اعتبر الرئيس التركي عبد الله غل اليوم الاثنين إن "أسوأ السيناريوهات" تتحقق حالياً في سورية وإن بلاده ستتخذ كل الاجراءات اللازمة لحماية حدودها في الوقت الذي رد فيه الجيش التركي لليوم السادس بعد سقوط قذيفة أطلقت من سورية على الاراضي التركية. وقال غل إن العنف في سورية لا يمكن ان يستمر إلى أجل غير مسمى وإن سقوط الأسد أمر حتمي. وقال "السيناريو الأسوأ يحدث الان في سورية... حكومتنا تتشاور بشكل دائم مع الجيش التركي. كل الاجراءات اللازمة يتم اتخاذها على الفور كما ترون وسيستمر هذا من الآن فصاعدا أيضا." وأضاف للصحفيين في أنقرة "سيحدث تغيير.. انتقال إن عاجلا أو آجلا... يجب على المجتمع الدولي ان يتخذ اجراء فعالا قبل أن يزيد الدمار في سورية وتسفك المزيد من الدماء.. هذه رغبتنا الأساسية." وعززت القوات المسلحة التركية وجودها على الحدود التي تمتد لمسافة 900 كيلومتر مع سورية في الايام الماضية وترد بالمثل على اطلاق النار والقصف من سورية حيث تخوض قوات الأسد معارك ضد مقاتلين من المعارضة يسيطرون على مساحات كبيرة من الاراضي. وقال الجيش على موقعه على الانترنت ان رئيس هئية الأركان التركي نجدت أوزيل سافر إلى مدينة أضنة الجنوبية ومن المقرر ان يتفقد المنطقة التي يحرسها الجيش الثاني التركي المكلف بحماية الحدود مع سورية. وقال الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون إن تصاعد الصراع على امتداد الحدود التركية السورية بالإضافة إلى تأثير الأزمة على لبنان أمر "خطير للغاية". وقال في مؤتمر في ستراسبورغ في فرنسا "الوضع في سورية تدهور بشكل كبير. إنه يمثل خطرا داهما على استقرار جيران سورية والمنطقة بأكملها." وقال بان إن مبعوث الاممالمتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي سيعود إلى المنطقة خلال الأيام القادمة. وحوادث تبادل إطلاق النار عبر الحدود مع تركيا هي الأشد خطورة منذ بدأت الانتفاضة ضد الأسد في مارس اذار العام الماضي. وقال بولنت أرينغ المتحدث باسم الحكومة التركية "من الآن فصاعدا سيتم الرد بشكل فوري على اي هجوم علينا. كل هجوم يستهدف سيادتنا وأمن أرواحنا وممتلكاتنا سيتم الرد عليه." ووافق البرلمان التركي الاسبوع الماضي على نشر قوات خارج الحدود البلاد لكن المسؤولين بالحكومة قالوا إن الهدف من هذه الخطوة هو الردع وليس "التفويض بالحرب". وقال أرينغ "ستقرر تركيا بنفسها متى يستلزم الوضع التحرك وفقا لما قرره البرلمان الأسبوع الماضي. يجب ألا يعتقد أحد ان حربا ستتبع موافقة البرلمان... لكننا اكثر حساسية تجاه استقلالنا وسيادتنا من معظم الدول." وقالت وكالة دوغان للأنباء التركية إنه تم إرسال نحو 25 طائرة حربية إلى قاعدة عسكرية في ديار بكر أكبر مدن جنوب شرق تركيا. ونقلت الوكالة عن عن مصادر عسكرية قولها إن هذا مرتبط بسورية وعمليات مكافحة الارهاب عبر الحدود. وقالت إن عددا كبيرا من الطائرات المقاتلة من طراز إف-16 هبط بالقاعدة بعد ظهر اليوم. وأكدت مصادر محلية وجود نشاط مكثف عند القاعدة لكنها قالت إن هذا مرتبط بالعمليات ضد قواعد مسلحي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وليس سورية. وبشكل منفصل ذكرت وكالة دوجان أن قافلة عربات عسكرية بينها شاحنات تحمل دبابات انتقلت إلى بلدة اكاكالي اليوم للانتشار على الحدود. واشتدت حدة القتال داخل سورية أيضا اليوم الاثنين. وتقدمت قوات الحكومة للمرة الأولى منذ شهور في حي