دعا الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مسؤولي الهيئات الدستورية إلى جلسات «التقييم» التي يشرع غداً في عقدها مع مسؤولي الدولة وتخصص عادة لوزراء الحكومة. وفهم مراقبون الدعوة بأنها تمثّل بداية لمشاورات حول ملف تعديل الدستور وموعد طرحه على البرلمان أو الاستفتاء الشعبي. ويُتوقع أن يعقد بوتفليقة خلال أيام شهر رمضان المبارك جلسات «تقييم» اعتاد عليها مع وزراء في حكومته في شكل فردي. وقالت مصادر في الجزائر ل «الحياة» إن بوتفليقة وجّه دعوات إلى مسؤولين يرأسون هيئات رسمية، وبينهم رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، والوزير عبد العزيز بلخادم الممثل الشخصي لبوتفليقة الأمين العام لجبهة التحرير الوطني صاحبة الغالبية النيابية، والوزير الأول أحمد أويحيى الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي. ووعد الرئيس الجزائري في الفترة الماضية بإجراء إصلاحات سياسية مهمة. وهو أفرج حتى الآن عن الجزء الأكبر من تلك الإصلاحات التي أقرها البرلمان، وبقي الجزء الأخير من الإصلاحات الموعودة بما في ذلك تعديل دستور البلاد الذي سبق وجرى تعديله قبل أربع سنوات في شكل جزئي أتاح لبوتفليقة الترشح لولاية ثالثة على التوالي، إثر رفع التقييد عنها الذي حُدد في الدستور السابق بولايتين فقط. ويعتقد أن تحديد أولويات أجندة الحكومة سيتم اتخاذه في جلسات «التقييم» المرتقبة طيلة شهر رمضان. وعلى رأس هذه الأولويات بلا شك الانتخابات المحلية (البلدية والولائية) التي تأخرت إلى غاية كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ما يعني على الأرجح الدفع بملف تعديل الدستور إلى النصف الأول من العام المقبل. ويمهّد تعديل الدستور الطريق مباشرة للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو موعد يعتقد أن بوتفليقة غير متحمس لدخوله كمرشح لولاية رابعة. وتلقّى وزراء في حكومة أحمد أويحيى تعليمات شفوية من الوزير الأول تنبههم إلى ضرورة تحضير تقارير عن القطاعات التي يسيّرونها لتعرض على رئيس الجمهورية. وسيقدم سبعة وزراء تقارير عن قطاعاتهم وقطاعات وزراء حلّوا هم محلهم منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة التي مُنع فيها الوزراء من الجمع بين الحكومة والنيابة. وحرص بوتفليقة خلال سنوات حكمه التي بدأت عام 1999 على جعل جلسات التقييم الرمضانية عُرفاً سياسياً متبعاً. وعلى رغم عدم وجود أثر دستوري لهذا النوع من الاجتماعات، إلا أن بوتفليقة يفضّل الجلوس وجهاً لوجه مع كل وزير على حدة. وأكثر ما يلفت في اجتماعات الرئيس بالوزراء في شهر الصيام، أنها تتم خارج اجتماعات الحكومة واجتماعات مجلس الوزراء الذي يُعتبر بحسب الدستور الإطار السياسي والقانوني والجهاز الذي يناقش ويدرس وتتداول فيه القضايا المطروحة وتتخذ بشأنها القرارات، بمعنى أن كل تفاصيل النشاط القانوني للحكومة يمر وجوباً عبر مجلس الوزراء.