يتسلم البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الشارات الكاردينالية اليوم خلال احتفال يترأسه البابا بنديكتوس السادس عشر في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، في حضور الرئيس اللبناني ميشال سليمان ووفد لبناني مؤلف من 1500 شخص أتوا من لبنان وبلدان الانتشار اللبناني. وكان سليمان وصل إلى حاضرة الفاتيكان ظهر امس، واستقبله البابا ودخلا معاً إلى المكتبة حيث عقدا خلوة دامت قرابة نصف ساعة. وتم خلال اللقاء وفق بيان مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية من روما، «بحث العلاقات التاريخية الوطيدة بين لبنان وحاضرة الفاتيكان والتي تكللت أخيراً بالزيارة التاريخية التي قام بها الحبر الأعظم في أيلول (سبتمبر) الماضي للبنان. وكرر البابا الإعراب عن شكره للحفاوة التي استقبله بها الشعب اللبناني بجميع أطيافه وعميق محبته الخاصة للبنان»، وإذ شدد على «دور الحوار بين اللبنانيين سبيلاً لحل مشكلاتهم، دعاهم لترسيخ الاستقرار في وطنهم لإبقائه نموذج تفاعل رغم الصعاب والآلام التي تعصف بالمنطقة»، معتبراً إياهم «مسؤولين عن وديعة الرسالة التي حملها اليهم والتي كان محورها السلام وأسس تعميمه». وشكر سليمان من جهته للبابا «دعم الكرسي الرسولي الدائم للبنان وللاهتمام بالدفاع عن قضاياه بشكل ثابت ومستمر، معرباً له عن عميق الأثر الذي تركته الزيارة البابوية في قلوب وعقول اللبنانيين جميعاً، كذلك شكر له قراره منح الرتبة الكاردينالية للبطريرك الراعي، معتبراً القرار رسالة محبة قوية وتقديراً أبوياً لافتاً ليس فقط للموارنة في لبنان والشرق ودول الانتشار بل لجميع اللبنانيين». وعرض سليمان للبابا «الخطوات التي يقوم بها في سبيل الحفاظ على دور لبنان الحضاري الفاعل في منطقته والعالم وعلى الاستقرار فيه، رغم الصعوبات والظروف الدقيقة التي تجتازها المنطقة والتي يتأثر بها لبنان». والتقى سليمان بعد ذلك أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال تارشيسيو بيرتوني، في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل والوزير السابق خليل الهراوي وسفير لبنان لدى الكرسي الرسولي العميد جورج خوري، وبحث معه الأوضاع في لبنان والمنطقة، وفي سبل تطوير العلاقات الثنائية بين لبنان والكرسي الرسولي في مختلف مجالات التعاون المشترك. وكان سليمان التقى قبل ذلك البطريرك الراعي. ويتقبل الراعي التهاني مساء اليوم في الصرح الرسولي في الفاتيكان من المشاركين وبينهم زير الإعلام وليد الداعوق ممثلاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وممثلون عن مختلف الأحزاب والقوى السياسية، أبرزهم وفد من «تيار المستقبل» يضم النائبين سمير الجسر وهادي حبيش ومستشار الرئيس سعد الحريري، داود الصايغ، وعضو اللقاء الديموقراطي النائب مروان حمادة آتياً من باريس، اضافة إلى وفد يمثل حركة «أمل» برئاسة الوزير السابق طلال الساحلي. «إذا لزم الأمر» وكان الراعي اكد في لقاء صحافي مساء أول من امس في المدرسة المارونية في روما، أن «لبنان يجب أن يكون عنصر استقرار في محيطه العربي، وهذا الاستقرار لا يبنى إلا بالتفاهم والحوار مع بعضنا بعضاً»، مشدداً على «ضرورة تلبية دعوة رئيس الجمهورية إلى طاولة الحوار والعمل على تغيير الحكومة إذا لزم الأمر ولكن من خلال عبور هادئ لا يوقعنا بالفراغات». ولخص