علقت «هيئة التنسيق النقابية» في لبنان اضرابها المفتوح في القطاع العام، الذي تجاوزت مدته الشهر، غداة إحالة مجلس الوزراء مشروع سلسلة الرتب والرواتب إلى المجلس النيابي، على رغم التحفظات التي سجلت من وزراء وهيئة التنسيق في آن، على سبل تمويل السلسلة، علماً أن «رواتب الرؤساء والوزراء والنواب استثنيت من الزيادات المقررة». ولبَّتْ امس مجالس المندوبين لقطاعات الموظفين والمعلمين دعوة هيئة التنسيق النقابية إلى عقد جمعيات عمومية للتصويت على توصيتها بتعليق الإضراب المفتوح اعتباراً من اليوم، ووصفت هيئة التنسيق إحالة السلسلة بأنه «إنجاز نقابي ومعنوي مهم، تجسَّدَ بوحدة اللبنانيين والتفافهم حول الهيئة وبمشاركة الآلاف من كل المناطق وفي كل المواقع في الاعتصامات والتظاهرات التي شملت كل لبنان من أقصاه إلى أقصاه»، لكنها سجلت في بيان ملاحظاتها على «ما أقرته الحكومة والذي يتعارض مع القرار الذي اتخذته في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-9-2012 من خلال الانقضاض على بعض الحقوق المكتسبة للأساتذة والمعلمين والموظفين الإداريين والمتقاعدين والمتعاقدين والأجراء، وينقض الاتفاقات التي أُبرمت مع اللجان الوزارية». وفي المقابل، أوضح وزير المال محمد الصفدي في بيان أصدره غداة جلسة مجلس الوزراء الماراتونية التي استمر انعقادها إلى ما بعد منتصف ليل الخميس-الجمعة، أنه اعترض في الجلسة على مشروع قانون السلسلة بالصيغة التي أُقرت «لأنها لم تتضمن موارد فعلية للتمويل، وسترفع العجز، كما أنها لم تنصف موظفي الإدارة العامة في الدولة». وقال: «كنت أول من طرح مشروع تصحيح سلسلة الرتب والرواتب، وأعددت الصيغة التي يتوافر فيها التوازن بين القطاعات والتوازن المالي بين الكلفة والواردات، ولكن ما جرى اعتماده يشكل خللاً بهذين التوازنين». وسأل: «هل الاقتصاد الوطني قادر على تحمل انعكاسات إقرار هذه الصيغة من مشروع قانون السلسلة؟ وكيف سنواجه التضخم الذي سترتفع أرقامه؟ وكم سترتفع الأقساط في المدارس الخاصة جراء إقرار السلسلة بأرقامها وبصيغتها الحالية؟». وقال: «عندما يقر المجلس النيابي مشروع قانون السلسلة تصبح وزارة المال ملزمة بتعديل أرقام الموازنة العامة من أجل تأمين الاعتمادات اللازمة لتغطية حقوق الموظفين بالرواتب الجديدة، أي بمعنى آخر سيرتفع العجز بقيمة الحقوق التي سيعطيها القانون للموظفين من 1/7/2012 إلى نهاية العام 2013، وهي مقدرة ب 1500 بليون ليرة من دون احتساب الانعكاسات غير المباشرة». وكان مجلس الوزراء اقر مشروع القانون المتعلق برفع الحد الأدنى للرواتب والأجور في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية وفي البلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وإعطاء زيادة غلاء معيشة وفقاً لتوصية اللجنة الوزارية مع خفض يعادل 5 في المئة من قيمة فرق الزيادة المستحقة على الراتب من دون زيادة غلاء المعيشة. إصلاحات على السلسلة وتمويل وقرر اعتماد «اصلاحات» في السلسلة، منها «تحديد دوام العمل ب 35 ساعة أسبوعياً ويسري مفعوله عند اقرار السلسلة في البرلمان، وخفض الحد الاقصى للعمل الاضافي والتعويضات بحيث تصبح الساعات شهرياً حداً اقصى 36 ساعة والتعويضات لا تزيد عن 40 في المئة من مجموع الرواتب الشهرية في السنة نفسها. واقرار مشروع قانون التناقص التدريجي لعدد ساعات التدريس المطلوبة اسبوعياً في مختلف مراحل وانواع التعليم ما قبل الجامعي. وفي موضوع تأمين الايرادات، اتفق على «زيادة الضريبة على القيمة المضافة الى 15 في المئة على عمليات استيراد وتسليم: الاجهزة الخليوية وقطع الغيار العائدة لها، السلمون، القريدس والكافيار وعمليات استيراد المركبات البرية المستعملة وغير المستعملة وقطع الغيار العائدة لها، ووفق تقديرات وزارة المال قبل استثناء اقتراح اضافة الادوات الكهربائية، فإن ايرادات هذه الزيادة تصل الى 150 بليون ليرة سنوياً. كما اتفق على خفض بقيمة 20 في المئة للضريبة على القيمة المضافة القابلة للاسترداد من قبل السياح، وتبلغ تقديراتها 5 بلايين ليرة ورفع رسوم طوابع مالية على طوابع فواتير الهاتف والسجل العدلي والفواتير والايصالات التجارية ورخص البناء، وفرض رسم على رخص استثمار المياه الجوفية وتعبئة المياه. وفرض غرامة على الآبار غير المرخصة، وزيادة الرسوم على استهلاك المشروبات الروحية المستوردة، ومضاعفة الرسوم التي يستوفيها كتاب العدل. يوم اسود ووصف رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد شقير خطوة إحالة مجلس الوزراء سلسلة الرتب والرواتب على المجلس النيابي ب «أنه يوم أسود في حياة الاقتصاد اللبناني، أن توقّع السلطة السياسية ممثلة بالحكومة بملء إرادتها، قرار خراب الاقتصاد الوطني». ورأى في بيان أن الحكومة «ناورت كثيراً، لكنها في النهاية تملصت من كل التزاماتها المبدئية بحماية الاقتصاد وديمومة عمل اللبنانيين، ومشت في مشروع أقل ما يقال عنه إنه مدمر للاقتصاد بقطاعيه العام والخاص، ومدمر لديمومة عمل معظم اللبنانيين، والحكومة تجاوزت كل التحذيرات حول الانعكاسات السلبية للسلسلة التي صدرت عن مصرف لبنان، وعن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومختلف المؤسسات المالية العالمية، وها هي تقفز في المجهول، في ظل وضع داخلي وإقليمي مزر». واعتبر أن «ما يثير الاستغراب، الإسراع في إقرار السلسلة من دون إعطاء أرقام نهائية لكلفتها أو مصادر تمويلها أو عدد الذين يستفيدون منها».