حقق مؤشرا سوقي الأسهم في الإمارات مكاسب هذه السنة، تضاف إلى تلك المسجلة العام الماضي، فارتفع مؤشر سوق دبي المالية في كانون الثاني (يناير) الماضي بنسبة 16.3 في المئة، لتحتل السوق المرتبة الأولى عالمياً في نسبة الارتفاع خلال هذا الشهر، وسجل مؤشر سوق أبو ظبي للأوراق المالية زيادة نسبتها 9.5 في المئة. وزاد المؤشر بنسبة 3.5 في المئة في السوق السعودية وهي أكبر سوق في المنطقة وتستحوذ على 87 في المئة من قيمة التداولات في الأسواق المالية العربية، كما ارتفع مؤشر سوق الدوحة بنسبة 4.38 في المئة، ومؤشر سوق الكويت 5.24 في المئة. وعلى المستوى العالمي ازداد مؤشر «داو جونز» الأميركي 6.9 في المئة، و»داكس» الألماني 2.9 في المئة، و»نيكاي» الياباني 7.6 في المئة. وعلى رغم المكاسب الكبيرة التي حققها مؤشرا الإمارات العام الماضي وفي الشهر الأول من هذه السنة، فهي لا تزال منخفضة بنسبة كبيرة مقارنة بمستوى الإقفال نهاية حزيران (يونيو) 2008، نتيجة الخسائر التي تكبّدتها مؤشرات أداء هذه الأسواق بين الربع الأخير من عام 2008 وحتى نهاية عام 2011 بسبب أزمة المال العالمية. وتتمثل العوامل المهمة التي ساهمت في التحسن الملحوظ في أداء مؤشرات أسواق الإمارات وفي مقدمها مؤشرات الأسعار، في دور الاستثمار الأجنبي المهم في حركة هذه الأسواق، إذ لوحظ تجاوز قيمة مشتريات هذا الاستثمار حجم مبيعاته بنسبة كبيرة، إضافة إلى توسيع قاعدة شرائه من الأسهم المدرجة، مع تركيزه على أسهم الشركات الأكثر سيولة. وبلغت قيمة الشراء الصافية في السوقين (الفرق بين مشترياته ومبيعاته) لمصلحة الشراء 614.5 مليون درهم، مشكلة نسبة لافتة من التداولات في السوقين. ويشجع شراء الاستثمار الأجنبي المؤسسي عادة نسبة كبيرة من المستثمرين والمضاربين الإماراتيين على التوظيف في الأسواق، على افتراض أن مشترياته وقراراته الاستثمارية تستند إلى أساسات مالية واقتصادية واستثمارية مدروسة. كذلك ساهم النمو المتميّز في الأرباح المحقق في شركات مدرجة، في ارتفاع حجم الطلب في السوق، إذ أفصحت شركات كثيرة عن نتائج أعمالها في كانون الثاني الماضي، ويلجأ المستثمرون المتخصصون إلى إعادة احتساب مؤشرات جاذبية الأسعار، استناداً إلى أي إفصاح أو تطور في أداء الشركات سواء كان إيجابياً أو سلبياً، كما تعزز النمو في الأرباح جاذبية الأسعار. وساهمت التوزيعات النقدية التي أعلنتها الشركات في تعزيز الطلب في السوق، إذ لوحظ نمو لافت في توزيعات الشركات هذه السنة، يتناسب مع الزيادة في قيمة الأرباح الصافية، والانخفاض الكبير في سعر الفائدة على ودائع الدولار الأميركي والدرهم الإماراتي، أدى إلى منافسة ريع الأسهم بالتالي ارتفاع حجم الطلب على أسهم الشركات التي يصل مستوى ريعها إلى خمسة في المئة وأكثر. ويعادل هذا الريع أضعاف عائدات الفوائد على الودائع. وعزّز تراجع الأخطار النظامية وغير النظامية في أسواق الإمارات في ظل تراجع المخاوف من التأثيرات السلبية للهاوية المالية الأميركية وأزمة الديون الأوروبية والتأقلم مع الظروف الجيوسياسية في المنطقة، تركيز المستثمرين على أداء اقتصاد الإمارات وقطاعاته المتنوعة، وكذلك أداء الشركات المدرجة والمشاريع الضخمة التي أعلنتها حكومة أبو ظبي المقدرة قيمتها بنحو 330 بليون درهم، فضلاً عن مشاريع أطلقتها حكومة دبي، توقعات نمو القطاعات الاقتصادية. واضطلع استقرار قطاع العقار بعد تراجع لسنوات وتحسن أدائه في بعض المواقع المهمة في دبي، فضلاً عن إيجابيات قرار حكومة أبو ظبي باندماج شركتي «الدار» و»صروح» العقاريتين، في تعزيز الطلب على أسهم شركات العقارات المدرجة في الأسواق المالية، التي تستحوذ على حصة الأسد من تداولات الأسواق. وأفضى ذلك إلى ارتفاع في أسعارها بنسبة كبيرة، ما انعكس على أداء مؤشر الأسواق. وعزّز ارتفاع قيمة الرسملة الخاصة بأسهم الشركات المدرجة في السوقين بقيمة 40 بليون درهم في كانون الثاني الماضي، زيادة في ثقة المستثمرين والمضاربين، ودخول أعداد كبيرة إلى هذه الأسواق لاستغلال الفرص الاستثمارية المتوافرة واتساع قاعدة المستثمرين والمضاربين، ما أدى إلى زيادة في قيمة التداولات إلى 13.1 بليون درهم الشهر الماضي في مقابل 4.6 بليون درهم في كانون الأول (ديسمبر) 2012. ولوحظ استحواذ سوق دبي على ثلثي التداولات في السوقين، وثلث التداولات في سوق أبو ظبي وارتفاع الأسعار وتحسن مؤشرات أداء الأسواق. وساهم ذلك في تشجيع المصارف الإماراتية على منح القروض للمستثمرين في الأسواق المالية بعد توقفها سنوات. * مستشار أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»