يُحسب لمجلة «الوعي الإسلامي» وأسرة تحرير المجلة برئاسة فيصل يوسف العلي إصدار سلسلة جديدة بعنوان «ذخائر مجلة الوعي الإسلامي» توزع كملحق مع العدد الشهري للمجلة، بهدف تحقيق التنوع العلمي والأدبي بين رفوف مكتبات قُرائها، وبحسب العلي «فمن خلال السنوات الطوال للمجلة في ميدان الثقافة والتراث، والفكر التوعوي الإسلامي، أدركت المجلة أننا لا نستطيع أن نبعث حضارة أمتنا وتراثها العظيم، وننفخ في روحها إلا بإخراج هذا العلم المُودع داخل أوراق المخطوطات، ولفائف الرقوق والبردي، تحقيقاً ثم درساً». لذلك كان إخراج المجلة العديد من الإصدارات المتنوعة العلمية والثقافية والإعلامية، خطها العديد من الأقلام السيالة لكبار العلماء والأعلام والباحثين، تحت هذا العنوان ضمن اهتمامات المجلة بالتراث العربي والإسلامي، ولفتح الطريق أمام الباحثين للعناية بتراثهم، والوقوف على طبيعة التطور العلمي ومنهجية البحث، وتوظيف نصوص التراث في أغراض التأصيل لمناهج البحث العلمي، ونظرياته المعاصرة، لإخراج هذه الذخائر التراثية إخراجاً مُتقناً. ويعود ذلك أيضاً إلى إجادة إدارة تحرير المجلة مد روابط علاقتها بمؤسسات ثقافية كبرى في الوطن العربي مثل معهد المخطوطات العربية، ودار الكتب المصرية، وكذلك التواصل مع كبار العلماء والأعلام والباحثين في مجالهم من أجل رفد قُرائها على اختلاف مشاربهم بنتاج هؤلاء، أيضاً وقد يكون ضمن التخطيط المستقبلي لأسرة تحرير المجلة (وهذا مُقترح) أن يتم طبع المُحاضرات النادرة لشوامخ عُلمائنا في مختلف المجالات. ومن الذخائر التي تضمنتها السلسلة: كتاب «نهاية المرام في معرفة من سماه خير الأنام» تأليف الأمام الحافظ يوسف بن حسن بن عبدالهادي 840 -909ه، المعروف بابن المبرد، وكان إماماً علامة يغلب عليه علم الحديث والفقه، وله يد في غيرهما كالتفسير والتصوف والنحو والتصريف والمعاني والبيان، ودرس وأفتى، وأجاز له من مصر شيخ الإسلام قاضي القضاة أبو الفضل ابن حجر العسقلاني. ونسخة الكتاب خطية وحيدة، كتبها المؤلف بخط يده، وهي محفوظة ضمن مكتبة طلعت المُلحقة بدار الكتب المصرية تحت رقم (188/مجاميع طلعت)، وتقع في عشر ورقات، إضافة إلى سبع «طيارات»، أي جذَّاذات. وبإمعان النظر في التراجم المسوقة في الكتاب يمكن استخلاص عدد من النتائج توضح لنا هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في ذلك الباب منها: تسميته (صلى الله عليه) وسلم بأسماء الأنبياء، كتسميته لولده وابن أبي موسى الأشعري بإبراهيم، تغييره (صلى الله عليه وسلم) لكل اسم معبد لغير الله تعالى، كعبد العزى وعبد اللات وعبد شمس ونحوهم إلى: عبدالله، عبدالرحمن، وتغييره كل اسم هو من أسماء الله تعالى كتغيير اسم عزيز مُعللاً ذلك بقوله: «لا عزيز إلا الله»، وتغييره للأسماء التي تحمل معنى المعصية والإثم، ومما نلحظه أنه كان يُراعي أحياناً القرب في النطق بين الاسم الذي يسمى به والاسم المغير، كما في جثامة حين غيَّره بحسانة. ومُصنف عبدالهادي لم يكن هو الوحيد في هذا الباب بل هناك: الحافظ جلال الدين السيوطي وله «جزء من غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم»، ذكره في فهرست مؤلفاته، والشيخ العلامة شمس الدين ابن طولون الصالحي له كتاب «الزهر البسام في من سماه النبي صلى الله عليه وسلم»، وذكره في كتابه «الفلك المشحون»، وللشيخ محمد المدني بن جلون المغربي المتوفى سنة 1298ه تقييد في بعض من غير المصطفى (صلى الله عليه وسلم) اسمه وقد طُبع قديماً على الحجر في فاس من دون تاريخ في 24 صفحة، وللشيخ عبدالرحمن بن جعفر الكتاني المتوفى سنة (1334ه) تأليف في من بدل النبي (صلى الله عليه وسلم) أسماءهم من الصحابة. أما الكتاب الثاني في ذخائر مجلة «الوعي الإسلامي» (الجُزءُ المُسلسل بالأولية والكلام عليه) للإمام الحافظ علي بن إبراهيم بن داود العطار الشافعي المعروف ب «مختصر النووي»، المتوفى سنة 724ه، وهو من تحقيق الباحث صالح بن محمد بن عبدالفتاح بن عبدالخالق في دار المخطوطات المصرية. فمن أنواع علوم الحديث الحديثُ المسلسل وهو: «ما تتابع رواةُ إسناده واحداً بعد واحد على صفة أو حالة واحدة». ومن أشهر الأحاديث المسلسلة وأصحها حديث الرحمة «الراحمون يرحمهم الرحمن» المنعوت بالمسلسل بالأولية وذلك لتتابع الرواة على اسماعه وسماعه قبل أي حديث. ومن أهم ما يقف عليه المُطالع لهذه الرسالة على صغر حجمها بعد الوقوف على تواريخ سماع المؤلف من بعض شيوخه وأماكنها - الوقوف على بعض آرائه الاعتقادية، وتبين متابعته لأهل السُنة والجماعة - والمؤلف هو علاء الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن العطار الدمشقي تلميذ النووي، وُلد سنة 654ه، وسمع بالحرمين ونابلس والقاهرة من أشياخ عدة يزيدون على المئتين، صحب الشيخ محيي الدين النووي، واشتغل عليه، وولي درس الحديث بالنورية والقوصية والعلمية. ونسخة الكتاب هي نسخة خطية نفيسة تقع في أربع ورقات، كُتبت بخط نسخي واضح، في حياة المؤلف سنة 712ه، محفوظة في مكتبة أنقرة في تركيا تحت رقم (1747).