أكد مساعد رئيس الاستخبارات العامة للشؤون الفنية سابقاً اللواء فريج بن سعيد العويضي، أن عملية القبض على أفراد شبكة التجسس تعد نتاجاً لجهد وتنسيق مشترك بين رئاسة الاستخبارات العامة ومديرية المباحث العامة، بعد توافر معلومات دقيقة عن تورط أفراد الشبكة في أعمال تجسس. وأوضح اللواء العويضي في تصريح ل«الحياة»، أن دور الاستخبارات العامة في مثل هذه العملية يتمثل في الوصول إلى معلومات دقيقة عن الشبكة عن طريق عملائها أو مصادرها خارج السعودية، ومتابعتها إلى الداخل، انطلاقاً من مسؤولية هذا الجهاز عن إدارة عمليات الاستخبارات الاستراتيجية والمضادة اللازمة لتحقيق الأمن الوطني، ثم نقل تلك المعلومات إلى جهاز المباحث العامة المسؤول عن مكافحة عمليات التجسس الأجنبية داخل المملكة، ويستمر الجهازان بعد ذلك في التعاون في متابعة شبكة التجسس حتى توقيف أفرادها بالكامل. وفيما نبه المساعد السابق لرئيس الاستخبارات العامة للشؤون الفنية خلال الفترة من 1997 إلى 2002 إلى أنه غير مطلع على تفاصيل العملية الاستخبارية التي انتهت بالقبض على أفراد الخلية، بحكم ابتعاده منذ أعوام عن العمل في جهاز الاستخبارات العامة، رجح أن يكون العامل «الآيديولوجي» هو المحرك وراء تورط مواطنين سعوديين في هذه الخلية، بعد التغرير بهم من أطراف خارجية، بذريعة وجود مظالم أو هضم لحقوقهم. واعتبر اللواء العويضي عنصر المال بأنه ثانوي في حالات تجسس أي مواطنين على دولهم وقال: «من خلال خبرتي السابقة في مجال الاستخبارات، فإنه من النادر جداً أن يبيع إنسان وطنه من أجل المال». ونوه إلى أن شبكات التجسس تكون في العادة خلايا هرمية يديرها شخص واحد، وترتبط في غالب الحالات بديبلوماسي أجنبي يحتمي بالحصانة الديبلوماسية يتولى الإشراف على أعمالها، إذ إن أقصى ما يمكن للدولة المتضررة من عملية التجسس أن تفعله هو طلب مغادرته لها خلال وقت زمني وجيز، باستثناء اكتشاف تورطه المباشر في أعمال التجسس. وعن سبب الإعلان غير المسبوق عن القبض على شبكة تجسس في السعودية، شدد على ثقته بأن هذا الإعلان يعني نجاح جهازي الاستخبارات العامة والمباحث العامة في التفكيك الكامل لهذه الشبكة، ووضع اليد على جميع عناصر المتورطين في عملية التجسس. إلا أنه أشار إلى وجود احتمالات أخرى، تشمل احتمال وجود مشتبهين آخرين بالتورط في عملية التجسس يخضعون للمراقبة، وترغب السلطات في رصد ردود فعلهم بعد الإعلان، وكذلك احتمال توجيه رسالة إلى الدولة الواقفة وراء عملية التجسس بأن محاولتها أحبطت، وأن عليها رفع اليد عن التورط في أي محاولة للإضرار بأمن السعودية واستقرارها. وحول طبيعة المواقع والمنشآت الحيوية التي تورط أفراد الشبكة في جمع المعلومات عنها وتمريرها إلى الخارج، أوضح المساعد السابق لرئيس الاستخبارات العامة للشؤون الفنية، أنها ترجع في العادة إلى طبيعة الدولة المعنية بعملية التجسس، وتتوزع بين أن تكون مواقع عسكرية أو منشآت اقتصادية أو بنى تحتية حيوية، أو جمع المعلومات عن قدرات التعبئة العسكرية. ولفت إلى وجود أعمال أخرى تتورط شبكات التجسس عادة في ارتكابها، مثل إثارة الفتنة والانقسامات الطائفية، وأعمال التخريب والشغب، وغيرها. وأقرّ اللواء العويضي، بحكم خبرته في مجالي الأمن عموماً وأمن المعلومات خصوصاً، بوجود تحدٍ كبير يواجه أجهزة الأمن والاستخبارات في العالم أجمع عند متابعة أعمال التجسس في ظل التطور في مجالي الاتصالات وتقنية المعلومات، وتزايد قدرة الجواسيس والإرهابيين على نقل معلومات بحجم كبير وسرعة عالية، ولذلك تعمل أجهزة الاستخبارات على تطوير قدراتها المادية وعناصرها البشرية لمتابعة الأعمال والنشاطات التي تهدد الأمن الوطني. وقال المساعد السابق لرئيس الاستخبارات العامة للشؤون الفنية: «في السابق، كانت أجهزة الاستخبارات السعودية تركز على مراقبة الطيف الترددي، ورصد الإشارات اللاسلكية الداخلة والخارجة من وإلى البلاد، خصوصاً الإشارات المشفرة والمجهولة المصدر، وسجلت نجاحات رائعة في هذا المجال، بجمع معلومات عن أنشطة وأعمال تستهدف الأمن الوطني». وأضاف: «كانت تقنية «نشر الطيف» عبر الطيف الترددي بمستوى منخفض جداً طريقة ناجحة في إرسال المعلومات من دون اكتشافها، إلا أن استخدامها لم يعد مجدياً أو مبرراً في ظل تطور تقنيات نقل المعلومات عبر وسائل الاتصالات والمعلومات». واستدرك المساعد السابق لرئيس الاستخبارات العامة للشؤون الفنية أنه من غير الممكن أن تبادر دولة إلى قطع خدمة الإنترنت مثلاً لتأمين الحماية من الاستخدام السلبي لها، وإنما عليها أن تطور قدراتها لمواجهة الاستخدامات الضارة لهذه الخدمة بأشكالها المختلفة».