تبدو آفاق الاقتصاد الصيني مشرقة جداً على عكس الاقتصاد العالمي الذي ما زال يعاني في سبيل الانتعاش، بعد صدور بيانات رسمية أظهرت أن النمو في الصين ما زال مستمراً. وأشار المحلل الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير، إلى نمو الصادرات التي تشكل حصة كبيرة من الاقتصاد، بنسبة 21.8 في المئة على أساس سنوي خلال شباط (فبراير) الماضي. وبسبب التغيرات في مستوى الصادرات التي عادة تُنتج في بداية السنة الصينية، وأيضاً لأن طبيعة المقياس متغيرة، من الأفضل النظر إلى متوسط مستوى الصادرات في ثلاثة أشهر، ما يؤكد أن الصادرات تشهد فعلاً انتعاشاً واضحاً منذ أواخر العام الماضي. وعزا هذا التحسن إلى الانتعاش البسيط في الاقتصاد العالمي، والطلب الثابت من الولاياتالمتحدة ودول آسيوية أخرى، خصوصاً دول الجنوب الشرقي. واتخذت السلطات الصينية سياسات أكثر تساهلاً منذ نهاية العام الماضي، ما عزز سيولة القطاع الخاص عبر ضخ الائتمان في الشركات والمؤسسات المملوكة للدولة، كما يتضح من زيادة إجمالي التمويل الاجتماعي. ولفت عقاد إلى ذلك ساعد على رفع الاستثمارات، التي تشكل نصف الناتج المحلي الإجمالي الصيني، موضحاً أن إجمالي الاستثمارات خلال كانون الثاني (يناير) وشباط الماضيين ارتفع إلى أعلى مستوى في سنة ليبلغ 21.2 في المئة على أساس سنوي. وأوضح أن أكبر مكونين للاقتصاد الصيني يظهران أن الاقتصاد يشهد انتعاشاً تدعمه البيئة الخارجية الجيدة واستعداد الحكومة لاتخاذ كل الإجراءات لتحقيق نمو نسبته 7.5 في المئة هذه السنة. وأكد أن استثمارات العقار والصناعة تمثل الجزء الأكبر من الاستثمارات، إذ ساهمت بأكبر نسبة من نمو استثمارات الأصول الثابتة أخيراً، ما يُظهر أن الحكومة كانت تستهدف هذا الجزء من الاقتصاد. وتساهم زيادة الاستثمارات في القطاع الصناعي في دعم الطلب على المستويين المحلي والخارجي، بينما تشكل الصادرات تقريباً ثلث الناتج الاقتصادي الإجمالي. وبما أن نمو الصادرات يقوده الاقتصاد العالمي المتنامي، ما زال القطاع الخارجي الصيني عرضة لأي تدهور عالمي، إلا أن الإنفاق الحكومي الكبير ومستوى الاستثمارات المتزايد في الاقتصاد المحلي يحميان، ولو جزءاً من الاقتصاد، من أي نقص عالمي. وأشار عقاد إلى أن أفضل الاحتمالات تأتي من القطاع المحلي، على رغم أن الصادرات القوية تمثل فرصاً استثمارية للقطاع الصناعي، إذ توفر الصين، التي تتمتع بفائض تجاري جيد، الوقت الذي تحتاجه للتحول إلى اقتصاد محلي، خصوصاً مع تزايد الطبقة المتوسطة من الشعب، والاستثمارات المحلية القوية. ولفت إلى أن بعض الأخطار ما زال يهدد الاقتصاد، ومنها التضخم الذي ارتفع خلال شباط الماضي إلى ثلاثة في المئة على أساس سنوي من اثنين في المئة خلال الشهر السابق، نتيجة التذبذب الذي تسببه بداية السنة الصينية. وجاء متوسط معدل التضخم خلال الشهرين الماضيين البالغ 2.6 في المئة، مقارنة ب2.5 في المئة خلال كانون الأول (ديسمبر). إلا أن النشاط المحلي الكبير قد ينعكس ارتفاعاً في معدل التضخم الأساس هذه السنة، يقوده في شكل جزئي الارتفاع في أسعار العقارات السكنية، وقد ترتفع أسعار الطاقة بضغط من الارتفاعات الأخيرة في سعر الديزل الذي ارتفع بمعدل 3.5 في المئة والغازولين 2.8 في المئة نهاية الشهر الماضي. وتوقع عقاد أن يكون التضخم الدافع الأساس لتضييق السلطات الصينية النمو نهاية السنة، كما في قطاع العقارات، مرجحاً أن تكون السياسات المالية والنقدية متساهلة في الصين، على عكس بقية الدول، وتسجيل معدل نمو مرتفع ومستقر خلال السنة.