الراعي مفاهيم الاحتفال بعيد الاستقلال بثلاث ثوابت هي: «الحفاظ على سيادة القرار في الشؤون الداخلية والخارجية؛ وسلامة الأرض المعترف بها دولياً بحيث لا يوجد عليها سلاح أو جيش اجنبي وأي سلاح أو تنظيم عسكري غير شرعي؛ والكرامة الوطنية». وإذ شدد الراعي على «ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، سجل «اعتراضه على اعتماد قانون الستين، ولكنه استدرك وقال: «نحن نسجل اعتراضنا على هذا المشروع ولن نقبل التأجيل أو التمديد لأنه يجب احترام المواعيد الدستورية، ولكن لن نقوم بإقفال طريق أو إحراق إطارات إذا تم اعتماد قانون الستين». ورداً على سؤال حول مطالبة «قوى 14 آذار» بتسليم المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والمتهم بمحاولة اغتيال النائب بطرس حرب، قال الراعي: «لا يحق لأي طرف أن يطالب بتسليم المتهمين لأن المتهم يبقى بريئاً حتى تثبت إدانته والأمر متروك كلياً للقضاء». وأكد الراعي أن «لا لون للبطريرك أو لمجلس المطارنة»، مشدداً على انهم «على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين». محامو 14 آذار إلى ذلك وتعليقاً على ما ورد على لسان الراعي في شان تسليم المتهمين، أوضح محامو «القوات اللبنانية» و»المستقبل» و»الكتلة الوطنية» وتجمّع «محامي 14 آذار المستقلّين» في بيان، أن «النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان ينص في المادة ال22 على أن تجرى المحاكمة غيابياً أمام المحكمة الخاصة بلبنان إذا لم يتم تسليم المتهم إلى المحكمة من قبل سلطات الدولة المعنية أو انه قد توارى عن الأنظار». وأضافوا أن «قواعد الإجراءات والإثبات المطبقة أمام المحكمة عادت لتنص من جديد يوم صدورها في 20/3/2009 وفي مادتها ال106 عن حالات قصد التهرّب من المحاكمة، وهي تتضمّن حالة عدم تسليم المتهم من قبل سلطات الدولة المعنية إلى المحكمة خلال مهلة معقولة أو إذا توارى عن الأنظار أو تعذّر العثور عليه بطريقة أخرى، وأن كل الخطوات المعقولة قد اتخذت لضمان مثوله أمام المحكمة. كما تحدّثت المادة المذكورة أعلاه عن تغيّب المتهم بسبب إخفاق الدولة المعنية في تسليمه أو رفضها تسليمه». وتابع البيان انه «يتأكّد من هاتين المادتين المذكورتين في النظام الأساسي وفي قواعد الإجراءات والإثبات انه ليس فقط على المتهم تسليم نفسه إنما أيضاً على الدولة المعنية أن تسلمّه، لتجرى المحاكمات وفقاً للأصول وبعدها يثبت ما إذا كان المتهم بريئاً أو مداناً. كما أن قانون العقوبات اللبناني يفرض في جرائم أقل أهمية من تلك الملاحقة أمام المحكمة الخاصة بلبنان تسليم المتهمين وتوقيفهم إلى حين صدور القرار النهائي عن محكمة الجنايات أو المجلس العدلي». بري يصرف النظر عن جلسة الثلثاء اعلن رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري في بيان امس، انه «نظراً لمشاركة عدد كبير من الوزراء والنواب في يوم لبنان في الفاتيكان لسيامة غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كاردينالاً، قرر صرف النظر عن الدعوة لجلسة المجلس النيابي المقررة الثلثاء المقبل في 27 الجاري لاستقبال رئيس جمهورية ارمينيا». وقال: «جميع المدعوين للجلسة هم مدعوون في اليوم ذاته عند الساعة الثانية بعد الظهر الى مأدبة غداء تقام على شرف الضيف في مقر رئاسة المجلس في عين التينة، آملاً اعتبار هذا بمثابة دعوة شخصية».