وصلت أول مجموعة من مسلحي حزب العمال الكردستاني المنسحبين من تركيا إلى شمال العراق امس، بعد رحلة استغرقت نحو أسبوع سيراً على الأقدام. وجلبت المجموعة المكونة من 15 مقاتلاً أسلحتها وعتادها واستقبلها زملاؤها من مسلحي الحزب في معسكرات شمال العراق استقبال الأبطال. في بغداد، طالبت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بمنع دخول مسلحي «الكردستاني»، فيما حض النائب عن ائتلاف دولة القانون كمال الساعدي على اعتقالهم، بعدما صلوا من خلال جبال قنديل ودخلوا منطقة هرور في جبل متين في محافظة دهوك. وقال قائد المجموعة الكردية المنسحبة الملقب ب «جكر»، إن الطريق كان صعباً ووعراً، لأنهم اضطروا للاختباء من الجيش والأمن وطائرات التجسس التركية، وعانوا خلال الرحلة من صعوبات بالغة. وكان ملفتاً وجود صحافيين اثنين مع المجموعة، أحدهما قال إنه من وكالة أنباء «الأناضول» التركية الرسمية. ولم تكشف المجموعة عما إذا كانت هناك قوافل أخرى خلفها، ولكنها شددت على أن الذين سينسحبون من تركيا سيحتفظون بسلاحهم ويواظبون على تدريباتهم في معسكراتهم في شمال العراق إلى حين تنفيذ الحكومة التركية وعودها بإقرار الحقوق القومية للشعب الكردي من أجل مصالحة تاريخية. كما هدد أحد أفراد المجموعة قائلاً إن بإمكانهم العودة إلى مواقعهم داخل تركيا مجدداً خلال أيام في حال تم فسخ الاتفاق وأن الحزب الكردستاني يحتفظ بعيون له في المواقع التي انسحب منها. وأشارت عناصر المجموعة إلى أنها انسحبت بناء على دعوة زعيم الحزب عبدالله أوجلان ووفق الاتفاق الذي أبرمه مع الاستخبارات التركية . وكان نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينش دعا مسلحي حزب العمال الكردستاني إلى دخول المعترك السياسي في تركيا مستقبلاً بعد إلقائهم السلاح، وقال إنه لن يكون هناك ما يمنع عودة المسلحين للعمل في السياسة في تركيا بعد إلقائهم السلاح، مشيراً إلى أن خطوة الانسحاب غير كافية بحد ذاتها وأن على الحزب الكردستاني أن يثبت أنه طوى صفحة العنف والحل العسكري. شكوى عراقية وفيما رحب نواب أكراد من إقليم كردستان العراق بقدوم أول مجموعة من الكردستاني من تركيا وما وصفوه ببداية الحل السلمي للقضية الكردية في الجارة تركيا، قررت الحكومة العراقية اللجوء إلى مجلس الأمن لتشتكي اتفاق أنقرة مع المسلحين على دخولهم أراضيها من دون إذن أو تنسيق مع بغداد، ما يمس السيادة الوطنية. وأفاد بيان صدر عن الحكومة العراقية، أن العراق يرحب بالحل السلمي للقضية الكردية في تركيا لكن من دون أن يكون ذلك على حساب سيادة أراضيه، لكن مصادر مطلعة في أنقرة قالت ل «الحياة» إن الحكومة التركية غير معنية بموقف بغداد على اعتبار أن «الكردستاني» يتخذ من الأراضي العراقية ملجأ له منذ عقود دون أن تحرك بغداد ساكنا ضده. وأشارت هذه المصادر إلى أن خطة السلام تقضي بعدم بقاء المسلحين في شمال العراق . ويتوقع أن تستمر عملية الانسحاب حتى أيلول (سبتمبر) المقبل لينهي حوالى 2300 مسلح كردي انسحابهم ، وان كان عدد المجموعة الأولى تسبب في خيبة أمل لدى الشارع التركي الذي توقع انسحاب المسلحين بالمئات وبدون سلاح كما وعد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. يذكر أن الجيش التركي أصدر بياناً الإثنين نفى فيه وجود أي دليل مادي ملموس لدى الجيش على انسحاب المسلحين الأكراد خارج تركيا. وتباينت مواقف الكتل النيابية العراقية إزاء انسحاب مقاتلي «الكردستاني» إلى جبال قنديل. وطالب نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان النائب إسكندر وتوت الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع دخول عناصر الحزب الأراضي العراقية. وأوضح ل «الحياة»: «لا يمكن عناصر حزب العمال الكردستاني الذين يخوضون صراعاً مع الحكومة التركية منذ عشرين سنة، دخول الأراضي العراقية من دون موافقة الحكومة المركزية». وأضاف: «يبدو أن هناك مخططاً تركياً غير واضح لإنهاء النزاع مع حزب العمال الكردستاني على حسابنا، ولا بد لنا من منع تنفيذ تلك المخططات الاستفزازية». ورأى انه «كان يفترض بحكومة إقليم كردستان مناقشة الموضوع مع المركز واستحصال موافقته، لأن من صلاحيات بغداد منع عناصر حزب العمال الكردستالني من الانسحاب إلى الأراضي العراقية، لان ذلك سينعكس سلباً على امن البلاد عموماً». وأكد النائب عن ائتلاف دولة القانون كمال الساعدي أن من حق الحكومة العراقية «اعتقال مسلحي الكردستاني التركي لدخولهم البلاد من دون سند قانوني وبصفة فصيل إرهابي مسلح». وقال: «إذا كان الأمر يتعلق بقوة عسكرية أجنبية فهذا أمر خطر». واعتبر أن «الاتفاق التركي مع حزب العمال موجه ضد العراق، لنقل الصراع إلى أراضينا»، متسائلاً: «كيف سمح (رئيس كردستان العراق) مسعود بارزاني لهؤلاء بالوجود في الأراضي العراقية، خاصة عندما صرحوا بأن أمر الحكومة العراقية لا يهمهم». في المقابل، أبدى «التحالف الكردستاني» في البرلمان العراقي ارتياحاً لإنهاء القتال بين الحكومة التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني. وقال النائب شوان محمد طه في تصريح ل «الحياة»، إن « إنهاء الصراع بين الأتراك وحزب العمال سينعكس بصورة إيجابية على أمن حدود العراق والدول المجاورة له». وأوضح أن «عناصر العمال الكردستاني ستنسحب إلى سلسلة جبل قنديل الحدودية حيث كانوا هناك قبل 20 سنة، وبالتالي لا يشكلون خطراً على الأراضي العراقية عموماً أو الإقليم خصوصاً، علماً أن سكان إقليم كردستان قدموا ضحايا كثراً إزاء صراع الأتراك مع حزب العمال، وبالتالي فإن الاتفاق المبرم بينهما سيزيد من أمن الإقليم واستقراره».