يحتفظ علي الصادق بالكثير من الصور التي تم التقاطها لقلعة تاروت في محافظة القطيف، خلال القرن الماضي من مصورين أجانب، فيفتح موبايله ليستعرض صوراً عدة للقلعة والعين الجوفية التي تسمى «العودة». ويتفاخر على أقرانه الجالسين بجانبه بأنه استطاع أن يقفز من برج القلعة إلى العين مباشرة، من دون تعرضه لأذى، كما كان يفعل الشبان في ذلك الوقت لإظهار الفتوة والشجاعة واستعراض العضلات. ويتحدث الصادق عن القلعة، موضحاً أن «المؤرخين يذكرون أن بناءها كان بين عامي 1515 و1521، في وسط جزيرة تاروت، وبالتحديد في الطرف الجنوبي الغربي من حي الديرة، ولكن من غير المعروف حتى الآن من الذي بناها، على رغم ترجيحات باحثين بأن أهالي تاروت بنوها لتحميهم من هجمات البرتغاليين وقت غزواتهم، إلا أن بعضهم يرى أن الغزاة البرتغاليين هم من بنوها لتحميهم من هجمات الأتراك، إلا أنهم اضطروا لتسليم القلعة عام 1559، وخرجوا من تاروت إلى جزيرة أوال (البحرين). وتتكون القلعة من أربعة أبراج يقوم كل واحد منها في ركن من أركانها، وفناؤها مستطيل تتوسطه بئر عميقة، يعتقد أنها لتخزين المؤنة في فترات الحصار. ويزخر متحف الرياض الوطني بالكثير من المقتنيات الأثرية ذات الدلالة التاريخية المهمة. وتشكل القلعة أهمية بالغة في هذه المنطقة، فهي تتسيد المشهد التاريخي من دون منافس، متربعة وسط منازل الحي، الذي لا تزال غالبيتها صامدة حتى الآن، متداخلة مع البساتين. فيما تقع أسفل القلعة عين ماء تسمى «العودة»، وتعتبر من «روائع الفن الهندسي»، إذ كانت تسقي الجزيرة بأكملها، وتحوي مياهاً معدنية كان يقصدها المرضى للاستشفاء. يقول الصادق: «إن هذه العين كانت محطة الاستجمام، على رغم أنها كانت مخصصة للنساء والأطفال في أوقات معينة من اليوم، إلا أن عدداً من الشبان بدؤوا يقحمون أنفسهم شيئاً فشيئاً حين تكون العين خالية من النساء، وذلك بهدف الاستجمام والسباحة وأحياناً أخرى التنافس في الهبوط إلى العين من قمة البرج المطل عليها». ويقال إنها عين جوفية كبيرة نوعاً ما، لكنها عميقة جداً، مسورة من ثلاث جهات، والجهة الرابعة لا تحتاج لسور، فالبرج الشمالي للقلعة كان بمثابة السور. وارتبطت هذه العين بما يسمى محلياً «ليلة الغسلة»، وهي عادة اندثرت من المجتمع. إذ كانت العادة أن تستقبل الفتاة صديقاتها وبنات حيّها وقريباتها عند غروب الشمس أو قبله بقليل، ويسيرون في موكب تتقدمهن العروسة، وهن ينشدن الأناشيد حتى يصلن إلى عين العودة الخاصة بنساء البلدة، وبعد الانتهاء من الاستحمام تعود الفتيات بالعروس إلى دارها، وهن يرددن الأغاني الشعبية على وقع الزغاريد.