بالدموع والزغاريد والقبلات، استقبل آلاف الفلسطينيين على معبر بيت حانون (إيريز) شمال قطاع غزة فجر أمس 15 أسيراً، جلهم من حركة «فتح»، أطلقتهم إسرائيل ضمن الدفعة الأولى من 104 أسرى اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاق أوسلو، وسيطلقون خلال 9 أشهر من عمر المفاوضات. وشاركت في استقبال الأسرى على معبر بيت حانون، إلى جانب ذويهم وأبنائهم وزوجاتهم وأشقائهم وشقيقاتهم، قيادات من القوى الوطنية والإسلامية، ورفعت صور الأسرى ولافتات ترحب بهم ورددت هتافات تطالب بإطلاق نحو 4500 أسير لا يزالون يقبعون خلف قضبان الزنانين. وانتظر المستقبلون ساعات طويلة قبل أن يصل الأسرى بعد منتصف ليل الثلثاء - الأربعاء بنحو ساعة ونصف الساعة. ووصف عدد من المستقبلين التأخير بأنه «مقصود» من جانب إسرائيل للتنغيص عليهم وعلى ذويهم والشعب الفلسطيني. ومن بين الأسرى المحررين الأسير فايز الخور المنتمي لحركة «فتح» وأمضى نحو 28 سنة متنقلاً بين السجون الإسرائيلية، فيما بلغ عدد السنوات التي أمضاها أي من أسرى القطاع المحررين 20 عاماً على الأقل. وينتمي احد الأسرى الى حركة «حماس» وآخر الى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وثالث الى «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين». ولوحظ أنه ليس من بين الأسرى المحررين أي أسير من القدس أو مناطق ال 48. وقال المحرر سمير مرتجى (43 عاماً) المنتمي ل «حماس» والذي أمضى أكثر من 20 عاماً في الزنازين الإسرائيلية الرطبة، إنه كان يتمنى لو تم إطلاقه ضمن صفقة لتبادل الأسرى. ودعا في تصريح ل «الحياة» إلى «الجمع بين المقاومة والمفاوضات» لإطلاق كل الأسرى الفلسطينيين والعرب. وطالب مرتجى، الذي دانته محكمة عسكرية إسرائيلية بقتل متعاونين مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، باستعادة الوحدة وطنية «كي يقوى الموقف التفاوضي، ويفرض الفلسطينيون شروطهم بدلاً من أن تفرض إسرائيل شروطها» عند إطلاق الأسرى. ورغم رفض معظم فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركتي «حماس» و «الجهاد الإسلامي» العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل وتحذيرها من مخاطرها على القضية الفلسطينية، إلا أنها رحبت بإطلاق أي أسير فلسطيني. واعتبرت «فتح» في بيان أمس، أن «رضوخ سلطات الاحتلال وإطلاق الأسرى القدامى قبل أوسلو وعودتهم إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم التي عاشوا فيها، ورفض القيادة الفلسطينية مبدأ الإبعاد جملة وتفصيلاً، بعث الأمل قوياً بتحرير كل الأسرى في معتقلات الاحتلال، وطرد يأساً تسلل إلى نفوسهم ونفوس ذويهم بعد فشل صفقات سابقة بإطلاق حريتهم»، في إشارة الى صفقة تبادل الأسرى التي توصلت اليها «حماس» مع إسرائيل عام 2011 وتم بموجبها إطلاق أكثر من ألف أسير. ورأت أن «المنهج السياسي الوطني الناظم لقرارنا الوطني وإرادة القائد (الرئيس محمود عباس) المتمسك بالثوابت، المنتصر بالشعب على المستحيل، أحيا الأمل بنصر وصبح قريب في القدس الحرة عاصمة دولة فلسطين المستقلة». وقال الأسير المحرر سابقاً، الباحث في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ل «الحياة»، إنه «تم إطلاق أكثر من 13 ألف أسير فلسطيني منذ توقيع اتفاق اوسلو عام 1993». وأضاف أن إسرائيل وافقت بعد موافقة السلطة الفلسطينية على العودة إلى المفاوضات، على «إطلاق الأسرى المئة وأربعة المعتقلين قبل توقيع اتفاق أوسلو، ومن بينهم 23 من قطاع غزة، وتسعة من مدينة القدسالمحتلة، و14 من منطقة ال 48، و58 من الضفة الغربية». وأشار إلى أن «عدد السنوات التي أمضاها الأسرى ال 26 بلغ ما مجموعه 548 سنة»، لافتاً إلى أن «مصر كانت أول دولة عربية تجري عملية تبادل للأسرى مع إسرائيل عام 1949، وتم خلالها إطلاق 160 أسيراً، فيما أبرمت «الشعبية» أول صفقة فلسطينياً عام 1968 وتم خلالها إطلاق 37 أسيراً، وبلغ عدد عمليات التبادل منذ عام 1949 حتى صفقة غلعاد شاليت 39 عملية، تم خلالها إطلاق أكثر من 7500 أسير فلسطيني».