري، وتناول خلاله معهم «المساعدة على مواجهة العبء المتزايد الناجم عن ازدياد عدد النازحين من سورية»، وأوضاع لبنان السياسية والاقتصادية والأمنية. وعلمت «الحياة» أن سليمان شدد أمام السفراء الخمسة على تحييد لبنان وعلى ضرورة إخراجه من الصراع الدائر في المنطقة والحؤول دون تأثره سلباً بالأزمة السورية وأن السفير الروسي ألكسندر زاسبكين أبلغه أن بلاده تؤيده تماماً في هذه السياسة. وفيما قالت مصادر روسية إن روسيا تستطيع أن تلعب دوراً لجهة العمل على تحييد لبنان، وموقفها مهم في هذا الصدد، أكد البيان الرئاسي عن نتيجة الاجتماع مع السفراء الخمسة دعم دولهم لتحييد لبنان. وفي مجال آخر، نقل زوار الرئيس سليمان عنه قوله في تعليقه على إضراب الهيئات الاقتصادية اليوم، إن «صرخة رجال الاقتصاد والناس يجب أن تؤثر في الإسراع بتأليف الحكومة، لكن هل يا ترى (الطبقة السياسية) نتأثر بصرخة الناس؟ وهل أن القيادات حساسة في شكل تأخذ هذه الصرخة في الاعتبار؟ كان يجب أن يتأثروا بوجع الناس قبل الآن وكان يجب أن تتشكل الحكومة منذ زمن». وأمل سليمان، أمام زواره، بأن تتشكل الحكومة قبل سفره الى نيويورك في 25 الجاري «وما زال أمامنا 20 يوماً»، مبدياً تخوفه من أن تتلاشى الظروف التي أدت الى اعتماد خيار الحكومة الجامعة التي يتمثل فيها الجميع. وقال زوار سليمان إنه مع صيغة الحكومة التي يتمثل فيها «حزب الله» وإنه سبق له أن أبلغ قيادات في قوى 14 آذار حين كان موقفهم عدم الاشتراك مع الحزب في الحكومة العتيدة بأنه خاطئ، وأنه يؤيد الصيغة الحكومية التي لا يكون فيها ثلث معطل لأي فريق، وأن تتوزع الأحجام فيها على 3 أثلاث (14 آذار و8 آذار والوسطيين) مع الضمانات التي قدمها الرئيس سلام التي يدعمها هو ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط ل «حزب الله» وقوى 8 آذار. وأكد سليمان أمام زواره أنه ليس صحيحاً أبداً أن السعودية لديها فيتو على اشتراك «حزب الله» في الحكومة، «لكن الحملات الإعلامية هي التي طرحت هذا الموضوع في شكل فاجر». كما أنه ليس صحيحاً ما يقال عن أن السعودية لا تريد قيام حكومة، وقال لمحاوريه إن «المشكلة عندنا، ونحن يجب أن نقرر ماذا نريد. وعندما نتفق فمن المؤكد أن السعودية ستتمنى لنا التوفيق». وأكد أنه حين التقى رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد قبل أيام وتحدث معه عن ضرورة تأليف الحكومة، شدد الأخير على أنه بات مطلوباً الإسراع في تأليف الحكومة. وقال سليمان إنه شعر في المحادثات التي أجراها مع الجانب الإيراني حين زار طهران أو حين استقبل أمس رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي، أن إيران تؤيد الإسراع في تأليف الحكومة في لبنان، «والمهم أن نتفق نحن بعضنا مع بعض». وأوضح سليمان، بحسب ما نقل عنه زواره، أنه تناول مع الموفد الايراني مسألة تحييد لبنان عن الصراع الدائر في المنطقة وعن احتمالات الضربة الأميركية العسكرية لسورية ن قائلاً له: «نحن لا نريد لا فعلاً ولا رد فعل في لبنان، وأن بروجردي كان متفهماً. ونقل الزوار عن سليمان قوله إن بروجردي أثار معه مسالة محاربة التكفيريين في سورية فأكد له الرئيس اللبناني أن «محاربة هؤلاء تتم بوحدة اللبنانيين والسنّة يكونون في الطليعة وأنا حاربتهم حين كنت قائداً للجيش في مخيم نهر البارد وكان عديد الجيش الذي حارب معي هناك مؤلفاً بنسبة 80 في المئة من السنّة، وبالأمس في عبرا في منطقة صيدا حاربنا هؤلاء بالتضامن السنّي مع الجيش فور بدء العملية العسكرية هناك». وعلمت «الحياة» أن سليمان تناول مع بروجردي الذي التقى أمس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، مسألة تحييد لبنان بالتفصيل وماذا ينفع لبنان وما لا ينفعه في مسألة التدخل في سورية. وأضاف سليمان في حديثه مع بروجردي: «مهما كانت الحجج التي يراها أي طرف لتدخله ومهما كانت القاعدة التي يستند إليها في هذا التدخل، سواء لنصرة النظام أو لنصرة المعارضة في سورية، فإن الأمر سيسبب إشكالات أكبر للداخل اللبناني، فيما التضامن اللبناني الداخلي يفيد أكثر في ظل التأزم الإقليمي الحاصل»، وأن المسؤول الإيراني استمع باهتمام الى الشرح الذي قدمه الرئيس اللبناني.