شدد صندوق النقد الدولي على أهمية حماية القطاع المصرفي الإماراتي من «أخطار الشركات شبه الحكومية وأسواق العقارات، التي انتعشت بعد تراجع حاد خلال أزمة المال العالمية». وعلى رغم هذه التوصيات، لم ينكر الصندوق أن المصرف المركزي الإماراتي «وافق على أهمية حماية المصارف من مزيد من الانكشاف على الشركات شبه الحكومية وأسواق العقارات التي تسجل أسعارها ارتفاعات كبيرة في الأشهر الماضية». وأعلن مدير بعثة صندوق النقد إلى الإمارات هارولد فينغر، أن «من السابق لأوانه الحديث عن فقاعة، لكن إذا استمرت الزيادة في الأسعار بالوتيرة الحالية، ستظهر حاجة إلى اتخاذ إجراءات للحؤول دون حدوث فقاعة جديدة»، على غرار تلك التي سبقت اندلاع أزمة المال العالمية، التي خفّضت قيمة العقارات ما يزيد على 55 في المئة، وانعكست سلباً على قدرة الشركات شبه الحكومية على تسديد الديون المستحقة عليها». وتتزامن هذه التحذيرات مع بدء تعافي القطاع العقاري بقوة، ما دفع الأسعار إلى أعلى بمعدل تجاوز 35 في المئة خلال سنة. واستقطبت الإمارة استثمارات من هذا القطاع في النصف الأول من العام الحالي بلغت 53 بليون درهم (نحو 15 بليون دولار)، وفق إحصاءات دائرة الأراضي والأملاك في دبي، التي أشارت إلى ارتفاع عدد المستثمرين العرب في عقارات دبي بنسبة 47 في المئة خلال هذه الفترة. وبلغت قيمة استثماراتهم فيها نحو خمسة بلايين درهم بزيادة نسبتها 111 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، في مقدمهم المملكة العربية السعودية بواقع 605 مستثمرين، ضخوا أكثر من بليوني درهم، ثم مواطنو الكويت بواقع 141 مستثمراً، حيث بلغت استثماراتهم 360 مليون درهم، تلاهم القطريون فالعمانيون فالبحرينيون. وأوصى الصندوق حكومة دبي التي شكلت فريقاً منذ اندلاع أزمة الديون عام 2009 لمتابعة هذا الملف، إنشاء مكتب لإدارة الدين تناط به مهمات وضع إطار مناسب لإدارة الأخطار. ولفت إلى أن طرح خطط لتنظيم الرهونات العقارية، وتركز القروض على مستوى الشركات شبه الحكومية والحكومات المحلية، خطوة مهمة لتعزيز الاستقرار المالي. وحاول مصرف الإمارات المركزي فرض قيود على الإقراض العقاري لمنع تشكل فقاعة جديدة، لكن جمد الإجراء بعد ضغوط من البنوك التجارية التي خشيت من تأثير ذلك في أعمالها. وقال فينغر: «من الضروري توخي الحذر بسبب الديون المتراكمة على المؤسسات شبه الحكومية لدبي منذ الأزمة الأخيرة، لتفادي الأخطار في حال تجددت التقلبات في أسواق المال العالمية وأثرت في القطاع العقاري في الإمارة». تراجع الالتزامات المالية ولم ينكر الصندوق، أن استدامة الالتزامات المالية على حكومة دبي، «تحسنت في شكل ملحوظ مع النمو القوي وبفضل جهود الإصلاح المالي، مشيراً إلى تراجع الالتزامات المالية للحكومة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 48 في المئة عام 2009 إلى 939.9 في المئة عام 2012». وتوقع «انخفاضها بنسبة أكبر إلى 39.3 في المئة هذه السنة، ونحو 30.9 في المئة من الناتج المحلي بحلول عام 2018». ولم تستبعد المؤسسة العالمية، أن «يضطلع برنامج تقويم القطاع المالي المزمع تنفيذه نهاية عام 2014، بدور مهم في تعزيز دور المصرف المركزي الإشرافي على القطاع، ومن شأنه أن يساهم أيضاً في تيسير تطوير القطاع في شكل أكبر». وأعلن صندوق النقد، ارتفاع التدفقات المالية الخارجية إلى القطاع المصرفي، إذ نمت الودائع الخاصة لغير المقيمين 16 في المئة هذه السنة، لتمثل 12 في المئة من الودائع». واعتبر أن الأمر «يستحق مزيداً من الرقابة في المرحلة المقبلة». وشدد الصندوق، على قوة القطاع المصرفي الإماراتي، لافتاً إلى أن المصارف «بدأت تسديد الشق الثاني من الرأسمال المرتفع الكلفة الذي قدمته لها الحكومة في ذروة أزمة المال العالمية». ولاحظ تراجعاً في حجم القروض المتعثرة عن مستوياتها المرتفعة لتصل إلى 8.3 في المئة في آذار (مارس) الماضي»، لكن «لا يزال مستواها مرتفعاً». وأوصى الصندوق الإمارات، بأهمية تطوير سوق الدين بالعملة المحلية في المرحلة المقبلة، وتأسيس سوق حكومية للأوراق المالية. ونوّه ب «التحسن اللافت على مستوى التنسيق في السياسات المالية بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاتحادية على مستوى الإمارات السبع». ورأى أن أداء اقتصاد الإمارات «إيجابي على المديين المتوسط والطويل». وأوضح أن «أخطار التأثر بالأوضاع الخارجية تراجعت في شكل لافت بفضل النمو القوي لقطاعات الاقتصاد غير النفطي، ونجاح جهود دبي وأبو ظبي لتنويع قاعدة النمو الاقتصادي». ورجّح التقرير، أن «يسجل القطاع غير النفطي مزيداً من النمو هذه السنة، ليصل إلى 4.3 في المئة، مدعوماً بتعافي قطاع البناء والعقارات والنمو المستمر في القطاعات الموجهة نحو السياحة، في وقت توسع إنتاج الدولة من الهيدروكربونات بنحو 5.2 في المئة، وارتفع الفائض في الميزان الجاري إلى 17 في المئة من الناتج المحلي عام 2012.