تلاحقت الأحداث المتصلة بمصير سلسلة الرتب والرواتب في لبنان التي كان يتوقع أن يناقشها مجلس الوزراء في جلسة كانت مقررة بعد ظهر امس، في القصر الجمهوري، وذلك قبل اقل من 24 ساعة على تنفيذ موظفي القطاع العام إضراباً مفتوحاً اليوم في البلاد بدعوة من «هيئة التنسيق النقابية» يترافق مع تجمع في ساحة رياض الصلح، في وقت تمسكت «الهيئات الاقتصادية» برفضها أي زيادة ضريبية تفرض لتمويل السلسلة. وما استجد أن المجلس الأعلى ل«هيئة التنظيم المدني» الذي اجتمع برئاسة وزير الأشغال العامة غازي العريضي اعلن موافقته على زيادة عامل الاستثمار بمعدل طبقة واحدة (ما يعرف بطابق ميقاتي) أو زيادة الاستثمار العام بمعدل 25 في المئة على العقارات غير المبنية والأبنية التي هي قيد الإنشاء، ما يؤمن تمويل سلسلة الرواتب، في وقت كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ترأس اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة درس سلسلة الرتب والرواتب في السراي، تمهيداً لجلسة مجلس الوزراء. وتقرر إرجاء الجلسة الموعودة الى غد «لمزيد من الدرس» على طاولة اللجنة الوزارية المولجة درس الملف في الرابعة بعد ظهر اليوم. ونقلت وكالة «الأنباء المركزية» عن «مصادر» أن الإرجاء جاء بناء ل«نصيحة أسداها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإرجاء الجلسة والتروّي في إحالة الملف على المجلس النيابي، لمزيد من الدرس وتمحيص الأرقام». ميقاتي وعقد ميقاتي مؤتمراً صحافياً أوضح فيه انه كان «دعا إلى اجتماع من أجل البحث في الاقتراحات المطروحة أمام الحكومة في ما خص سلسلة الرتب والرواتب ونحن ملتزمون بالسلسلة وننظر في الرزمة الكاملة للواردات لتغطيتها وننظر في كل الانعكاسات الناجمة عنها». ولفت إلى أن «الهدف واحد تأمين الواردات من دون إضافة العجز في الموازنة وبشكل لا يؤثر في الهيئات الاقتصادية، القضية في مسارها الصحيح ولا مشكلة لدينا. وما وجدناه اليوم في اللجنة أن لدينا رزمة من الواردات التي ستوضع وستكون إصلاحية». وأشار إلى أن «الوزراء اتصلوا بي صباحاً متمنين عدم مناقشة الموضوع في مجلس الوزراء اليوم (امس) والتعجيل في إقراره قبل درسه من قبلهم لئلا يفسر الأمر وكأنهم ضد الموضوع، وعندما يصلني قرار المجلس الأعلى للتنظيم المدني سأرسله إلى الوزراء كما يقول النظام الداخلي لمجلس الوزراء وسأعطي وقتاً للوزراء للدرس ومن ثم سأدعو فوراً إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار سلة الإيرادات بشكل كامل». وأوضح أن زيادة عامل الاستثمار على العقارات غير المبنية تغطي اكثر بكثير من 50 في المئة من إيرادات السلسلة المقترحة. وقال: «تطرقنا إلى الوضع المالي العام، وقدم وزير المال شرحاً كاملاً عن الوضع المالي، لا سيما ما يتعلق بموازنة العام 2013، لأن أي إشارة قد تصدر من قبلنا في ما خص زيادة سلسلة الرتب والرواتب، لا بد من أن يواكبها تحديد سقف للعجز وبالتالي سقف للاستدانة، لأنه لا يمكن ترك الأمور من دون أي سقف. وانطلاقاً من ذلك، جرى نقاش مستفيض ودرسنا كل السلة المطلوبة، واجتماعاتنا ستبقى مفتوحة وستجتمع اللجنة غداً (اليوم) من اجل رفع توصية إلى مجلس الوزراء في هذه القضية». وشدد على أن موضوع السلسلة «ليس خلافياً بين اللبنانيين وإنما اقتصادي بحت وهو ليس تحدياً بين الحكومة والهيئات الاقتصادية، لأن الأمر قضية اجتماعية إلا أنه يجب أن ينجز من دون أن تكون له أي انعكاسات». وتوجه