عاد رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب إلى مقره في القاهرة قادماً من ألمانيا أمس ليفسر لأعضاء الائتلاف المتشككين بقراره بإجراء محادثات مع روسياوإيران، الداعمتين الرئيسيتين للرئيس السوري بشار الأسد، على أمل تحقيق انفراجة في الأزمة، فيما طالب الائتلاف الوطني روسيا بالضغط الآن على نظام الرئيس بشار الأسد لوضع حد للنزاع في البلاد ووصف وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني علي اكبر صالحي ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن استعداد الخطيب للحوار مع نظام الأسد على أنه خطوة كبرى نحو حل الأزمة المستمرة منذ عامين. وقال وزير الخارجية الإيراني أمس «إذا كنا نريد وقف إراقة الدماء فإننا لا يمكن أن نستمر في تبادل إلقاء اللوم» مرحباً بمبادرة الخطيب، ومضيفاًَ أنه مستعد لمواصلة الحديث مع المعارضة، فيما اعتبر لافروف اقتراح الخطيب «خطوة مهمة جداً، خصوصاً لأن الائتلاف تشكل على أساس الرفض التام لأي محادثات مع النظام». وأشاد ساسة من الولاياتالمتحدة وأوروبا والشرق الأوسط في مؤتمر ميونيخ الأمني بما وصفوه «شجاعة» الخطيب. لكن الخطيب من المرجح أن يواجه انتقادات حادة من قيادات الائتلاف الوطني المقيمة في القاهرة. وعرّض الخطيب قيادته للخطر عندما قال إنه سيكون مستعداً للتفاهم مع ممثلي نظام الأسد بشرط الإفراج عن 150 ألف سجين وإصدار جوازات سفر لعشرات الآلاف من اللاجئين الذين فروا إلى الدول المجاورة لكن ليس لديهم وثائق. وقال أحد زملاء الخطيب من المكتب السياسي للائتلاف الوطني السوري المؤلف من 12 عضواً «لقد أثار عاصفة سياسية. الاجتماع مع وزير الخارجية الإيراني غير ضروري على الإطلاق لأنه بلا فائدة. إيران تدعم الأسد تماماً. وربما يكون اجتمع أيضاً مع وزير الخارجية السوري». وينظر للخطيب على أنه حائط الصد في مواجهة القوى السلفية التي أصبحت تقوم بدور رئيسي في المعارضة المسلحة. واختير رئيساً للائتلاف في قطر العام الماضي بدعم كبير من جماعة «الإخوان المسلمين». وأشار عضو في الائتلاف الوطني السوري طلب عدم نشر اسمه إلى تصريحات صالحي ولافروف بعد يوم من اجتماعهما مع الخطيب باعتبارها دليلاً على أن أياً منهما لم يغير موقفه وما زالا يدعمان الأسد. وكان صالحي صرح أمام مؤتمر ميونيخ إن الحل في سورية هو إجراء انتخابات مع عدم ذكر وجوب رحيل الأسد عن السلطة. وأبدى كل من رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني والسناتور الأميركي الجمهوري جون مكين إحباطه في ميونيخ من عزوف المجتمع الدولي عن التدخل في الصراع السوري. وحمّل الشيخ حمد بن جاسم مجلس الأمن المسؤولية المباشرة عن استمرار مأساة الشعب السوري وآلاف الأرواح التي فقدت والدم الذي أريق وما زال يراق على يد قوات النظام. إلا أن موسكو قللت من شأن المباحثات في ميونيخ، ووصف مصدر ديبلوماسي روسي المحادثات بين لافروف والخطيب بأنها مجرد «اجتماعات روتينية». وأضاف المصدر «قدمنا آراءنا عندما التقى الوزير لافروف بالخطيب. أشرنا إلى تصريحاته بوصفها فرصة قائمة للحوار مع الحكومة السورية. هذا أمر طالبنا به». وتابع «لأي مدى هذا واقعي؟ هذه مسألة صعبة وهناك شكوك بشأن ذلك». وذكر مصدر في وفد الخطيب إن عرض الحوار سيجد صدى لدى السوريين المعارضين للأسد الذين لم يحملوا السلاح «ويريدون التخلص منه بالحد الأدنى من إراقة الدماء». وقال فواز تللو، المعارض السوري المقيم في برلين، إن الخطيب قام بمناورة سياسية محسوبة لإحراج الأسد. ولكنه أضاف إنها مبادرة غير تامة وفي الغالب ستتلاشى، إذ لا يمكن لنظام الأسد أن ينفذ أي بند في سلسلة من المبادرات لأن هذا النظام سيسقط. وتابع أن روسياوإيران بدأتا بالفعل استخدام مبادرة الخطيب بشكل سلبي في حين أن النظام وحلفاءه سيتعاملون مع اجتماعات الخطيب فقط بوصفها فرصة إضافية للقضاء على المعارضة أو إضعافها. وعندما سئل الخطيب عن خطورة النظر إلى استراتيجيته باعتبارها مؤشراً إلى الضعف في المعارضة أو الإحباط من مكاسب الجيش السوري الحر قال إن المقاتلين معنوياتهم مرتفعة وإنهم يحققون مكاسب يومية. إلى ذلك، قال المتحدث باسم الائتلاف وليد البني «إن الكرة الآن في الملعب الروسي، إذا كان الاتحاد الروسي ينظر إلى مصلحته الحقيقية في المستقبل في المنطقة». وأضاف «نحن نعتقد أن عليه أن ينحاز إلى جانب المطالب العادلة للشعب السوري وليس إلى جانب من يقتل الشعب السوري». وعبر البني عن أمله بأن تضغط موسكو على حليفها السوري. وأشار المتحدث إلى أن «الحكومة الروسية عبرت عما كانت تعبر عنه دائماً، إلا أنها قالت إنها منفتحة إلى حل يحقق طموحات الشعب السوري» لافتاً إلى انه «ليس هناك اختراق في الموقف الروسي» الذي يعتبر أن المطالبة برحيل الأسد عائق. وتصر روسيا على تطبيق اتفاق جنيف حول انتقال سياسي تبنته مجموعة الاتصال في حزيران (يونيو) 2012، وهو لا يتضمن أي إشارة إلى احتمال تنحي الأسد عن السلطة. وجدد وزير الخارجية الروسي اثر لقائه للمرة الأولى السبت مع الخطيب في ميونيخ، القول إن مطالبة المعارضة والدول الغربية برحيل الأسد تعرقل أي تقدم باتجاه السلام في سورية. وفي بادرة انفتاح اعلن لافروف انه يرغب في إجراء اتصالات منتظمة مع المعارضة السورية، مرحباً باستعداد رئيس الائتلاف السوري المعارض للبدء بحوار مع ممثلين للنظام السوري. واعتبر البني ذلك «خطوة إيجابية بكل تأكيد» مشيراً إلى أن «الغالبية في الائتلاف يساندون رئيسه». ولم تصدر عن دمشق أي رد فعل على لقاء لافروف بالخطيب إلا أن صحيفة الثورة السورية الحكومية أكدت في افتتاحيتها الأحد أن موقف روسيا، حليفة النظام السوري، من الأزمة السورية ثابت.