يعطي المسح الأخير ل"مديري المشتريات" في الإمارات، وفق مؤشر "أتش أس بي سي" الذي يقيس أداء قطاعَي الصناعة والخدمات، جرعة تفاؤل باستكمال تعافي اقتصاد البلاد من تبعات أزمة عام 2009 المالية، بتسجيله مستوى قياسياً يعبر عن انتعاشة حقيقية لنشاطات الشركات في القطاع الخاص غير النفطي. ويوجه المؤشر ثلاث رسائل متلازمة للمستثمرين في الدولة التي تشهد طفرة اقتصادية جديدة غير تلك التي سبقت الأزمة المالية، أولها أن الإنتاج ينمو سريعاً، وثانيها أن طلبيات التوريد الجديدة قوية، وثالثها أن سوق العمل بصحة جيدة. وتصب في المنحى التفاؤلي ذاته تأكيدات شركات التطوير والتسويق العقاري أن السوق العقارية تشهد إدارة مدروسة للأسعار والإيجارات، فيما حذر صندوق النقد الدولي تكراراً من خطر حدوث فقاعة عقارية في المستقبل بسبب المشاريع العملاقة في دبي، لافتاً إلى ضرورة تشديد السياسات الحكومية لإبقاء الأسعار تحت السيطرة، ولا سيما أن النظام المصرفي والشركات التي تملكها الدولة لا تزال تتعافى من الأزمة المالية، وفق تقديرات الصندوق. وتذهب شركات التطوير العقاري في تفاؤلها أبعد من ذلك، لترد ربما بشكل مباشر على تحذيرات صندوق النقد، عندما تؤكد في تقاريرها تحسن النشاط في السوق وسيادة حال من التوازن الناتجة عن الإجراءات الحكومية؛ حتى أن إحدى الشركات رفعت أمام مبناها لافتة عملاقة تقول: "اطمئن، السوق العقاري بخير". ويبدو أن أصحاب الشركات العقارية يتكئون في تفاؤلهم في شأن واقع السوق، وتحديداً في إمارة دبي، على إيمانهم بقدرة الحكومة على التعامل مع الطفرة العقارية، وثقتهم بالإجراءات التنظيمية التي اتخذها كل من حكومة دبي والمصرف المركزي بعد تحذيرات صندوق النقد والمصرف المركزي الإماراتي من أن الارتفاع الكبير لأسعار العقار قد يؤدي إلى فقاعة جديدة. وتتكئ الشركات أيضاً على تصريحات السلطات الحكومية ذاتها وقتما قالت إنها "مدركة هذه المرة للمخاطر"، وإعلانها عن "خطوات تنظيمية لكبح نمو الطلب"، فيما يرى محللون أن الإجراءات المعلنة تظل متواضعة مقارنة بما اتخذته مدن أخرى في أنحاء العالم تواجه المشكلة ذاتها، مثل هونغ كونغ وسنغافورة. والحق أن المستثمرين وشركات التطوير العقاري لم يبالغوا في تفاؤلهم بمستقبل السوق وسياسات الحكومة، ولهم في أزمة 2009 التي تغلبت عليها الحكومة بعد أن شغلت العالم بأسره، خير دليل، وهنا كانت الأزمة طارئة، فما بالك والحال اليوم هو مجرد حديث وبعض المؤشرات وتوقعات عن حدوث فقاعة عقارية تقول السلطات في شأنها إنها مدركة ما يحدث حولها.