الخالدية الذي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حمص بوسط البلاد وهو واحد من 12 حيا تتعرض للقصف منذ ايام. وقال مقاتل من المعارضة عن طريق موقع سكايب "احتلوا مبان كنا متمركزين فيها واضطررنا لاخلائها." وتتصاعد المناوشات على الجانب السوري من الحدود وليس واضحا من الذي أطلق القذائف التي سقطت في تركيا. وتقول سورية إن قذائفها سقطت على تركيا بطريق الخطأ لكنها لم تف بتعهدها في الاسبوع الماضي بعدم تكرار مثل هذه الحوادث بعد ان قتلت قذيفة سورية خمسة مدنيين في بلدة اكاكالي التركية. وقال مسؤول تركي ان بلاده ردت اليوم الاثنين بعد سقوط قذيفة مورتر اطلقت من الأراضي السورية على منطقة ريفية في إقليم هاتاي على مسافة تتراوح بين 150 و200 متر داخل منطقة حاجي باشا. وذكرت مصادر في المعارضة السورية في محافظة الرقة المتاخمة لأكاكالي انهم شاهدوا خمس شاحنات للجيش التركي محملة بالجنود تحرس الجانب التركي من الحدود. ويعيش في تركيا ما يقرب من 100 ألف لاجيء سوري في مخيمات وتستضيف زعماء المعارضة وتقود نداءات تطالب الأسد بالتنحي. والقوات المسلحة التركية أكبر بكثير من نظيرتها السورية. وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في مطلع الاسبوع ان فاروق الشرع نائب الرئيس السوري يمكن أن يتزعم حكومة انتقالية في سورية. وكانت أنباء ذكرت في آب ( أغسطس) ان الشرع وهو وزير سابق للخارجية ويشغل منصب نائب الرئيس منذ نحو ستة اعوام حاول الانشقاق إلى الأردن لكن وسائل الاعلام السورية الرسمية ذكرت بعد ذلك انه لم يفكر مطلقا في الرحيل. وقال داود أوغلو لقناة تي ار تي الحكومية "تميل المعارضة لقبول هذه الاسماء. فاروق الشرع لديه القدرة على فهم نظام العشرين إلى الثلاثين عاما الماضية." وأضاف "فاروق الشرع لم يشارك في الحوادث الاخيرة .. المذابح ... لكن ربما لا يعرف أحد النظام بشكل أفضل من الشرع." قال الرئيس التركي عبد الله غل إن ما يحدث في سورية أسوأ سيناريو ممكن في البلاد، ويؤثر على تركيا التي تتخذ حكومتها الإجراءات التي تراها المناسبة حيال الأمر. ونقلت وكالة أنباء (الأناضول) التركية عن غل قوله قبيل استضافته السفير الأستوني الجديد في أنقرة ميكو هالجاس إن الحكومة، في هذه المرحلة تبقى على اتصال دائم مع رئاسة هيئة الأركان العامة، للتشاور، ولتنفيذ الإجراءات المطلوبة، وأنها تقوم بتنفيذ ما هو ضروري لمواجهة التطورات. وأشار غل إلى أن الشعب السوري، يعاني من ويلات أسوأ سيناريو يتم تنفيذه في البلاد الأمر الذي يؤثر على تركيا بشكل مباشر. وقال إنه لا ينبغي استمرار الأحداث في سورية على نفس النهج، مشدداً على أن ما يحدث يؤشر على أن التغيير قادم، إلا أن رغبة بلاده تتلخص بعدم إراقة مزيد من الدماء السورية، وتدمير المدن وتحول سورية إلى دولة مدمرة. وأضاف أن بلاده ترغب بانتقال السلطة في سورية لتجاوز مزيد من الدماء والدمار، داعياً المجتمع الدولي إلى مزيد من الاهتمام بالقضية السورية، والتصرّف بمسؤولية وتأثير أكبر. وحذّر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي يقوم بزيارة الى فرنسا حيث سيلتقي الثلاثاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الاثنين من الوضع "البالغ الخطورة" على الحدود السورية التركية وذلك في افتتاح اول "منتدى عالمي للديموقراطية" في ستراسبورغ. وقال بان كي مون امام مجلس اوروبا الذي جمع لهذا المنتدى اكثر من الف شخص من