بنداء إلى هيئة التنسيق النقابية بالقول: «يجب حصول تفهم لهذا الموضوع الذي لا يتعلق بفئة واحدة بل يعني جميع اللبنانيين والاقتصاد بشكل عام، وبالتالي قلنا لهم منذ فترة أن سلسلة الرتب والرواتب أقرّت وعلينا متابعة الموضوع ومواكبته، كي لا تكون انعكاسات إقراره سلبية، لأن أي انعكاسات سلبية من شأنها أن ترتد على كل الطبقات العمالية عاجلاً أم آجلاً، وبالتالي لا بد من مواكبة الموضوع مع إجراءات معينة لا يمكن اتخاذها إلا من خلال اتفاق بين كل الطاقات الإنتاجية اللبنانية». وكانت سرت إشاعات خلال جلسة اللجنة «أن ميقاتي سيستقيل من منصبه». وقال ميقاتي تعليقاً على الأمر: «وصلني خلال الاجتماع نبأ عن عزمي على الاستقالة وضحكنا جميعاً»، مؤكداً: «أنا لن أتقاعس أمام المصاعب». وقال: «لكل فريق في الحكومة رأيه السياسي بشأن قانون الانتخاب أما أنا فملتزم بمشروع قانون الحكومة ولا انقسام في الحكومة، وأنا ضد قانون الستين. هناك قانون ساري المفعول وهناك مهل دستورية وسنقوم بواجباتنا ويجب الفصل بين العمل الحكومي والالتزامات الدستورية والرأي السياسي». وعن موضوع مشاركة «حزب الله» في معارك في القصير، قال ميقاتي: «يا ليتنا جميعاً نلتزم سياسة النأي بالنفس». وكان وزير المال محمد الصفدي أوضح قبل اجتماع اللجنة «أن الكلفة النهائية لتمويل السلسلة تبلغ 1400 بليون ليرة، من دون احتساب غلاء المعيشة». فيما أبدى وزير التنمية الإدارية محمد فنيش «الموافقة المبدئية على زيادة عامل الاستثمار بانتظار معرفة تفاصيله». وكانت وزارة المال أعلنت في بيان أن «فريق عمل الوزارة يتعاون مع اللجنة الوزارية المولجة درس موضوع سلسلة الرتب والرواتب ويسلمها كل الأرقام والمعلومات والمعطيات التي تطلبها، إلا انه لا يقوم بتحضير أي مشروع قانون لتعديل أرقام السلسلة»، وتسلمت دوائر السراي الكبيرة بعد الظهر دراسة التنظيم المدني لطرحها اليوم خلال اجتماع اللجنة الوزارية. التحرك العمالي وعقدت «هيئة التنسيق النقابية» اجتماعاً في مقر «رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي» لتأكيد موقفها من الإضراب المفتوح والاعتصام المقرر اليوم في الحادية عشرة قبل الظهر في شارع المصارف ودعت إلى التجمع في ساحة رياض الصلح. وحضت «رابطة التعليم الأساسي الرسمي» على المشاركة في «الإضراب الشامل والمفتوح في كل المدارس الرسمية، والمشاركة الكثيفة في الاعتصام المركزي». مستغربة «تراجع الحكومة عن أقوالها بإحالة مشروع السلسلة على المجلس النيابي ما يدفع بكل أصحاب الدخل المحدود إلى التمرد والنزول إلى الشارع وهي تخاطر بذلك بالأمن الاجتماعي الذي هو مدخل للاستقرار الأمني الذي لا اقتصاد ولا اجتماع من دونه». وقف تغطية مرضى الوزارة في غضون ذلك، أصدر وزير الصحة علي حسن خليل تعميماً أعلن فيه وقف استقبال المرضى على حساب وزارة الصحة اعتباراً من الغد وحتى إشعار آخر «نظراً إلى عدم صدور مرسوم تخصيص اعتمادات الاستشفاء للمستشفيات الخاصة والحكومية حتى تاريخه، وبعدما لم تؤد المحاولات الحثيثة لإصداره تسهيلاً لاستشفاء المواطنين أي نتيجة». وتقرر إبلاغ التعميم إلى «الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وزارة المال، التفتيش المركزي، المديرية العامة للصحة، مديرية العناية الطبية، مصلحة المستشفيات والمستوصفات، القسم الإداري، لجنة التدقيق، الأطباء المراقبون، المستشفيات الحكومية، المستشفيات الخاصة ونقابة المستشفيات الخاصة».