أشاد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أمس، بسرعة تحرك الجنود الفرنسيين وفاعليتهم في مالي، «في موازاة تحلي الرئيس فرنسوا هولاند بشجاعة اتخاذ هذا القرار»، مؤكداً أنه «لولا ذلك لما استمرت دولة مالي، ولاستبدلت بمعقل إرهابي يسمح لجميع جهاديي العالم بتنظيم أنفسهم لضرب بلدنا وأوروبا». لكن مؤشرات ظهرت أمس لتحرك الإسلاميين المسلحين على أطراف المدن الكبرى شمال البلاد التي استعادتها القوات الحكومية والفرنسية في الأيام الأخيرة، إذ رصد سكان مقاتلين في بعض قرى منطقة بوريم التي تبعد 90 كيلومتراً من شمال غاو، ما حتم توجه رتل كبير من المدرعات والسيارات الرباعية الدفع الفرنسية - المالية إلى المنطقة. كما قتل جنديان ماليان على الأقل في انفجار لغم لدى مرور آليتهما بين مدينتي دونتزا وهومبوري، وقال مصدر أمني «نشتبه في أن الإسلاميين زرعوا اللغم، لكن لا نعلم إذا حصل ذلك قبل رحيلهم أو بعده». وكان لافتاً تساؤل الرئيس الموقت لمالي ديونكوندا تراوري أمس، عن استراتيجية الحركات الإسلامية المسلحة، وماذا تعدّ بعد انسحاب مقاتليها بلا معارك من المدن الكبيرة، من دون أن يستبعد ابتعادهم كثيراً عنها. ورأى أن «باماكو يمكن أن تتفاوض فقط مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد (طوارق علمانيون)، أما جماعة أنصار الدين المتشددة ففقدت صدقيتها ولم تعد مؤهلة لمحاورة أي طرف، على رغم محاولة بعض عناصرها تغيير القناع»، في إشارة إلى انشقاق «حركة أزواد الإسلامية» عن الجماعة ودعوتها إلى «حل سلمي». ويبدو أن الحذر من الاستراتيجية «غير المعروفة» للمسلحين منع توسيع الجيش الفرنسي انتشاره في كيدال، بعد يومين من سيطرته على مطارها، «في انتظار إرساء الأمن مع الوحدة الأفريقية التي لا تزال قيد التجهيز» كما قال وزير الدفاع الفرنسي الذي رفض أيضاً توضيح احتمال تقدم قوات بلاده إلى جبال إيفوقاس شمال كيدال لتحرير سبعة رهائن فرنسيين خطفهم إسلاميون في النيجر ومالي عامي 2011 و2012. وكشف لو دريان أن عدد القوات الفرنسية سيرتفع من 3 آلاف إلى 4 آلاف جندي، مشدداً على أن مهمة هذه القوات لا تزال منع تقدم «الجهاديين»، ومنح مالي فرصة استعادة سيادتها، مع الحرص على تسليم الوحدة الأفريقية مسؤولية تعزيز الأمن. وقدّر الوزير الفرنسي كلفة الأسابيع الثلاثة الأولى من العملية العسكرية الفرنسية في مالي بحوالى 50 مليون يورو، معلناً تكبيد «الجهاديين» خسائر ملموسة، «لكننا في معركة لم تنتهِ».