استنفرت مؤسسات الحكم في مصر للبحث عن مخرج لأزمة وقف القضاء الإداري الانتخابات التشريعية التي كان مقرراً لها 22 الشهر المقبل، وعقدت اجتماعات في القصر الرئاسي مع قانونيين لبحث الخيارات المناسبة، فيما تقدم عدد من الأحزاب الممثلة في مجلس الشورى الذي يمتلك السلطة التشريعية بقوانين منظمة للعملية الانتخابية، بدلاً من الذي تم الطعن به وإحالته على المحكمة الدستورية. ودعت الرئاسة المصرية مجدداً القوى السياسية إلى الجلوس إلى طاولة الحوار من دون أن تحدد موعداً أو تحديد أجندة للمباحثات وإن كان الناطق باسم الرئاسة المستشار إيهاب فهمي أشار إلى أن هناك اتفاقًا على توسيع جدول أعمال الحوار ليشمل، إضافة إلى القضايا السياسية، مجموعة من الملفات الاقتصادية والاجتماعية والقضايا التي تهم المواطن العادي واحتياجاته، خصوصاً الشباب. وقال فهمي إن «جولات الحوار الوطني ممتدة ومستمرة، ودعوة الرئيس محمد مرسي إلى مختلف القوى السياسية والوطنية للحوار مفتوحة أمام كل من يرغب في الانضمام». يأتي ذلك في وقت تعهد وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بمزيد من التضحيات «في سبيل عزة مصر وكرامتها والوفاء بالمهمات والواجبات المكلف بها»، وأشاد في كلمة لمناسبة احتفال الجيش المصري بيوم الشهيد، بما قدمه رجال القوات المسلحة من تضحيات «تجسد أسمى معاني التضحية والعطاء لأجيال من أبناء مصر المخلصين الذين ضحوا بأرواحهم وسطروا بدمائهم الزكية تاريخ النضال والتحرر الوطني»، كما تعهد بعدم السماح «لمعتد أن يسلب بلاده حبة رمل من أرضها الطاهرة». وأشاد السيسي برجال القوات المسلحة والشرطة «جناحَي الأمن لمصر» وأثنى على دورهم في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره. وتواصلت أمس ردود الفعل حول قرار محكمة القضاء الإداري أول من أمس بوقف الانتخابات التشريعية، واعتبر مساعد وزير العدل لشؤون التشريع المستشار عمر الشريف أن الحكم «يأتي إعمالاً لنص الدستور»، ورأى أن من شأن إعادة القانون إلى المحكمة الدستورية «طمأنة الجميع لسلامة القانون والإجراءات»، محذراً من أن القانون معرض للرقابة اللاحقة إذا لم يلتزم المجلس التشريعي بمقتضى قرار المحكمة الدستورية العليا بشأنه. وكانت الرئاسة أكدت في بيان لها أمس «احترامها الكامل حكم محكمة القضاء الإداري، إعلاءً لقيمة دولة القانون والدستور وتحقيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات». وقال حزب الوسط إنه تقدم إلى مجلس الشورى أمس بقانون جديد لانتخابات مجلس النواب متضمناً الملاحظات التي أبدتها المحكمة الدستورية العليا عليه بعد أن حكم القضاء الإداري أمس بإعادة القانون إلى المحكمة الدستورية نظراً لعدم عرضه على المحكمة بعد إقراره. وأشار بيان للحزب أنه قام بذلك «انطلاقًا كذلك من قاعدة احترام الأحكام القضائية، والفصل بين السلطات، وضرورة استكمال مؤسساتنا الدستورية، ومنعًا من أن يظل فصيل سياسي واحد يجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لمدة طويلة، حيث لا إلزام على المحكمة الدستورية بتوقيت معين في إصدار حكمها في دستورية أو عدم دستورية قانون انتخابات مجلس النواب المحال عليها من محكمة القضاء الإداري». وأبدت جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم قوى المعارضة المصرية ترحيبها بالحكم القضائي، وقال المتحدث باسم الجبهة أحمد البرعي إن محكمة القضاء الإداري لم تفعل سوى ما سبق للجبهة أن أكدته من بطلان وعدم دستورية قانون الانتخابات، فهذا الحكم جاء «تأييداً لوجهة نظرنا». ورفض البرادعي الجزم بأن الحكم القضائي قد يؤدي إلى تراجع الجبهة عن قرار مقاطعة التشريعيات، مشيراً إلى أن عدول الجبهة عن قرارها «سيتوقف على حال البلاد» موضحاً «رفضنا خوض الانتخابات في ظل دستور باطل وحكومة عاجزة ووجود النائب العام الحالي»، وأضاف أن «مشاركة الجبهة في الانتخابات تتوقف على مدى الاستجابة لمطالبها وعلى الحالة العامة للبلاد». ورحب القيادي في الجبهة عمرو موسى بالحكم، وقال: «لطالما طالبت بتأجيل الانتخابات لأسباب بينها مدى دستورية قانون الانتخابات، إضافة إلى مدى مواءمة تاريخ إجرائها مع الظروف السياسية والأمنية في مصر، والمتمثلة أمامنا الآن في أحداث بورسعيد، المحلة الكبرى والمنصورة وكذلك القاهرة وغيرها، وهذا كله إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المتردية والمنتظر وصولها إلى نقطة نفاد احتياطي النقد الأجنبي في ذات الفترة الزمنية المقررة لإجراء الانتخابات». واعتبر موسى إن إجراء الانتخابات في هذا الوقت بالذات «صعب قبوله»، مشيراً إلى إن تأجيل الانتخابات «يخلق موقفاً جديداً يتعلق بوضع الانتخابات وصدقية الإعداد لها، بل تأكيد صدقية الانتخابات ذاتها»، مطالباً الرئيس «بعدم الطعن في الحكم»، ورأى أن وقف الانتخابات «ليس مجرد حكم للقضاء وإنما هدية من السماء، فلنتدبر الأمر من دون عناد. فوقف الانتخابات في مصلحة الجميع، والفترة التي يمنحها قرار الوقف تفتح الباب لاحتمالات عدة كثيرة منها إيجابي ويعطي أملاً». واعتبر نائب رئيس حزب «المصري الديموقراطي» عماد جاد أن حكم الإدارية العليا «منطقي وطبيعي» وهو رد من دولة المؤسسات على سياسات الإخوان المسلمين وفي مواجهة شخص يتصرف على أساس أنه «زعيم قبيلة». وتوقع جاد أن تنظر المحكمة الدستورية في القانون ثم تعيده بعد 45 يوماً إلى الشورى على أن يعاد إليها مرة أخرى بعد ذلك أي على الأقل ثلاثة أشهر مقبلة حتى تجرى الانتخابات، معتبراً أن «هذه الفترة هي فرصة كافية لمن يريد لمصر مرحلة جديدة من الاستقرار».