تتفق القوى السياسية العراقية على أن الترابط في الأحداث بين العراق وسورية أصبح أكثر وضوحاً، لكنها تختلف في تقويم هذا التداخل ونتائجه، خصوصاً بعدما استعاد تنظيم «القاعدة» حواضنه في الأنبار، بمساعدة مسلحيه في الجانب الآخر من الحدود. وأكد النائب عن «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي، إحسان العوادي هذا التداخل، وقال ل «الحياة» إن «آلاف الإرهابيين في سورية يخططون لتنفيذ هجمات في العراق كلما زادت سيطرة الجيش النظامي». وأشار إلى أن «أكثر من 30 ألف إرهابي في سورية يعملون على فتح جبهة خلفية مع العراق، وهم الآن في الصحراء الفاصلة بين البلدين». وزاد : «إذا نحج الجيش السوري في القضاء على الإرهابيين نتخلص منهم بدورنا، لكن إذا نجحوا في الهرب من سورية فسيفجرون الأوضاع هنا». واتفق مسؤول أمني كبير في محافظة الأنبار مع هذا الرأي، وقال ل»الحياة» إن تنظيم القاعدة استعاد حواضنه في الأنبار بمساعدة المسلحين في سورية، وهم يحولون بلدات على الحدود العراقية إلى مراكز لهم». وعزا عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عن «القائمة العراقية» مظهر الجنابي استمرار التسلل عبر الحدود بين البلدين إلى «ضعف القوات الأمنية العراقية». وقال ل «الحياة» إن «الأوضاع في سورية باتت مترابطة مع الأوضاع الأمنية في العراق، بسبب الفشل في ضبط الحدود». وأشار إلى أن المعلومات تؤكد استمرار تسلل مئات المسلحين عبر حدود البلدين. وأضاف أن «التقدم الذي أحرزته المجموعات المسلحة في سورية ونجاحها في السيطرة على مناطق حدودية محاذية للعراق ساهم في تفاقم الأوضاع الأمنية في البلاد، وهناك معسكرات تدريب كاملة قرب الحدود العراقية لأنها مناطق بعيدة من قوات الجيش السوري النظامي من جهة، ولا يستطيع العراق فعل شيء تجاهها من جهة ثانية». وأوضح أن «قوات الأمن المنتشرة في الأنبار والموصل في حاجة إلى إعادة النظر في أجهزتها الاستخباراتية لمواجهة تدفق المسلحين ومواد التفجير التي تستخدم في بغداد وجنوب البلاد». والتداخل عبر الحدود يشمل الجزء الكردي بين البلدين، فبعد إعلان رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني استعداد الإقليم للدفاع عن أكراد سورية في مواجهة الهجمات التي يتعرضون لها، ظهرت تحليلات متضاربة حول النتائج المترتبة على أي تدخل كردي مباشر في الحرب الدائرة هناك. وقال النائب عن «التحالف الكردستاني» في البرلمان العراقي محمود عثمان، إن «تنظيم القاعدة وحد جهوده، وحزب البعث يتعاون معه، وهذا ما أكده عزت الدوري. إن الوضع بشكل عام يتجه نحو المزيد من التدهور، والهجمات الأخيرة خير دليل». وأضاف أن «الإقليم ضد الجماعات المتشددة، وقد أبلغ إلى بغداد استعداده للمساعدة في محاربة الإرهاب، والدفاع عن الأكراد في سورية في مواجهة جبهة النصرة، وهذا موقف واضح، وليس بالضرورة أن تكون المساعدة عسكرية، لأن ذلك يتم عبر التنسيق مع الحكومة الاتحادية وحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سورية الذي لديه خلافات مع بارزاني، وما يجري الآن لم يخرج عن كونه مجرد بيانات (...) أعتقد أن الحل ليس في إرسال قوات، فالعراق لديه قوات كبيرة ولم يتمكن من القضاء على القاعدة؟». ورأى النائب عن «الاتحاد الوطني» في البرلمان الكردي كوران آزاد، أن «سورية ما زالت صاحبة سيادة، والإقليم باعتباره جزءاً من العراق يحترم هذه السيادة، وما يقدمه من مساعدات إلى إخوته باعتبارهم يشتركون معه في القومية واللغة كان في الجانب الإنساني وليس السياسي، لكن ما طرح حديثاً عن التدخل للحد مما يتعرضون له من قتل وإبادة، يبقى في إطار الاجتهادات، فبعضهم يطالب بإرسال قوات أو دعمهم بالسلاح. ولكن من الصعب تنفيذ ذلك لسببين، هما أن قوات الإقليم جزء من المنظومة الدفاعية العراقية، ثم إن ذلك يعتبر خرقاً للقوانين والمواثيق الدولية». ولا تقتصر نشاطات «القاعدة» على الأنبار وبغداد والمحافظات الجنوبية أصبحت في متناول مسلحيه. وفجر انتحاري نفسه ليل أمس في مقهى في منطقة بلد شمال بغداد ما ادى الى مقتل 12 شخصاً واصابة 24.