طالبت جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية أمس بتأجيل الانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل، والانتقال «فوراً» إلى طاولة البحث عن التوافق مع مؤسسات الحكم المختلفة، وفق قيادي بارز في الجماعة. كما دعت إلى لقاء يجمعها بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عقب التوصل إلى تفاهمات «مبدئية» و «سريعة»، إلى جانب الاتفاق على خريطة طريق تخرج البلاد من حال «الانسداد السياسي»، بحسب أوساط سياسية ومسؤولين سابقين وحاليين، من بينهم رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة ورئيس الوزراء السابق، رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري. يأتي ذلك في وقت علمت «الحياة» بوجود تفاهمات جديدة بين أطراف في الدولة وبين الأحزاب اليسارية والقومية تضمن مشاركة هذه الأحزاب في الانتخابات، في مقابل حصولها على ضمانات النزاهة وتمويل مالي يمكنها تدشين حملاتها الانتخابية بسبب قلة مواردها. وقدم الرجل الثاني في جماعة «الإخوان» زكي بني أرشيد اقتراحاً جديداً أمس يتضمن تأجيل الانتخابات النيابية لحين الوصول إلى تفاهمات جديدة مع الدولة، وقال ل «الحياة»: «لا أحد ينكر حال الانسداد السياسي الذي وصلت إليه البلاد، والمطلوب أن نذهب مجدداً إلى طاولة الحوار». وأضاف: «مشاركتنا وفق القانون الحالي تعني الذهاب نحو انتحار سياسي». كما أكد ضرورة أن يفضي أي حوار مقبل إلى توافقات «سريعة» بين الأطراف المختلفة، وأن يتبعه لقاء مع العاهل الأردني ل «تتويج ما وصل إليه المتحاورون». لكن مصادر داخل الدولة أكدت صعوبة الذهاب إلى مثل هذه الدعوات حالياً، عازية ذلك إلى قرب نفاد الوقت المتبقي لإجراء الانتخابات، إلى جانب تعقيدات دستورية في خصوص عودة البرلمان المنحل أو إعلان حال الطوارئ. وأكدت توجه الدولة إلى إنجاز الانتخابات في موعدها المحدد، مع السعي إلى تهدئة الأجواء وامتصاص غضب الشارع عبر قرارات عدة، أبرزها الإفراج عن معتقلي الحراك قبل حلول عيد الأضحى المبارك. ومثل هذه القرارات، أكدتها تحركات مفاجئة لرئيس الحكومة عبدالله النسور الذي التقى في وقت متقدم من ليل السبت - الأحد عائلات المعتقلين، إلى جانب زيارته خيمة اعتصام الصحافيين الأردنيين التي شيدت قبل نحو شهر احتجاجاً على قانون المطبوعات والنشر. وخلال هذه اللقاءات، لمح الرئيس إلى قرب الإفراج عن المعتقلين السياسيين المتهمين بالتطاول على العاهل الأردني، في خطوة رأى فيها سياسيون وكتّاب محاولة من الرئيس الحالي والمعارض السابق، إلى «إطفاء حرائق» الحراك المنتشرة في المحافظات. وكان النسور أطلق تصريحات لافتة أمس، من بينها أن الأردن «سيشهد شمساً جديدة وأوكسجين جديداً خلال الفترة المقبلة». وقبل ذلك، حرص النسور على بعث رسائل واضحة عن حياد الحكومة، وحرصها على شفافية ونزاهة الانتخابات المقبلة، عندما أعلن أمام مجموعة من أعيان الملك خلال جلسة خاصة أنه «لن يكون للدولة أو أي جهاز من أجهزتها مهما كان، مرشحون للانتخابات». يأتي ذلك فيما علمت «الحياة» بوجود توجهات رسمية نحو تشجيع شخصيات سياسية مرموقة، إلى جانب أحزاب المعارضة اليسارية والقومية، على خوض الانتخابات بهدف «تطعيم» البرلمان المقبل بعدد من الكفاءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل غياب مكوّنات سياسية بارزة عن المشهد البرلماني مثل «الإخوان» والجبهة «الوطنية للإصلاح» التي يقودها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات. في هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة داخل تحالف الأحزاب اليسارية والقومية المعارضة ل «الحياة» توجه غالبية هذه الأحزاب المعروفة بعدائها ل «الإخوان»، نحو المشاركة في الانتخابات في مقابل حصولها على ضمانات نزاهة الإجراءات الانتخابية، والإفراج عن جميع المعتقلين، وتمويل حملاتها الانتخابية من جهة خزينة الدولة (30-50 ألف دينار أردني لكل حزب مشارك). وحاولت «الحياة» الحصول على رد الحكومة على هذه المعلومات، من دون جدوى. وأكدت المصادر التي فضلت عدم الإشارة إليها، تمسك حزب واحد داخل التحالف الذي يضم 6 أحزاب بقرار مقاطعته الانتخابات، وهو حزب «الوحدة الشعبية» الذي قاطع انتخابات عام 2010 إلى جانب «الإخوان». لكن الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني منير حمارنة، وهو أحد المشاركين في لقاءات غير معلنة مع مسؤولين رسميين، قال ل «الحياة» إن «لقاءاتنا مع بعض المسؤولين، لم تتطرق أبداً إلى مسألة تمويل الحملات». وعن قرار المشاركة بالانتخابات من عدمه، أكد حمارنة أن القرار «ما زال قيد النقاش»، لكنه أوضح أن غالبية أحزاب التحالف الذي يقف ضد قانون الانتخاب «ترى أن وجود قائمة وطنية ضمن القانون الحالي يعطي فرصة حقيقية لتشكيل تحالفات جديدة لا بد منها». واعتبر أن الأردن «يعاني من ثنائية قاسية تتمثل في السلطة وأجهزتها من جهة وجماعة الإخوان من جهة أخرى»، قائلاً إن «مثل هذه الثنائية تحتاج إلى تشكل تيار ثالث يضم القوى اليسارية والقومية، وأي برلمان مقبل لن يغير شيئاً في ميزان القوى، إن لم تكسر الثنائية التقليدية».