عمقت زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو كركوك، بعد لقائه المسؤولين الأكراد في أربيل، الخلافات بين أنقرة وبغداد التي اعتبرتها «انتهاكاً لسيادة العراق» و»تسللاً لا يليق بوزير خارجية دولة». وزار أوغلو كركوك امس بعد لقائه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وناقش معه «مستقبل سورية بعد نظام(الرئيس بشار) الأسد». وقال أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مع محافظ كركوك إن الزيارة «تاريخية» وأن المدينة «تمثل العمود الفقري لوحدة العراق ورمزاً لتعايش جميع المكونات»، وأعلن عن توأمة كركوك مع مدينة طونيا. وجاء رد الفعل على الزيارة سريعاً في بغداد، واعتبرها الناطق باسم رئيس الحكومة علي الموسوي»انتهاكاً للسيادة العراقية»، ونفى في تصريح إلى «الحياة» وجود «أي تنسيق بين البلدين لإتمامها» وقال «انه تسلل لا يليق بوزير خارجية دولة»، مؤكداً أن لها «تأثيراً سلبياً على كركوك ذات الظروف الخاصة، وستعقد إمكان حل قضيتها». وترفض تركيا مطالبة إقليم كردستان بضم كركوك، وتدعم مطالب العرب والتركمان بمنحها وضعاً خاصاً أو تحويلها إلى إقليم مستقل. وكان داود أوغلو وصل إلى كركوك بحماية قوات «البيشمركة» الكردية قادماً من أربيل من دون أن يمر ببغداد أو يبلغ إليها نيته زيارتها بالطرق الديبلوماسية. وقال الموسوي «انه تصرف غريب لم يكن له أي مبرر (...) لدينا مع تركيا علاقات ديبلوماسية وسفراء فلم الإصرار على انتهاك السيادة». وفضلاً عن الزيارة التي أثارت استياء بغداد، أصدر داود أوغلو وبارزاني بياناً مشتركاً، ركزا فيه على الأوضاع «الخطيرة والكارثية» في سورية، مؤكدين أن «معاناة الشعب السوري مستمرة، والدمار وصل إلى مستويات لم يسبق لها مثيل. وتصرفات النظام وسياسته في إثارة الصراع الطائفي والعرقي في تصاعد مستمر، وهذا يمثل تهديداً للأمن والاستقرار الإقليمين». وشدد البيان على ضرورة «الانتقال السلمي السياسي في سورية». وعلى أن «مستقبل سورية يجب أن تقرره الإرادة الحرة للشعب السوري». وأضاف أنه «سيتم النظر في أي محاولة لاستغلال الفراغ في السلطة من أي جماعة أو تنظيم متشدد فأمر كهذا يعتبر تهديداً تنبغي معالجته بتنسيق مشترك، ويجب أن تكون سورية الجديدة خالية من المجموعات والمنظمات المتشددة والإرهابية المتطرفة». وعبر البيان عن قلق تركيا من تمركز قوات كردية تابعة لحزب «العمال التركي الكردستاني» المعارض في بلدات سورية كردية تلقوا التدريب في إقليم كردستان. وكان رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان طالب بارزاني بالتدخل لمنع تمركز قوات تابعة لهذا الحزب في البلدات الحدودية. وكان لافتاً ما أعلنته وزارة الخارجية العراقية التي يتولاها هوشيار زيباري المقرب من بارزاني في بيان امس، إذ اعتبرت زيارة أوغلو لإقليم كردستان وكركوك «انتهاكاً لا يليق بتصرف وزير خارجية دولة جارة ومهمة مثل تركيا، ويشكل فضلاً عن ذلك، تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي العراقي». وانتقد البيان موقف حكومة الإقليم «التي سهلت الزيارة من دون علم الحكومة الاتحادية، في مخالفة واضحة لمسؤولياتها الدستورية». ويسود التوتر العلاقات العراقية - التركية، وتبادل رئيسا الحكومتين انتقادات حادة، خصوصاً بعدما أصدر القضاء العراقي مذكرة لتوقيف نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المقيم في تركيا حالياً. وزاد الخلاف بين البلدين حدة بعدما بدأت تركيا تستورد النفط من إقليم كردستان من دون موافقة الحكومة المركزية.