على سبيل التغيير، ورغبة في التحلي بروح الأمل في غد قد يكون أفضل نسبياً، دار الحديث أثناء الفاصل الإعلاني عن نوادر «الهواء»! تناسى الجميع جمود الصقيع السياسي، وأخذ كل منهم يسرد نوادره في عالم برامج الهواء. تذكر المذيع كيف قرر أن يحتفي بضيفه الشهير ذي التاريخ الطويل، فأسهب في تقديمه، وأحسن في تكريمه وفجأة حان وقت النطق بإسم الضيف، وحدث ما لم يكن في الحسبان! راح الإسم عن باله تماماً! تعرق واحمر وتوتر! ثم افتعل السعال، وقال متصنعاً ابتسامة: «ها هو ضيفي، فوجهه كفيل بالإفصاح عن اسمه»! المفعول به كان أبرز محطات زميلته المذيعة في مشوارها التلفزيوني، إذ استضافت ذات يوم أحد جهابذة اللغة العربية، وبينما هي منهمكة في قراءة المقدمة التي كتبها لها المعد مستعرضاً عضلاته اللغوية ومشكلاً كلماته السخية بما تراءى له من قواعد النحو والتشكيل المنافية لما سنه سيبويه، وحين حان موعد الضيف ليدلو بدلوه على السؤال الأول، باغت المذيعة بسؤاله الإنكاري: لماذا تصرين على رفع المفعول ونصب الفاعل؟ ولأن المذيعة لم تسمع عن سيبويه، ردت بعذر أقبح من ذنب: «مش فاهمة قصد حضرتك!» أما الضيفة الكثيرة التردد على برامج الهواء فتذكرت كيف أنها حين جلست على الأريكة في مواجهة المذيعة شعرت بحركة خافتة صادرة من أحشاء الأريكة، لكنها أقنعت نفسها أنها اهتزازات في الأرضية أو هزات في الأسقف العلوية، ومضى الحوار سلساً، إلا أن الحركة الخافتة تحولت إلى أصوات صادحة، وظلت تغالب مشاعر القلق وتحاول جاهدة التركيز في ما تقول، لكن الأمر فاق قدرتها على التحمل حين أيقنت أن فأرة ساكنة أحشاء الأريكة، فما كان منها إلا أن سالت دموعها غزيرة! وعلى الهواء مباشرة، نقل الأثير للمشاهدين آراء الطبيب المشهور رداً على مشاكل المشاهدين، وذلك على خلفية شخير منبعث من خلف ديكور الاستوديو. وأمام محاولات المذيع اليائسة ليعلو بصوته على الشخير، تصرف الضيف الطبيب بحنكة عالية صفق لها الجميع بعد انتهاء البرنامج. إذ قال بصوت خافت: «أطلب من المشاهدين الأعزاء الآن الاستماع معنا إلى صوت الشخير هذا أولاً قبل أن أشرح لكم أسبابه وطرق علاجه»! وبالفعل سكت الجميع، وصدح شخير في الاستوديو الذي وجد في خلفية الديكور واحة آمنة ليحصل فيها على قيلولة سريعة يعود بعدها إلى العمل. نال الطبيب إعجاب الجميع، ونال الفني حسماً ليومين من راتبه وعلاجاً مجانياً أهداه له الطبيب. عجائب وطرائف ومواقف صعبة، وأخرى حرجة، يتذكرها المذيعون ويسردها الضيوف بكثير من الضحك، لكن تبقى ذبابة الاستوديو سيدة الإحراج، بين محاولات «هش» من الضيف وجهود قتل من المذيع على الهواء مباشرة!