مسؤولين سياسيين وخبراء وناشطين، "ان الوضع في سورية تفاقم بشكل مأساوي. انه يطرح مشاكل خطيرة بالنسبة لاستقرار جيران سورية وكل المنطقة". واضاف ان "تصعيد النزاع على الحدود السورية التركية وتداعيات الازمة على لبنان امران بالغي الخطورة" وقال "مع اقتراب فصل الشتاء نحن بحاجة الى ان يلبي المانحون بمزيد من السخاء احتياجات السكان في داخل سورية واللاجئين الذين يزيد عددهم عن 300 الف لاجئ في الدول المجاورة". والخميس الماضي وبعد مداولات طويلة بين الدول الغربية وروسيا، نشر مجلس الامن بيانا ندد فيه بقصف سورية قرية تركية حدودية ودعا البلدين الجارين الى ضبط النفس. وبعد ان عبر "عن قلقه الشديد ازاء التدفق المستمر للاسلحة الى الحكومة السورية وكذلك الى قوات المعارضة"، دعا الامين العام للامم المتحدة كل الاطراف، وسط تصفيق حار من الحاضرين، الى "وقف استخدام العنف والتوجه نحو حل سياسي. انه السبيل الوحيد للخروج من الازمة". واضاف "اطلب بشكل عاجل من الدول التي تقدم اسلحة ان تتوقف عن ذلك. ان عسكرة النزاع لا تؤدي الا الى تفاقم الوضع". وقال بان كي مون ان الوضع في سورية "يثبت الى اي حد اتت عمليات الانتقال الحالية- التي اوحت بمثل هذا القدر من الامل والتغيير- بارتياب وخوف ايضا. ان النجاح ليس مضمونا. وبناء الديموقراطية يستغرق وقتا". وتابع ان الرئيس السوري بشار الاسد "وبقية القادة الاخرين في العالم يجب ان يصغوا الى مواطنيهم قبل ان يفوت الاوان". وقال "ابقى على قناعة بانه علينا ان نسعى الى حل سياسي للنزاع، وادعو كل الذين لديهم نفوذ على اي جهة في سورية، الى استخدامه من اجل تشجيع حل سياسي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري". وخلص بان كي مون الى القول ان الاممالمتحدة ستكون اولويتها "في السنوات المقبلة مساعدة الدول على الانتقال من انعدام الامن الى الاستقرار، ومن السلطوية الى الديموقراطية. هذان الهدفان هما ضمانة التقدم". وبعد خطاب بان كي مون، دعت الناشطة اليمنية في مجال حقوق الانسان توكل كرمان الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2011، الدول الاعضاء في الاممالمتحدة الى اعطاء المنظمة الدولية الامكانات للخروج من "شللها" من اجل تشجيع الديموقراطية في العالم. ويريد مجلس اوروبا الذي يضم 47 دولة ان يجعل من هذا الحدث لقاء سنويا يجمع "اصلاحيين وقادة عالميين للبحث عن ردود ديموقراطية على التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية". وشكر الامين العام لمجلس اوروبا ثوربيورن ياغلاند بان كي مون لانه وافق على المشاركة في افتتاح اول "منتدى عالمي للديموقراطية". وشدد على التفاوت بين "الامال" التي اثارها الربيع العربي في العام 2011 وبين "واقع 2012". واضاف ياغلاند ان الشعوب العربية عندما انتفضت على الانظمة القمعية "طالبت بديموقراطية تمثيلية وبانتخابات عادلة وبحياة لائقة وباحلال العدالة الاجتماعية". لكنه تابع "ستلاحظون بسهولة ان واقع 2012 مختلف عن امال 2012". وتابع الرئيس السابق لحكومة النروج ان "العديد من المتظاهرين وخصوصا بين الشباب لا يزالون يعانون من الاحباط بسبب جمود الدكتاتوريات القمعية وايضا لان التغييرات بطيئة للغاية لانهم لا يمضون بعيدا لتحقيق اهدافهم". وتوجه بان كي مون بعد ذلك الى باريس حيث التقى عصرا وزير الخارجية لوران فابيوس ثم رئيس الوزراء جان مارك ايرولت. ولم يدل باي تصريح لدى خروجه من هذين اللقاءين.