تعمل سلطنة عمان، عبر»اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية»، على إقامة «بيوت منتصف الطريق» بغية استيعاب أكثر من خمسين متعافياً من الإدمان. ويتوقع الانتهاء منها قبل نهاية العام الجاري. وبعد افتتاح مستشفى جديد للأمراض النفسية (المسرة) يجري حالياً صيانة المساكن الخاصة للمستشفى السابق (ابن سينا) مع وجود خطة لبناء وحدات سكنية متكاملة كمرحلة ثانية للمشروع. ويهدف المشروع إلى دمج المتعافين من الإدمان في المجتمع. ويبدأ المتعافي رحلته بعد الخروج من مستشفى «المسرة» بالمكوث بين 4 و6 أشهر ليخضع لبرامج تأهيلية تتضمن جوانب نفسية واجتماعية وذاتية ودينية. ويعمل الدعم المهني على تعليم المتعافي مهنة تؤهله لكسب لقمة العيش وتحقيق الاستقرار النفسي، الذي يعد المرحلة الأهم لمساعدته في التقليل من نسبة الانتكاسة التي يقع فيها المتعافي غالباً، إضافة إلى وجود خطة لدمجه في المجتمع من خلال خطوات علمية مدروسة من جانب المرشدين المتخصصين والمرشدين المتعافين المؤهلين والمدربين في هذا المجال. وتواجه السلطنة أزمة المخدرات على أكثر من مستوى، فحدودها الجغرافية تغري الشبكات العالمية، وخصوصاً من دول غرب آسيا، لاستخدام الحدود العمانية في تجارة الترانزيت، كونها مفتوحة على سواحل طويلة تمتد أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر، ولا تبعد كثيراً في بعض المناطق عن الأراضي الإيرانية والباكستانية ذات الحدود المشتركة مع أفغانستان، وهي من أشهر مواطن زراعة المخدرات في العالم. وتعمل عمان على أكثر من صعيد للتخفيف من حدة انتشار هذه الآفة بين مواطنيها. ويصبح تعقّب المدمنين ومعرفتهم في المجتمعات المحافظة صعباً جداً، إذ لا يتقبل المجتمع فكرة وجود مدمن فيحاصره، ما يدفع بعض المتعافين إلى تعاطي المخدرات مجدداً. وكشف مسؤول في «اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية»، وهو مشرف على مكتبها التنفيذي، أن ثمة توجهاً لشراء حافلة تجوب أرجاء السلطنة للقيام بنشاطات توعية وإرشاد للشباب في المدارس والأندية، مشيراً إلى أن المشكلة في ازدياد مطرد. بلغ عدد المقيّدين في السجل المركزي في السلطنة حتى نهاية عام 2011 حوالى 2995 حالة، أي بزيادة 427 حالة عن 2011. لكن هذا العدد لا يعكس الحجم الحقيقي للمشكلة في المجتمع، وذلك بسبب طبيعة مشكلة تعاطي المخدرات في البلاد، فالكثير من المرضى مازالت تراودهم الشكوك في طلب العلاج خوفاً من الوصمة الاجتماعية أو المسألة القانونية، أو لأنهم ما زالوا غير مدركين أبعاد التدهور الذي قد يصلون إليه. ومن المشكلات الأبرز التي تواجه السلطنة في مجال مكافحة المخدرات تدني متوسط عمر المرضى المدمنين إلى 22 سنة، مقارنة بالسنوات الماضية. وهذا بحد ذاته مؤشر خطير يعكس بداية سنوات التعاطي في أعمار المراهقة. وثمة تحدٍّ من نوع آخر يتمثل في صعوبة علاج هذه الفئة وحاجتها إلى خدمات خاصة تتماشى مع أعمارها ونضجها العاطفي والعقلي. وكانت بداية انتشار المشكلة في أوساط الفتيات والنساء، الأمر الذي تطلب وجود خدمات خاصة لهذه الفئة من المرضى، فضلاً عن زيادة عدد متعاطي الأفيون والهيرويين والمورفين، والتي تعد من المواد المدمرة التي يصعب التخلص منها وعلاجها. إلى ذلك، يربط الخبراء بين تعاطي هذه المواد وممارسة سلوكيات خطيرة، كالتعاطي عن طريق الحقن، ما يعد مؤشراً إلى انتشار أمراض معدية، كالإيدز والتهاب الكبد ب و ج، بالإضافة إلى تعاطي أكثر من مادة من مختلف الفئات كالمهدئات والقنبيات مع مادة الأفيون، ما يؤدي إلى خطورة الإصابة بجرعة زائدة، أو الإعاقة... والموت. ويأمل القائمون على مكافحة المخدرات في السلطنة بتدشين استراتيجية متكاملة خلال العام الجاري، بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات. وتشمل الاستراتيجية كل المحاور الأساسية المتعلقة بخفض العرض والطلب وتقليل الضرر، وتتضمن أربع غايات عامة، لكل منها أهداف خاصة وآليات للتنفيذ تتولاها القطاعات المختلفة المعنية بتلك المشكلة. وتشمل الغايات العامة تعزيز جهود المكافحة وتطوير برامج التوعية والوقاية من أخطار المخدرات، وتنويع طرق العلاج وتحديثها، وتطوير برامج التأهيل وإعادة الدمج.