فيما أصدرت النيابة العامة في مصر أمراً جديداً بتوقيف مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمد بديع وقيادات في الجماعة وتيارات إسلامية أخرى، بدأ رئيس الحكومة المكلف حازم الببلاوي مشاورات تشكيل حكومته، والمتوقع أن تنتهي خلال يومين، وسط دعم خليجي متزايد للحكم الجديد تمثّل في إعلان الكويت تقديمها أربعة بلايين دولار مساعدات لمصر، لترتفع بذلك المعونة العاجلة التي حصلت عليها القاهرة خلال يومين إلى 12 بليون دولار (5 من السعودية و3 من الإمارات). وصدر أمس موقفان جديدان من إدارة الرئيس باراك أوباما في شأن مصر أظهرا أن واشنطن لا تعتزم قطع المساعدات عن الحكم الجديد في القاهرة، رغم تحفظاتها عن طريقة إطاحة الرئيس محمد مرسي. إذا قال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني مجدداً إن الولاياتالمتحدة ما زالت تدرس ما إذا كان تحرك الجيش ضد مرسي يمثّل انقلاباً عسكرياً، وأنها ترى الأزمة في مصر باعتبارها وضعاً صعباً ومعقداً. وكانت وكالة «رويترز» نقلت عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية إن الولاياتالمتحدة تعتزم ارسال اربع طائرات «أف-16» أخرى إلى مصر في الأسابيع المقبلة، رغم اطاحة الرئيس المنتخب بدعم من الجيش. وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه: «لا يوجد تغيير حالياً في خطط تسليم طائرات اف - 16 للجيش المصري». وعلمت «الحياة» أن الببلاوي استقر على تعيين الخبير الاقتصادي الدكتور زياد بهاء الدين نائباً له للشؤون الاقتصادية ورئيساً للمجموعة الاقتصادية، كما تم الاستقرار على الإبقاء على الحقائب السيادية من دون تغيير: وزراء الدفاع عبدالفتاح السيسي والداخلية محمد إبراهيم والخارجية محمد كامل عمرو. كما تم الاتفاق على استمرار وزراء البيئة خالد فهمي والمجالس النيابية حاتم بجاتو والسياحة هشام زعزوع والاتصالات عاطف حلمي، وكلهم من التكنوقراط غير المحسوبين على أحزاب، وكانوا تقدموا باستقالتهم إلى رئيس الحكومة السابق هشام قنديل مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي اطاحت حكم «الإخوان». ومن المتوقع أن تنتهي تسمية الوزراء خلال اليومين المقبلين، تمهيداً لأداء القسم القانوني أمام الرئيس الموقت عدلي منصور. وكان الببلاوي دعا الأحزاب السياسية إلى تقديم ترشيحاتها للحقائب الوزارية. كما دعا حزبي «الحرية والعدالة» و «النور» السلفي إلى المشاركة في الحكومة، ما أظهر أنه يرغب في أن تكون الحكومة المقبلة مزيجاً بين الحزبيين والتكنوقراط. وفي حين يبدو حزب «الحرية والعدالة» المنبثق من جماعة «الإخوان» مصراً على مقاطعة الحكم الجديد احتجاجاً على عزل الرئيس «الإخواني» محمد مرسي، فإن حزب «النور» السلفي يسلك طريقاً مختلفاً كما يظهر. فقد اعتبر المتحدث باسمه إبراهيم أباظة أن إعلان حزبه الانسحاب من خريطة الطريق التي أعلنها الحكم الجديد ليس معناه «عدم إبداء الرأي أو تقديم ترشيحات». وقال ل «الحياة»: «سنتقدم بمجموعة من المرشحين للحقائب الوزارية لكن من غير المنتمين إلى الحزب»، مشدداً على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة «من التكنوقراط المستقلين وألا تكون حزبية». وعلى النهج نفسه سار القيادي في «جبهة الإنقاذ» عمرو حمزاوي إذ أكد ل «الحياة» أن «موقفنا كان تشكيل حكومة تكنوقراط تشكل على أساس الكفاءات، ومن دون الدخول في المحاصصة الحزبية، حتى لا يقال إننا أزحنا حزباً وأتينا بمجموعة من الأحزاب الأخرى مكانه». وقال: «نريد حكومة مستقلة من الكفاءات». من جهة أخرى، أمرت النيابة العامة في مصر بتوقيف المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمد بديع وقيادات في التيار الإسلامي لاتهامهم ب «التحريض على ارتكاب أحداث العنف والقتل والمصادمات الدامية التي وقعت قبالة دار الحرس الجمهوري» يوم الاثنين الماضي والتي راح ضحيتها أكثر من 50 قتيلاً في اشتباكات بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي وقوات الجيش والشرطة. وشملت قائمة المتهمين مرشد الجماعة ونائبه محمود عزت وأمينها العام محمود حسين والقياديين في الجماعة محمد البلتاجي وعصام العريان، إضافة إلى الداعية القريب من الإخوان صفوت حجازي، والقياديين في «الجماعة الإسلامية» عاصم عبد الماجد وصفوت عبدالغني، وعبدالرحمن عز، وهو واحد من الكوادر الشبابية للتيار الإسلامي، والقيادي في حزب «الوسط» عصام سلطان. وذكرت النيابة أنها اصدرت قرارها استناداً إلى «التحريات التي توصلت إلى اشتراكهم في الوقائع محل التحقيق عن طريق الاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب الجرائم التي جرت أمام دار الحرس الجمهوري». وسبق أن اصدرت النيابة قرارات ضبط وإحضار لبديع وعبدالماجد والعريان والبلتاجي وحجازي وسلطان باتهامات التحريض على العنف في وقائع مختلفة. ويُعتقد بأن بديع وقيادات في الجماعة، منهم العريان والبلتاجي، يتحصنون بالحشود الموالية لمرسي في ميدان «رابعة العدوية» ويقيمون وسط المعتصمين. وقالت الجماعة ان الهدف من هذه القرارات فض اعتصام رابعة العدوية. وفي واشنطن، أفادت وكالة «رويترز» أن البيت الأبيض أعلن أن الرئيس باراك أوباما تحدث الثلثاء هاتفياً مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لمناقشة المخاوف بشأن العنف في مصر. وقال البيت الأبيض في بيان عن محادثة أوباما الهاتفية مع الشيخ محمد «شجع الرئيس الإمارات على التأكيد في اتصالاتهم مع المصريين على أهمية تفادي العنف واتخاذ خطوات لتسهيل الحوار والمصالحة». وقال عن محادثة أوباما مع الشيخ تميم: «اتفق الرئيس والشيخ تميم على انه من الضروري لتحقيق الاستقرار في مصر وجود عملية سياسية تتضمن مشاركة جميع الأطراف والجماعات».