تضاربت الأنباء أمس، في شأن خطف عشرات المواطنين اللبنانيين المسيحيين في بلدة ربلة السورية التي تقع في منطقة متداخلة مع الحدود اللبنانية بعد معبر جوسيه مقابل بلدة القاع اللبنانية، وهي منطقة زراعية. وأطلق بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام نداء إلى «جميع الأطراف لاحترام المدنيين وإنقاذ أرواح الأبرياء». وقال تعليقاً على أنباء ربلة: «أطلب من الله أن يساعد المساكين والأبرياء». وكان مصدر محلي في ربلة قال لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، إن مسلّحين سوريين وآخرين لبنانيين خطفوا أول من أمس، نحو 150 مزارعاً أثناء قيامهم بقطف التفاح في منطقة ربلة، واقتادوهم إلى جهة مجهولة ولم يُعرف مصيرهم حتى اللحظة. وأعلنت محطة «المنار» التابعة ل «حزب الله» نبأ خطف اللبنانيين في البلدة، وسارع عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية غازي زعيتر إلى عقد مؤتمر صحافي في المجلس النيابي أكد فيه نبأ «خطف عشرات من أهالي ربلة السورية المتداخلة مع الحدود اللبنانية على يد عناصر من الجيش السوري الحر من خلال تسرب هؤلاء العناصر إلى داخل الحدود اللبنانية». وسأل زعيتر: «إلى متى ستبقى هذه السيادة اللبنانية مستباحة سواء أكان داخل الأراضي اللبنانية أم على اللبنانيين الذين يقطنون داخل الأراضي السورية على الحدود اللبنانية السورية المتداخلة؟». وقال إن الخطف شمل «العشرات من الشباب اللبناني ومن الشيوخ والأطفال والنساء في بلدة ربلة الواقعة داخل الأراضي السورية، بعد القاع مباشرة. وهؤلاء المخطوفون من إخواننا وأهلنا من الطائفة المسيحية الذين يسكنون في تلك البلدة، التي فيها تنوع طائفي، لكن الأكثرية من الإخوة المسيحيين». وناشد رئيس الجمهورية ميشال سليمان وجميع المعنيين «اتخاذ موقف بهذا الخصوص»، وسأل: «ما ذنب هؤلاء اللبنانيين حتى يتم خطفهم ولا نعرف ما هو مصيرهم. خصوصاً أن ما يعرف بالجيش الحر، أو هذه العصابات، يرتكب المجازر ويقتل ويذبح من دون شفقة ولا رحمة ولا رادع من ضمير، والهدف هو القتل وإنزال الرعب في نفوس المواطن». وعادت «المنار» وأعلنت لاحقاً نقلاً عن مصادر أمنية أنه تم الإفراج عن 220 مواطناً لبنانياً وسورياً خطفوا من ربلة. ونقلت وكالة «يونايتد برس» عن مصدر أمني «أن المسلّحين يحتجزون الرهائن في مدرسة بلدة جوسيه الرسمية قرب الحدود اللبنانية، وأنهم أفرجوا عن النساء صباح اليوم (أمس)». وقال إن المعلومات تشير إلى أن «الخاطفين سيطالبون بفدية أو بمطالب خاصة مقابل الإفراج عن الرهائن». الفاتيكان وفي تطور للحادث، أعلنت وكالة «فيدس» الفاتيكانية أن «المختطفين في قرية ربلة السورية قرب الحدود اللبنانية هم مزارعون من طائفة الروم الملكيين الكاثوليك». ونقلت الوكالة عن مصادر محلية أن «عملية اعتقال كبيرة ل 150 مواطناً مسيحياً من طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، سببت صدمة كبيرة لدى سكان قرية ربلة الواقعة على الحدود اللبنانية ومدينة القصير في محافظة حمص». وأضافت المصادر «أن الأمر يتعلق بعمال وفلاحين، شباب ونساء، كانوا يعملون في الحقول على بعد بضعة كيلومترات عن القرية، لجني التفاح الذي يُعدُّ مصدراً رئيسياً للرزق للسكان المحليين». وقال والد أحد المخطوفين للوكالة: «سمعنا رشقات نارية وهرعنا إلى المكان لرؤية ما كان يحدث، فشاهدنا العديد من الحافلات والشاحنات تأخذ الناس بعيداً ولم يبق في الحقول سوى صناديق التفاح». وأشار إلى أن «هذه المنطقة كانت على مدى شهور تحت سيطرة العصابات المسلحة وفي الأسابيع الأخيرة لم يكن باستطاعتنا الاهتمام بالأشجار في الحقول لانعدام الأمن، ثم بفضل مبادرة من محافظ حمص، بدت الأوضاع في تحسن». وقال: «نحن قرية هادئة، على مقربة من مزار النبي إيليا الذي يصلي له المسيحيون والمسلمون، ولا نريد إلاّ العيش بسلام مع الجميع». وقالت الوكالة الفاتيكانية إن بعض القادة المسيحيين يحاولون الاتصال بالمنظمات غير الحكومية المحلية والمنظمات الدولية للحصول على مساعدة في هذا الوضع المأسوي. وتبعد ربلة عن مركز الأمن العام السوري أمتاراً قليلة، وامتدادها الجغرافي على منطقة نهر العاصي غرباً وتقع على الطريق الرئيسة. ويعتبر الوجود المسيحي فيها امتداداً للوجود المسيحي في القاع ورأس بعلبك والفاكهة.