تتجه الحكومة الجزائرية إلى تأخير البت بملف تعديل الدستور إلى غاية نهاية العام المقبل، أي قبل شهور قليلة فقط من نهاية ولاية الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. ورأت قراءات في الصحافة الجزائرية أن تأجيل عرض مشروع تعديل الدستور قد يكون له علاقة بمعرفة ما إذا كان رئيس الجمهورية راغباً أم لا في التقدم لولاية رابعة. وأعلن مسؤول حكومي أن مشروع تعديل الدستور الذي يدخل ضمن «ملفات الإصلاحات السياسية» التي يجريها الرئيس بوتفليقة منذ نيسان (أبريل) 2011، سيعرف تشكيل لجنة مختصة بداية من السنة المقبلة (2013) على أن تعرضه اللجنة على الحكومة لاحقاً. ولم يوضح وزير الداخلية دحو ولد قابلية إن كان مشروع تعديل الدستور سيفصل فيه البرلمان بغرفتيه أم عبر استفتاء شعبي، على رغم أن ما تعلنه الحكومة من تعديلات مرتقبة يحتمل الخيار الثاني (الاستفتاء) الذي يفرضه الدستور في حال جاءت التعديلات جذرية. وروّجت الحكومة في وقت سابق إلى أن ملف تعديل الدستور لن يتخطى آجال النصف الأول من السنة الجارية، لكنها لاحقاً تكتمت على الملف في شكل كامل، ليتبين أن أجندة الدستور «تدحرجت» حتى نهاية السنة المقبلة، ما يذكّر بسيناريو التعديل الماضي على الدستور الذي أُقر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 ثم تقدم بوتفليقة لولاية ثالثة في نيسان (أبريل) من العام الذي تلاه. وفي وقت سابق دخل ملف تعديل الدستور مزاد الجدل على مستوى جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي اللذين يهيمان على غالبية المقاعد في البرلمان في شكل يتيح لهما الذهاب بالتعديلات رأساً إلى نظام رئاسي صريح. لكن جبهة التحرير الوطني لم تفصل إلى اليوم في شكل ما تطرحه بالنسبة إلى عدد الولايات الرئاسية، ويُعتقد أن تأخرها مرده ترقب جواب من الرئيس بوتفليقة - الذي يرأس الحزب شرفياً - في شأن ما إذا كان سيترشح لولاية رابعة أم لا. وتشدد مسودة التعديلات الدستورية التي أعدتها جبهة التحرير على «تحديد العلاقة بين المؤسسات وصلاحياتها، والارتقاء بالقضاء إلى سلطة دستورية»، و«أن يكون الوزير الأول من حزب الغالبية». وعلى رغم فصل حزب الغالبية في كثير من أمور التعديل المرتقب، إلا أن ذلك لم يشمل «عدد الولايات الرئاسية». وترغب جبهة التحرير في اعتماد «الثنائية» في السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية والوزير الأول الذي يمثّل الغالبية البرلمانية مع تحديد واضح للصلاحيات لكل منهما. ويعني اقتراح حزب الغالبية العودة إلى ما قبل آخر تعديل دستوري في البلاد قبل أربع سنوات، عندما جرى السعي إلى توحيد رأسي السلطة التنفيذية، والدفع بالصلاحيات نحو رئيس الجمهورية كمتصرف أول في شؤون البلاد من خلال مجلس الوزراء، بينما تقلصت صلاحيات رئيس الحكومة (الوزير الأول حالياً)، مع إلغاء صلاحياته في عقد مجلس الحكومة إلا بتفويض من الرئيس. ويطرح التجمع الوطني الديموقراطي دستوراً يضمن «وظيفة رئاسية لعهدة من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، على أن تتوافر لممارسها السلطات الفعلية التي يخولها إياه الدستور».