وضعت انتخابات الرئاسة في فنزويلا، لاختيار خلف للرئيس هوغو تشافيز الذي توفي بمرض السرطان، البلاد أمام خيارَي متابعة «الثورة الاشتراكية البوليفارية»، أو اتخاذ مسار مختلف ينهي إرث 14 سنة من حكم تشافيز. ويخوض المعركة، الرئيس بالوكالة نيكولاس مادورو وزعيم المعارضة إنريكه كابريلس. مادورو (50 سنة) نقابي سابق تعهد تعزيز «الثورة البوليفارية» التي أطلقها تشافيز، بعدما اختاره الرئيس الراحل خليفة له، إثر شغله وزارة الخارجية ثم تعيينه نائباً للرئيس، قبل توليه الرئاسة بالوكالة. أما كابريلس (40 سنة)، وهو حاكم ولاية ميراندا، فاعتبر أن الفنزويليين ملّوا السياسات «التشافيزية» المثيرة للانقسام، متهماً خصمه ب «الاختباء» وراء ظل الرئيس الراحل. وذكّر بمشكلات كثيرة يعانيها الفنزويليون، بينها أبرز نسبة تضخم في أميركا اللاتينية (20 في المئة) وتفشٍ قياسي للجريمة والخطف وانقطاع متكرر للتيار الكهربائي ونقص في المواد الغذائية والأدوية وانهيار في البنية التحتية. وعلى رغم أن فنزويلا تملك أضخم احتياطي نفط في العالم، لكنها تنوء تحت وطأة ديون توازي نصف إجمالي ناتجها الداخلي. وأعلن كابريلس أنه لن يلغي برامج اجتماعية أطلقها تشافيز وأدت خلال 14 سنة إلى تراجع نسبة الفقراء من 50 إلى 30 في المئة، لكنه تعهد إنهاء «هدايا» مقدمة إلى كوبا وحلفاء آخرين للنظام في كراكاس. وترجّح استطلاعات رأي فوز مادورو، لكن تقدّمه الهائل على كابريلس تراجع إلى النصف تقريباً في الأسبوعين الأخيرين. لكن مادورو أكد أنه «سيحقق فوزاً عملاقاً»، معتبراً أن تضاؤل الفارق بين المرشحَين سيكون لأن المعارضة «نجحت في إرباك فنزويليين». وكان كابريلس خسر أمام تشافيز في انتخابات الرئاسة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بفارق 11 نقطة، مسجلاً أفضل نتيجة للمعارضة في مواجهة الرئيس الراحل. ودُعي حوالى 19 مليون ناخب للاقتراع، فيما عزف أنصار مادورو أناشيد عسكرية لإيقاظ السكان قبل الفجر. واصطف ناخبون في طوابير، في أحياء فقيرة وغنية، بينها حي «23 يناير» الفقير في كراكاس، حيث اعتاد تشافيز أن يدلي بصوته. وقال أليخاندرو ألميدا، وهو عامل متقاعد: «صوتي سيكون لمادورو لكن قلبي سيكون مع تشافيز». أما ألكسي تشاكون، وهو صاحب شركة، فأعرب عن «حزنه» لأن يرى «ما يحدث في فنزويلا، مع كل النفط»، آملاً بنهاية «كابوس هوغو تشافيز». ويعوّل مادورو على ولاء أنصار تشافيز، بينهم ملايين من الفقراء استفادوا من سخاء الحكومة، إضافة إلى مساندة من أجهزة الدولة وموظفيها، ووسائل إعلام رسمية أحيت الذكرى الحادثة عشرة لعودة تشافيز إلى السلطة، بعد انقلاب دام يومين. وبث التلفزيون الرسمي برامج تمجّد تشافيز وتعتبر كابريلس وريثاً ل «حكم الأقلية اليمينية» التي دبرت انقلاب 2002. واشتكت حملة مرشح المعارضة أمام مفوضية الانتخابات، متهمة التلفزيون الرسمي بانتهاك قوانين الانتخابات، إذ بثت «مادة سياسية متحيزة». وكان مادورو تحدث عن «مؤامرة أميركية» لاغتيال كابريلس وإشاعة «فوضى» في فنزويلا، ثم اتهم خصمه بالتواطؤ مع واشنطن لزعزعة الاستقرار في البلاد.