سمحت المحكمة الدستورية العليا بمصر يوم الخميس لأحمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك بالاستمرار في المنافسة على منصب رئيس الدولة وحلت مجلس الشعب الذي كان أول مجلس تشريعي يهيمن عليه الإسلاميون في البلاد. وكان مجلس الشعب وافق في ابريل نيسان على تعديل في قانون مباشرة الحقوق السياسية عرف إعلاميا بقانون العزل السياسي قضى بحرمان مسؤولين كبار عملوا مع الرئيس السابق حسني مبارك من حوقهم السياسية. لكن المحكمة الدستورية العليا قالت في حكم يوم الخميس إن التعديل غير قانوني. وجاء في أسبابه أن "النص المطعون عليه قد أخل بالمساواة ومايز بين أصحاب الوظائف بغير معيار موضوعي." وجاء في الأسباب أيضا أن التعديل "رتب جزاء تمثل في حرمان من الحقوق السياسية بدون حكم قضائي... (بذلك تكون) السلطة التشريعية تدخلت في أعمال السلطة القضائية." ويواجه شفيق في الإعادة محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. وانتخب مجلس الشعب أواخر العام الماضي وأوائل العام الحالي بعد نحو عام من إسقاط مبارك في انتفاضة شعبية قتل فيها نحو 850 متظاهرا وهيمن الإسلاميون على نحو ثلثي المقاعد فيه. وقال المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة إن الحكم الآخر الذي أصدرته المحكمة يوم الخميس في شأن قانون انتخاب مجلس الشعب يتضمن حل المجلس بكامله. وقال لرويترز "القانون الذي تمت الانتخابات بناء عليه مخالف لأحكام الدستور." وجاء في أسباب الحكم التي اطلعت رويترز على نسخة منها أن "تكوين المجلس باطل بكامله منذ انتخابه... المجلس غير قائم بقوة القانون بعد الحكم بعدم دستورية انتخابه دون حاجة إلى اتخاذ إجراء آخر." وقالت تقارير سابقة ان الحكم تضمن إبطال ثلث الاعضاء فقط. وبعد الحكم صار الباب مفتوحا لإجراء انتخابات جديدة للمجلس الذي يتكون من 508 مقاعد. وقالت أسباب الحكم إن "القوانين والإجراءات التي صدرت (من المجلس) قبل الحكم صحيحة ونافذة." وقال المحامي شوقي السيد الذي ترافع عن شفيق أمام المحكمة يوم الخميس إن قانون العزل السياسي "بدعة في تاريخ التشريع المصري." وأضاف أن مجلس الشعب قصد بالقانون حالة فردية تتمثل في شفيق وليس شأنا عاما. وكان رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب محمود الخضيري قال خلال مناقشات المجلس قبل الموافقة على القانون إن من حق المجلس أن يحمي "الثورة" التي أطاحت بمبارك مطلع العام الماضي حتى بقانون يصدر من أجل شخص. وترافعت ضد القانون أيضا هيئة قضايا الدولة التي تدافع عن الحكومة أمام المحاكم. والحكمان اللذان صدرا حاسمان في العملية السياسية الجارية في فترة انتقالية متعثرة بالفعل في مصر. وكان القضاء الإداري اشتبه بعدم دستورية قانون الانتخابات البرلمانية كما اشتبهت لجنة الانتخابات الرئاسية بعدم دستورية قانون العزل السياسي. وأثارت هذه الدراما القانونية قلق المصريين قبل يومين فقط من انتخابات الإعادة كما أشارت إلى الانتقال السياسي المضطرب والفوضوي الذي يشرف عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ تخلي مبارك عن منصبه قبل 16 شهرا. وسعيا لمنع كبار المسؤولين في عهد مبارك من خوض انتخابات الرئاسة أقر مجلس الشعب قانون العزل السياسي يوم 12 ابريل نيسان لحرمان من خدموا في المناصب العليا في الحكومة أو الحزب الحاكم المحلول خلال آخر عشر سنوات من حكم مبارك من حقوقهم السياسية ومن بينهم شفيق. وكان القانون قد دفع لجنة الانتخابات الرئاسية في بادئ الأمر إلى استبعاد شفيق من الترشح لكن شفيق أعيد إلى الانتخابات إلى أن يبت في مدى دستورية القانون بحكم تصدره المحكمة الدستورية العليا. وكانت السفارة الأمريكية في القاهرة قد قالت في رسالة أمنية على موقعها الالكتروني إن أي قرار تتخذه المحكمة يوم الخميس قد يؤدي إلى احتجاجات. وأضافت "قد تزيد قرارات المحكمة من مستوى التوتر بينما تتجه مصر إلى الانتخابات لاختيار أول رئيس ينتخب بطريقة ديمقراطية." وفيما يخص البرلمان كانت المحكمة الإدارية العليا خلصت في فبراير شباط إلى أن بعض نصوص قانون الانتخابات البرلمانية غير دستورية. وأجريت الانتخابات البرلمانية على أساس تخصيص ثلثي المقاعد للمرشحين على قوائم الأحزاب وباقي المقاعد لمرشحين فرديين كان يفترض أن يكونوا مستقلين لكن الأحزاب رشحت بعض أعضائها على المقاعد الفردية. وقالت المحكمة الإدارية العليا في قرار الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا إنه كان يجب عدم السماح للأحزاب السياسية بترشيح أي من أعضائها للمنافسة على مقاعد الفردي. وأضافت أنه كان يجب تخصيص نصف المقاعد وليس ثلثها للنظام الفردي تطبيقا لقاعدة المساواة بين الحزبيين والمستقلين في وقت لا تنص فيه قوانين البلاد على أن ممارسة النشاط السياسي قاصرة على الأحزاب. وأجريت انتخابات مجلس الشورى وهو غرفة البرلمان الثانية بنفس النظام الذي أجريت به انتخابات مجلس الشعب الأمر الذي يرجح معه حله أيضا. واستندت المحكمة الدستورية العليا إلى أسباب مماثلة في عهد مبارك لإبطال قوانين انتخابات عامي 1987 و1990 مما أدى إلى حل البرلمان وتغيير النظام الانتخابي وإجراء انتخابات مبكرة. ونشرت السلطات عشرات من ناقلات الجند التابعة للجيش والشرطة حول مبنى المحكمة الدستورية العليا الذي يطل على النيل بضاحية المعادي في جنوب العاصمة. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن أفراد هيئتي المحكمة اللتين نظرتا القضيتين وصلوا إلى المبنى في حراسة قوات من الجيش والشرطة. ووقف بالقرب من المحكمة مئات النشطاء الذين كانوا يطالبون بالحكم بدستورية قانون العزل السياسي ورددوا هتافات مناوئة لشفيق بعد صدور الحكم وهتفوا "يسقط يسقط حكم العسكر" ورفع بعضهم أحذية. وفصلت بين النشطاء والمحكمة أسلاك شائكة وضعتها القوات في الشارع الذي يحاذي النيل ووقفت وراء الأسلاك الشائكة القوات التي تحرس المحكمة. وقال شاهد إن حركة المرور بالمنطقة المحيطة بالمحكمة أصيبت تقريبا بالشلل