أدت تدابير الجيش اللبناني في مدينة صيدا والاتصالات التي أجرتها فاعليات المدينة الى لجم التدهور الأمني الذي شهدته أول من أمس، فيما واصل الجيش تدابيره. وأصدر مجلس الأمن الفرعي في المدينة قراراً بعد اجتماعه بمنع المظاهر المسلحة من أي طرف كان، بعد أن كان ظهر السلاح بكثرة خلال اشتباكات أول من أمس بين أنصار الشيخ أحمد الأسير ومجموعات من «سرايا المقاومة»، فضلاً عن تورط مجموعات مسلحة في منطقة حارة صيدا حيث ل «حزب الله» نفوذ ومكاتب وكذلك لحركة «أمل»، ضد أنصار الأسير. وإذ ساد الهدوء المدينة أمس، فإن التخوف من تكرار سيناريو الصدام في المدينة على غرار ما يحصل في طرابلس بقي هاجس الأوساط السياسية داخل صيدا وخارجها، مع قلق من أن هذا الاحتمال في عاصمة الجنوب يحمل مخاطر أكثر نظراً الى التداخل داخل المدينة، وبينها وبين محيطها الجنوبي، كونها طريق الجنوب، ومع الوجود الفلسطيني الكثيف على تخومها، لا سيما في مخيم عين الحلوة للاجئين، الذي أكدت القيادات الصيداوية أنه أظهر انضباطاً بعدم التدخل في ما حصل الثلثاء، على رغم حماسة بعض المجموعات المتعاطفة مع الشيخ الأسير. وواصلت النائب عن صيدا بهية الحريري اتصالاتها مع سائر القوى السياسية في المدينة ومع كبار المسؤولين داعية الى إخماد الفتنة بتعزيز التدابير الوقائية من جانب القوى الأمنية والجيش منعاً لتكرار ما حصل مع ضرورة التزام كل الأطراف دعم هذه التدابير وعدم السماح لأي فريق بأن يستظل أي جهة سياسية. وتحدثت الحريري، في مؤتمر صحافي إثر ترؤسها اجتماع اللقاء التشاوري، عما جرى في المدينة وتداعياته الأليمة عليها وعلى لبنان، وقالت إن الدولة هي التي تحمي صيدا وتمنع النزاعات وأي سلاح خارج الدولة مرفوض، مشيرة الى أن «الخلاف في المدينة ديموقراطي على ألا يؤدي الى نزاع مسلح، والمدينة لن تقبل إلا الدولة لحفظ الأمن، ولن يكون هناك رابح في هذا النزاع». وقالت إن «النزاع المسلح يأخذ الأبرياء رهائن وسنعمل جاهدين لمنع تكرار هذه الحالة الشاذة الغريبة عن المدينة والتي لن يرضى أهلها وقواها بأن تتكرر». وقدمت الاعتذار للأهالي الذين عاشوا هذه الحالة الشاذة والمرفوضة، مؤكدة أن «الغطاء مرفوع عن كل مرتكب». وفيما أكد الأمن الفرعي أن «الخطابات غير المسؤولة ستوصل الى زيادة الاحتقان الطائفي»، فإن الشيخ الأسير عقد مؤتمراً صحافياً اعتبر فيه أن فتيل الأزمة في صيدا هو شقق «حزب الله» وتحدث عن مهلة أقصاها الاثنين لإقفالها، محذراً من أنه إذا لم يتم تنفيذ ذلك ستكون هناك خيارات أخرى منها الخيار العسكري. وإذ كرر الحملة على سلاح «حزب الله» قال: «نحن نتعرض للاعتداءات»... وتوجه الى أهالي حارة صيدا بالقول: «لم نكن ننتظر أن نقصف من قبلكم... لا تقفوا مع الظالم بوجه المظلوم ونحن محكومون بالعيش سوية». وعرض الأسير فيديو يظهر من بدأ بإطلاق النار وهاجم الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله وقال: «نحن لسنا عبيداً عنده». وكان الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب السابق أسامة سعد حمّل جماعة الأسير مسؤولية ما حصل واتهمهم بمحاولة جر حارة صيدا الى الاشتباك. كما تحدث عن اشتراك عناصر سورية مع الأسير في الاشتباكات. وأبدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري قلقه من «الفتنة المتنقلة من منطقة الى أخرى»، معتبراً أن «الوضع الأمني خطير ومقلق». ودعا الى «تضافر الجهود لوضع حد لمثل هذه المحاولات التي تهدد البلد». ونقل نواب عن بري قوله خلال لقائه الأسبوعي معهم، إنه «ينتظر الانتهاء من موضوع الطعن بالتمديد للمجلس النيابي من أجل البدء بورشة عمل على الصعد كافة». وأوضح أنه «سيباشر غداً (اليوم) أو بعد غد (الجمعة) متابعة موضوع تشكيل الحكومة». وأكد بري أنه «سيتابع عبر اللجان وعبر الهيئة العامة درس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المطروحة» في عملية تنشيط لعمل البرلمان بعد سريان التمديد له. وجدد القول إنه «سيدعو لجنة التواصل النيابية للاجتماع مجدداً من أجل متابعة مناقشة قانون الانتخاب في أسرع وقت وبشكل مكثف وفقاً لمهلة زمنية محددة». وفي سياق المواقف من تأليف الحكومة كرر نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم رفض صيغة الرئيس المكلف تشكيلها تمام سلام التي تقضي بمساواة قوى 14 آذار و8 آذار والوسطيين (8+8+8). كما هاجم قاسم زعيم تيار «المستقبل» ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري معتبراً أنه «يخطئ كثيراً عندما يبحث عن مستقبله السياسي على إيقاع المشروع الأميركي – الإسرائيلي ويحرض مذهبياً ويرفض حكومة الوحدة الوطنية ويدعم الإرهابيين في لبنان وسورية». وطالب الرئيس سلام أن يكون أميناً على التأليف ولا نعتقد أن مصلحة لبنان إلا بحكومة الوحدة الوطنية. وفي مجال آخر، نفى وزير الخارجية عدنان منصور ما ورد على أحد المواقع الإلكترونية عن ترحيل 25 لبنانياً من قطر الى لبنان، وأكد أنه ليس هناك أي اتصال أجري من قبل اللبنانيين في قطر في هذا الشأن. وأوضح منصور أنه سيزور إيران أواخر الأسبوع للبحث في العلاقات بين البلدين والاتفاقات الموقعة بينهما. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قال في احتفال تربوي: «يعيش لبنان إحدى أكثر المراحل صعوبة في تاريخه سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وبلغ الانقسام السياسي والطائفي مستويات خطيرة حتى بات الكيان في خطر إذا لم نسارع جميعاً الى رأب الصدع بالحوار الصادق». وأضاف: «مهما اشتدت الانقسامات قدرنا العودة الى الحوار والعيش معاً ومناقشة قضايانا على الطاولة لا في الشارع، فلماذا لا نختصر الطريق ونذهب مباشرة الى الحوار بدل الرهان على متغيرات خارجية، مهما كانت لن تكون لمصلحتنا ولا دخل لنا بها». واعتبر أن «النأي بالنفس عن الأوضاع في المنطقة ضروري، لأن أي تدخل في أي أمر لا يعنينا سيجلب المزيد من الشرور على لبنان ووحدته الداخلية».